يونس وأبو حيدر "جوية" لا يرحمون من يفتح فمه في الساحل السوري


يصرخون من الجوع مع تحليق الأسعار عالياً في الساحل السوري. والراتب مجرد قروش تكفي لأيام لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، لكنهم يخشون الإشارة إلى المسبب الأول.

طلبات الأطفال والنساء تموت أمام عجز الرجال، والشحوب يعلو وجوه الناس في الشوارع، وأصبحت مقرمشات البطاطا حلم أي طفل يعيش من تعب وكدّ والده في الحلال.

تلاشت قيمة الليرة السورية وأصبح سعر "1" كغ من الأرز يتراوح بين "750 و1200" ل س، وليتر الزيت أصبح على مشارف الـ "2000" ليرة، وكيلوغرام اللحمة زاد عن الـ "10000" ل س.

لم تتمكن مؤسسة التجارة من ضبط الأسعار وتحاول فرض إرهابها على التجار، وإجبارهم على البيع بخسارة وتحت سعر التكلفة، وهم حائرون بين إغلاق متاجرهم أو التحايل على تعليمات الحكومة بالغش والتزوير أو المخالفة والتعرض للسجن وإغلاق المحلات قضائياً أو إدارياً بالإضافة إلى السجن، أو الهروب خوفاً من توجيه تهم أمنيّة لمن لا يدفع أو يرضخ منهم.

موظفو الدولة عليهم أن يوفِّقوا بين حاجتهم للمال عن طريق الرشوة من أجل إكمال مصاريفهم، أو لإشباع عادة قديمة لديهم، فمن شب على فساد واعتاد عليه لا يمكنه التخلص من عادته، واضطرارهم لتنظيم ضبوط لذرّ الرماد في العيون، وتبييض وجه مؤسساتهم، ولإظهار الدولة بمظهر من يقف مع المواطنين في مكافحة الغلاء والغش.

يتساءل "أبو أحمد"، موظف في بلدية اللاذقية، عن الحل. فراتبه يكفيه لبضعة أيام، بعد مقارنته بما كان عليه قبل سنوات. يقول: "أنا أقبض قروشاً. راتبي يكفيني لشراء فروجين و2 كغ لحمة شهرياً، وهذا أقل ما تحتاجه عائلتي المكونة من ستة أشخاص، أنا وزوجتي وأطفالي الأربعة".

نظر في وجه السائل من موقع "اقتصاد" عن كيفيّة تدبير بقية مصاريف الشهر، وأجاب: "نحن جائعون بكل معنى الكلمة، لقد حرمنا أنفسنا من كل شيء من أجل البقاء على قيد الحياة".

وأضاف: "أعمل بعد الظهر وحتى منتصف الليل في محل حلويات، بأجر يتراوح بين (20 و25) ألف ليرة شهرياً حسب المبيع، وأتقاضى راتبي 45 ألف ليرة شهرياً، بعد اقتطاع قسط البنك البالغ 10 آلاف ليرة، ويصبح دخلي الشهري بما يعادل 60 ألف ليرة".

أضاف: "إن أكلت مع عائلتي فلافل فقط، فأنا أحتاج إلى 18 سندويشة يومياً، وسعر كل واحدة 300 ليرة، أي ما يعادل 4800 ليرة يومياً، وهذا يعني أنني أحتاج شهرياً إلى 144 ألف ليرة".

رفض تكملة الحديث مع "الموقع" وقال قبل أن يمضي: "خليها على الله".

رغم كل الجوع والألم وانتشار الفساد فهم لا يجرؤون على الإشارة إلى السبب الحقيقي في فقرهم، ويتجاهلون المليارات المسروقة من دخل الشعب السوري خلال فترة حكم آل الأسد.

الشكوى لا تأتي بنتيجة كما قال "وسيم إبراهيم" على صفحة "أخبار جبلة": "اللطم والندب لا يأتون بنتيجة من جهة، ومن جهة ثانية (يونس وأبو حيدر الجوية) جاهزون لمن يفتح فمه، والحل أن نموت بهدوء دون ضجة، كي لا نفسد سهراتهم، المسؤولون غير قادرون على إجاد حل ولا هالشباب الطيبة رح يرحمونا إذا فتحنا فمن وحكينا".

أفواه مفتوحة لا تنطق، وأمعاء تصرخ، وألم أكبر من الاحتمال، ومازال طاحون آل الأسد يدور ليمزّق الأرواح والأجساد، ويفتح السجون والمقابر، بعد أن دمر الوطن وهجر البشر، غير عابئ بجوع عائلات من ماتوا لأجل كرسي سيادته الساقط.

ترك تعليق

التعليق