ورق العنب.. مصدر دخل لبعض الأسر في درعا


تشهد معظم  مناطق محافظة درعا، خلال شهر رمضان المبارك، إقبالاً كبيراً على استهلاك ورق العنب الأخضر، الذي أصبح أحد المصادر الهامة المدرة للدخل، للعديد من المزارعين والأسر في المحافظة.

وأشارت مصادر مطلعة، إلى أن ورق العنب، المحشو بالرز واللحمة، أو ما يعرف بـ "اليبرق"  أو "ورق الدوالي"، أصبح أحد أهم الأطباق الرئيسية على موائد أهالي درعا، خلال شهر رمضان المبارك، وذلك لتوفره بكميات كبيرة، ولرخص أسعاره, مقارنة مع أسعار باقي الخضار التي تشهد ارتفاعات غير مسبوقة.

ويقول "أبو أنور"، 59 عاماً، وهو صاحب مزرعة عنب، تمتد على مساحة تقدر بنحو خمسة دونمات، إنه بدأ هذا العام بقطف أوراق العنب وبيعها في أسواق المحافظة، بعد أن زاد الطلب عليها خلال شهر رمضان، لافتاً إلى أنه يبيع الكيلو غرام  الواحد منها بنحو 1600 ليرة سورية للمستهلك مباشرة، و بـ 1400 ليرة سورية للتجار، إذا كانت الكميات كبيرة.

وأضاف أنه يبيع ما بين 30 و50 كيلو غرام يومياً، سواء أكان ذلك عن طريق البيع المباشر، أو التواصي، كون العنب في مزرعته يعد  من النوعية الجيدة، التي تتميز أوراقها  بكبر حجمها، ومذاقها الحامض، الذي يضفي طعماً لذيذاً على طبق اليبرق.

وأشار إلى أن ورق العنب، كان في السابق يقدم مجاناً لمن يطلبه، لكنه الآن، وبسبب الظروف الاقتصادية السيئة، التي يعاني منها بعض المزارعين جراء الحرب وغلاء المعيشة، أصبح يباع كأي سلعة استهلاكية، وبات يشكل مصدر دخل جيد لبعض المزارعين، والأسر الباحثة عن عمل موسمي، حيث يساعدها العمل في هذا المجال، على  تأمين جزء من احتياجاتها الضرورية، لاسيما خلال هذا الشهر الفضيل، الذي تزداد فيه المصاريف والنفقات.
 
من جهتها، أكدت أم سامر، 48 عاماً، وهي أرملة ومعيلة لأسرة، أنها وجدت في قطاف ورق العنب بالأجرة، مصدر دخل جيد، لاسيما في هذه الأيام الرمضانية المباركة.

 وأشارت، إلى أنها تعمل مع بناتها الثلاث في عملية القطاف، التي تمتد ما بين 3 وأربع ساعات كل يوم، وتحصل لقاء ذلك على أجرة، تقدر بنحو 5000 ليرة سورية.

وأضافت أن العمل في قطاف أوراق العنب، يبدأ تقريباً من منتصف شهر نيسان، وحتى نهاية شهر حزيران، ويتم إما في ساعات الصباح الأولى، وإما في ساعات المساء، موضحة أن إنتاج المزارع المحيطة من فائض ورق العنب يسوق كله تقريباً وبأسعار جيدة.

ولفتت إلى أن الأهالي يشترون ورق العنب بكميات كبيرة، وذلك إما لاستهلاكه بشكل مباشر، وإما بهدف تخزينه لاستهلاكه في فترات لاحقة خلال العام، مشيرة إلى أن بعض الأسر الحورانية، تمون ما بين 7 و10 كيلوغرام كل عام، وذلك من خلال تخزينها بعلب بلاستيكية، محكمة الإغلاق، أو من خلال تخزينها في البرادات، في حال توفر التيار الكهربائي.

وتقول وصال الأحمد، وهي مختصة في الفنون النسوية، إن طريقة تحضير أوراق العنب وتجهيزها للطبخ سهلة وبسيطة، وتقوم على غلي أوراق العنب بماء ساخن، لمدة عشر دقائق، سواء أكانت الأوراق غضة أو مخزنة ومن ثم يتم مدها على سطح أملس، والبدء في  حشوها بعد أن تكون ربة المنزل قد حضرت الحشوة، المكونة من الرز والبهارات واللحمة والثوم، مسبقاً.

ولفتت إلى أن عملية حشو "اليبرق" تقوم على مد  أوراق العنب على سطح أملس، ووضع الحشوة داخلها، ومن ثم لفها بطريقة اسطوانية وإغلاقها من الطرفين، ثم يتم ترتيبها بطريقة جميلة في الحلة المخصصة للطبخ، ويضاف إليها الماء والملح والزيت، وقطع الماجي والثوم، وتترك فوق النار حتى تنضج، مشيرة إلى أن عملية الطهو تستمر أكثر من نصف ساعة.

وقالت إن عملية تحضير "اليبرق"، تختلف من أسرة إلى أخرى، ويعود ذلك إلى رغبة الأسرة، وإمكانياتها المادية، لافتة إلى أن  هناك أسر تكتفي بحشوة مكونة من الرز، والتوابل، والثوم، وبعض المنكهات والماجي، وتتراوح تكلفة هذا الوجبة التي تكفي خمسة أشخاص، ما يقارب الـ 4000 ليرة سورية، على اعتبار أن  سعر الكيلوغرام من ورق العنب 1600 ليرة سورية، وكيلو الرز 850 ليرة سورية، وقطعة "الماجي" 200 ليرة سورية، وكيلو اللبن 400 ليرة سورية، وبعض الليمون الحامض بـ 500 وعدد من حبات الثوم بـ 500 ليرة سورية.

وأضافت أن هناك عائلات تستخدم مع الرز، اللحمة المفرومة، وتضع تحت حبات اليبرق، "عصاعيص الغنم" أو أجنحة الدجاج، لافتة إلى أن تكلفة هذه الوجبة، التي تكفي  خمسة أشخاص، تقدر بأكثر من 10 آلاف ليرة سورية في هذه الحالة، على اعتبار أن سعر النصف كيلوغرام من لحم الغنم المضاف إلى الحشوة، يقدر وسطياً بـ 5 آلاف ليرة سورية، وكيلو جوانح الدجاج بـ 2500 ليرة سورية.

يشار إلى أن محافظة درعا، تعد من المحافظات السورية التي تميزت بزراعة الكرمة، وقد بلغ عدد أشجار الكرمة في المحافظة، في فترة ما قبل الثورة السورية، نحو مليوني شجرة، تنتج نحو 60 ألف طن من عنب المائدة، لكن هذا العدد تراجع خلال فترة الحرب التي تشهدها البلاد إلى ما دون 600 ألف شجرة تنتج حوالي 16 ألف طن من عنب المائدة.


ترك تعليق

التعليق