هل تؤثر الخلافات الزوجية بين اللاجئين على قضايا الإقامة الدائمة أو الجنسية؟


تفاقمت في الآونة الأخيرة المشاكل الزوجية في أوساط اللاجئين بألمانيا وباتت تشكل ما يشبه الصدمة أمام الرأي العام هناك، ولكن هذه الخلافات وإن كانت لا تصل بمجملها إلى الانفصال إلا أنها تحمل في داخلها مشاكل صعبة الحل، وتؤثر سلباً على ملفات الإقامة الدائمة أو الجنسية على كلا الطرفين.

ولفت مدير المنظمة العربية الأوروبية لحقوق الإنسان في برلين "محمد كاظم هنداوي" في حديث لـ "اقتصاد" إلى أن معظم الخلافات بين الزوجين اللاجئين تحصل بسبب مشكلة ما ويتم استدعاء الشرطة إذا وصلت الأمور إلى طريق مسدود أو تعرض أحد الزوجين للضرب أو التهديد بالقتل من قبل الطرف الآخر، وترفع عادة دعوى من أحدهما ضد الآخر، وقد يتفاقم هذا الموضوع ليؤدي إلى الطلاق، واستدرك المصدر أن كلمة دعوى في العرف الألماني تعني بحد ذاتها أن هناك عقوبة ستترتب على المدعى عليه بسبب الضرب أو التهديد بالقتل مثلاً رغم أننا اعتدنا في موروثنا العربي على إطلاق كلمات وعبارات عفوية غير مقصودة ولكن في البلدان الأوروبية لكل كلمة معانيها وحساباتها.

وفي حال أراد أحد الزوجين التنازل عن الدعوى وإعادة المياه إلى مجاريها يصطدم بما يُطلق عليه "الحق العام"، فالمخالفات تزول والحق العام يبقى مما يجعل الحساسية والمشاكل تعود من جديد، ولذلك على الزوج والزوجة-بحسب هنداوي- إعادة التفكير وعدم مخالفة القانون في جوانب قد تبدو صغيرة بالنسبة إليهما والعد للألف قبل استدعاء الشرطة وتفاقم هذه المشاكل.

وأشار المصدر إلى أن الشرطة تقوم عادة بإبعاد الزوج عن الزوجة لحمايتها –حسب زعمهم- وهنا يتحول الموضوع إلى جانب قضائي بحت لأن التهديد بغض النظر عن موضوع الطلاق والخلافات الأسرية جريمة بحد ذاته ويستلزم وجود قضية ومحاكم وشهود، وكل هذه المشاكل-كما يقول هنداوي- تؤثر على موضوع الجنسية والإقامة الدائمة لأن القانون الألماني صعب في هذا الجانب، وخصوصاً إذا كانت هناك ألفاظ تهديد بالقتل مثلاً فعقوبتها كبيرة ولذلك على اللاجئين فهم تداعيات المشكلات الزوجية عليهم بالدرجة الأولى.

 وأشار هنداوي إلى أن المنظمة الأوروبية العربية لحقوق الإنسان التي يتولى إدارتها لمست الكثير من الحالات التي أثرت على إقامة اللاجئين وخاصة الدائمة منها وعلى موضوع منح الجنسية، لأن هذه المشاكل لم تنته بطريقة نظامية، ولذلك على هؤلاء اللاجئين–حسب قوله- امتلاك الوعي والإدراك وأن يحسبوا أي كلمة يتلفظون بها لأن ألمانيا تؤمن كل شيء للمقيمين فيها ولكن بنفس الوقت لا يتهاون قانونها مع أي هفوة أو خطأ غير مقصود.

ولفت محدثنا إلى أن موظفي المنظمات الإنسانية الذين دأبوا على تقديم نصائح للاجئين بخصوص الانفصال يركزون عادة على ما يناسب الألماني في بلده وليس اللاجئ ولا يتم التعامل مع الموضوع كأسرة واحدة يجب المحافظة عليها وأن هناك مشاكل مترتبة على التفكك الأسري تنعكس على الأطفال بشكل خاص لأنهم جاؤوا من مجتمعات مختلفة عن المجتمعات الأوروبية لناحية التربية والثقافة والعادات والتقاليد.

 واستدرك أن "هذه النصائح المعطاة من موظفي المنظمات الاجتماعية والإنسانية وخصوصاً (السوسيال) لا تكون في مكانها أغلب الأحيان بل قد تكون معول هدم للأسرة اللاجئة بسبب تفاوت الثقافة والعادات والانتماء الديني والمذهبي".

 ونوّه الناشط المهتم بشؤون اللجوء إلى أن اللاجئين يفتقدون للوسيط النزيه في أماكن لجوئهم وهو في بلداننا الأخ أو الأخت أو العم أو الخال أو رجال الدين وجمعيات إصلاح ذات البين بينما اللاجئون ليس لديهم من يلجؤون إليه في حال حدوث المشكلات الأسرية.

وكشف محدثنا أن بعض المحاكم الألمانية كان لديها مستشارون في القانون السوري يقدمون النصائح ويرشدونهم إلى كيفية حل النزاعات الأسرية بحسب المعتاد في سوريا، ولكن هذه التجربة كانت غير مجدية-حسب قوله- لأن القاضي يستند بالمحصلة على مواد القانون الألماني.

وطالب هنداوي اللاجئين بإعلاء مصلحة الأسرة السورية فوق أي اعتبارات في بلدان اللجوء وعلى الجميع أن يعلموا أن أطفالهم أمانة بين أيديهم وعليهم أن يفكروا ملياً بأهاليهم الموجودين في المخيمات والداخل وتقديم نموذج لطالما طمحنا به لسوريا دون التخلي عن المبادئ والقيم واللحمة المجتمعية التي تبدأ من البيت.

 وختم المصدر أن تداعيات تفكك الأسرة في حياة اللاجئين ليست بسيطة في ظل هذه الأجواء الغريبة وإنما هي كارثة بكل معنى الكلمة وسيدفع الأطفال الثمن من حياتهم واستقرارهم ومستقبلهم.

ترك تعليق

التعليق