رغم مخاطر كورونا.. البالة خيار الأهالي الأول في ريف حلب


وجد الكثير من أهالي ريف حلب الشمالي في الألبسة المستعملة (البالة) بديلاً مناسباً عن الألبسة الجديدة التي ارتفعت أسعارها إلى مبالغ خيالية تفوق المدخول الشهري لغالبية العائلات التي تقطن في المنطقة، رغم ما قد تحمله تلك الملابس من مخاطر لانتقال فيروس "كورنا" المستجد (كوفيد-19)، ذلك أنها مستوردة في مجملها من أوروبا.

الإقبال على محال البالة ازداد في الآونة الأخيرة بسبب الفرق الكبير في الأسعار والجودة، وفق "بلال الخطيب" صاحب أحد محال بيع الألبسة المستعملة في مدينة أعزاز، مضيفاً أنّ "أغلب البالة الموجودة في ريف حلب الشمالي أوروبي المصدر، ويتم إدخالها إلى المنطقة عن طريق تركيا، وتختلف أسعارها تبعاً لنوعية البضاعة وجودتها".

وأردف قائلاً: "هناك سعر موحد تقريباً في جميع المحلات، فأي صنف من الألبسة الرجالية المستعملة لا يتجاوز سعره 6000 ليرة سورية، أمّا الألبسة النسائية فتتراوح أسعارها بين 2500 و7000 ليرة تبعاً لجودتها، في حين يتراوح سعر ألبسة الأطفال بين 500 و2500 ليرة، وهذا الصنف ارتفعت أسعاره مؤخراً بفعل زيادة الطلب عليه واقتراب فترة العيد".

وبحسب "الخطيب" فإنّ البالة تشكل حوالي 70% من المشتريات في منطقته، وما يجعلها مرغوبة لدى الأهالي هو الجودة والمتانة العاليتين، فضلاً عن وجود قطع جديدة بينها.


سوق البالة.. متنفسٌ لأرباب الأسر

"أبو أحمد" وهو نازحٌ من محافظة دير الزور، يقطن منذ عدّة سنوات في منطقة الباب شرقي حلب، ويعيل أسرةً مكونة من 5 أفراد، يرى بأنّ سوق البالة هو المتنفس الوحيد لتأمين حاجة أفراد عائلته من الملابس والأحذية، في ظل موجات الغلاء المتتابعة التي تشهدها المنطقة والظروف الاقتصادية المتردية التي يعاني منها.

وأضاف "أبو أحمد" في حديثه لـ"اقتصاد" قائلاً: "تمتاز الألبسة المستعملة بتشكيلتها الواسعة، فضلاً عن أسعارها الرخيصة نسبياً؛ إذ تصل تكلفة الألبسة الجديدة للشخص الواحد لنحو 30 ألف ليرة سورية، بينما يمكن الحصول على ألبسة مستعملة بنوعية جيدة وبسعر مقبول بمبلغ لا يتجاوز 10 آلاف ليرة للشخص الواحد".


تدابير وقائية

بدورها قالت "أم حسن" وهي أرملة وأمٌ لثلاثة أطفال من منطقة الغوطة الشرقية بريف دمشق، وتقيم حالياً في مدينة عفرين، لـ"اقتصاد"، إنّها تأتي لمحلات البالة مجبرة؛ ذلك أنّ ظروفها المادية والمعيشية أصبحت صعبة ولا تسمح لها بشراء الألبسة الجديدة بينما أسعار ألبسة البالة ولا سيما تلك المخصصة للأطفال مقبولة نوعاً ما وأرخص بكثير.

وأضافت: "أبعدت سوق البالة حملاً ثقيلاً عن كاهلي؛ حيث تمكنت من إكساء أطفالي الثلاثة من ملابس وأحذية مناسبة لفترة العيد، وما بعدها، بمبلغ لم يتجاوز 20 ألف ليرة سورية، بينما إذا أردتُ شراء الألبسة الجديدة فأنا بحاجة إلى مبلغ لا يقل عن 15 ألف ليرة لكل طفل".

وعن مخاوفها من احتمالية انتقال فيروس "كورونا" من خلال الألبسة المستعملة، أوضحت "أم حسن" قائلة: "ألتزم ببعض التدابير الوقائية للحيلولة دون انتقال أي أمراض محتملة عبر ألبسة البالة، وذلك عن طريق استعمال الكمامات والقفازات الطبية عند ملامستها وشرائها، بعدها أقوم بغسلها جيداً وتعريضها لأشعة الشمس لفترات طويلة قبل إلباسها لأطفالي".


وبالعودة إلى "أبو أحمد" فقد أكدّ على أنّه لم يلتفت كثيراً للتحذيرات من موضوع انتشار فيروس "كورونا"، إذ ما يزال يواظب على شراء الألبسة المستعملة من أسواق البالة وسط حركة إقبالٍ كبير من أقاربه وجيرانه على شرائها، لما تتميز به هذه الألبسة من جودة بالأقمشة ودقةٍ في الصناعة.

فيما قلل "الخطيب" من مخاطر انتشار الفيروس؛ ذلك أنّ الفيروس لا يعيش طويلاً على الأقمشة، إذ أنّ ألبسة البالة تقطع رحلة طويلة تمتد لآلاف الكيلومترات من منشئها إلى تركيا، ومنها إلى الشمال السوري، بعد ذلك يتم كيها وتعقيمها وفرزها قبل عرضها في مراكز البيع.

وأشار "الخطيب" إلى أنّ مهنته لم تتأثر كثيراً بفيروس "كورونا"، وإنّما انخفض هامش الربح لديه، بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار الذي يتم عبره إبرام عقود بيع وشراء "طرود" البالة من المستوردين والتجّار الكبار، ومع تراجع أرباحه إلاّ أنّه لا يستطيع –كما يقول- أن يرفع الأسعار على الزبائن، لأنّ غالبية العائلات ليس لديها قدرة شرائية بحكم أوضاعها المادية والمعيشية السيئة.


ترك تعليق

التعليق