من خلال فن الأوريغامي الياباني.. لاجئ سوري يبدع مجسمات ورقية ملونة في مخيم الأزرق


داخل كرفانة معدنية وسط مخيم الأزرق- شرق الأردن، اعتاد اللاجئ السوي الشاب "محمد الشيخ خالد" على الجلوس لساعات بصحبة الورق الملون ليصنع بأنامله الماهرة مجسمات ورقية عُرفت عالمياً باسم "فن الأوريغامي"، مستخدماً خياله الواسع وحرفيته الفنية في تحويل هذا الورق المهمل الذي لا يكاد يثير الإنتباه إلى قطع فنية تنطق بالجمالية والإبداع.


و"الأوريغامي" فن ياباني تقليدي يعتمد على تحويل الورق المسطح من خلال تقنيات الطي إلى جسم ثلاثي الأبعاد له شكل محدد عادةً ما يشبه كائناً ما أو حالة عامة. وعادةً ما يكون الورق المستخدم مربع الشكل وصغير الحجم وأطرافه تكون من عدة ألوان.


وينحدر الشيخ خالد من مدينة حمص 1998، تعلم الرسم في الثانية عشرة من عمره وكذلك فن الأوريغامي الذي تعرف عليه عندما كان يقلب قنوات التلفاز ذات يوم ليجذبه برنامج يتحدث عن فن طي الورق origami الياباني الأصل، فدفعه فضوله إلى البحث عنه عبر شبكة الانترنت.


 وروى الشيخ خالد لـ "اقتصاد" أنه تعلم أصول هذا الفن وأسراره بعد ذلك على يد أستاذه "بلال عرفة" وهو فنان تشكيلي ومدرب في فرقة راقصة، الذي مكّنه من إتقان هذا الفن بحرفية عام 2015، مضيفاً أنه لجأ بسبب ظروف الحرب إلى الأردن بتاريخ 27/4/2016.


ونظراً لأوقات الفراغ التي يشعر بها في مخيم الأزرق استعاد عشقه لهذه الهواية التي وجد فيها وسيلة للتعبير عن مشاعره. وعلى الرغم مما تركته الحرب من تداعيات على كل السوريين خلال السنوات التسع الماضية، والنزاعات المسلحة التي لا تنتهي، لم يُحبط الشاب العشريني وظل يمارس هوايته بحب وحماس فائقين.


ويمضي عاشق الورق ساعات وأياماً بين أدواته المتمثلة بمشرط ومقص ولوح زجاجي ولاصق من النوع الجيد ساعياً لاستغلال ما يراه من الورق الذي يحصل عليه أحياناً من شقيقته الصغرى التلميذة في إحدى مدارس الأزرق ليحوله من شيء غير مستخدم إلى تصميمات فنية يحتفظ ببعضها في أرجاء خيمته ويقوم بإهداء بعضها الآخر لمعارفه وأصدقائه.


وقبل أن يشرع الشيخ خالد في تنفيذ أعماله يرسم أفكاره على الورق ويتصور فكرة العمل وكيف سيكون، وفى معظم الوقت بتخيل الشكل النهائى بكل تفاصيله قبل الشروع بالعمل، وبعد ذلك يختار الورق المناسب الذى يختلف حجمه ونوعه حسب طبيعة العمل الفني الذى سيقوم بتنفيذه، ثم يبدأ بتصميم المجسم بعد أخذ القياسات اللازمة ويبدأ بعدها بقص الورق ومباشرة العمل.


 ولفت الفنان الشاب إلى أنه يركز في موضوعات مجسماته على الطبيعة كالزهور والورود الملونة والأشجار التي يحرص على أن تكون بأدق التفاصيل وكذلك دمى الأطفال مثل بابا نويل وراقصات الباليه ودمى الحيوانات كالأرانب والدببة والفراشات وغيرها، ويحرص أن تكون بألوان زاهية أقرب إلى الواقع وتبعث البهجة والسرور في قلوب الكبار والصغار وتبدو لمن يراها وكأنها مصممة من معدن أو مصنعة باستخدام ماكينات آلية.


ولا يجد محمد صاحب الـ 22 عاماً أي صعوبة في تصميم مجسماته الملونة لأن خياله واسع ولديه عشق لهذه الهواية، ولكن الصعوبات التي يواجهها تتعلق بعدم توفر الدعم المادي لفنّه، وعدم وجود جهة تتبنّى موهبته، إضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الخام التي يستخدمها في عمله مثل الكرتون واللواصق، وكذلك عدم وجود تسويق لأعماله التي تغص بها خيمته.


ويحرص الفنان الشاب على حماية مجسماته بعد إنجازها من عوامل المناخ من ماء أو شمس أو غبار من خلال طليها بالغراء الأبيض أو الصمغ أو رشّها بمثبت شفاف لتبدو أجمل في أعين الناظرين قبل أن يضعها في صندوق ورقي صممه لهذا الغرض.







ترك تعليق

التعليق