صحفي سوري يحول الأشياء التالفة إلى قطع ومجسمات جمالية


في ظل مكوثه بالمنزل بسبب أزمة كورونا يسترق الصحفي السوري "عبسي سميسم" جزءاً من أوقاته المنذورة لمهنة المتاعب ليقوم بتحويل مخلفات أوراق الصحف والمواد التالفة إلى مجسمات وأشكال فنية، ويبدو منزله في مدينة اسطنبول أشبه بمتحف يضم عشرات القطع الفنية التي صممها من الأشياء التي لا قيمة لها، كعلب الكرتون والنوابض والأوعية البلاستيكية والزجاجية والأكياس وأوراق الصحف والمناديل الورقية وسواها، ليحولها إلى قطع جمالية تزين الجدران والرفوف وزوايا المنزل المنسية.


يعمل سميسم الذي ينحدر من مدينة بنش بريف إدلب كمسؤول عن الملف السوري في موقع وصحيفة العربي الجديد، وبدأ بالنشر في عدد من الصحف والمجلات السورية منذ عام 2001 ثم عمل بين عامي 2008 و2011 كمدير تحرير لمجلة الهندسة والمقاولات التي تصدر في دمشق، وكذلك مسؤلاً عن صفحة قضايا بصحيفة الخبر الاقتصادية، وكان بصدد تأسيس شركة انتاج وثائقي وموقع اخباري ولكنه مع بداية الثورة وانحيازه لها ترك كل عمله السابق وحول مكتبه الذي كان يستأجره في شارع 29 أيار بدمشق إلى غرفة عمليات لإرسال الفيديوهات والأخبار التي ترده من مناطق المظاهرات إلى القنوات ووسائل الإعلام العربية والعالمية واشتغل منذ منتصف عام ٢٠١١ إلى منتصف ٢٠١٢ مراسلاً لجريدة "الشرق" السعودية باسمه الحقيقي، وعند تعميم اسمه على أجهزة الأمن اضطر للهروب إلى مسقط رأسه، وبقي إلى بداية العام 2013 حيث أنجز عدداً من التقارير الصحفية وفيلمين وثائقيين، وأسس بعدها صحيفة "شام" الاسبوعية التابعة لشبكة شام إلى حين توقف تمويلها فأسس بعدها صحيفة "صدى الشام" التي بقيت تُطبع وتُوزع في المناطق المحررة إلى بداية العام ٢٠١٩.


وكان سميسم كما يروي لـ"اقتصاد" يهتم بهواية تحويل النفايات إلى أشكال فنية منذ أكثر من 20 عاماً ولديه اهتمام باستخدام قوانين الفيزياء والكيمياء في بعض التطبيقات، إضافة لهواية بتركيب دارات إلكترونية تخدم هذا المجال-كما يقول- ومع بداية أزمة كورونا واضطراره للعمل في المنزل خطرت لسميسم فكرة في إشغال وقت فراغه والتخلص من كمية من الصحف اليومية التي تملأ أرجاء مكتبه فقرر أن يعود إلى هوايته القديمة لاستثمار هذا الوقت في ظل الحجر المنزلي في تصميم أشياء جمالية، ومفيدة، وتحويل أوقاته بما فيها الصعبة إلى طاقة إيجابية وقدرة على العطاء.


 ولفت سميسم إلى أنه كان ولا يزال يتمتع بالقدرة على تخيل أي شكل، وكيف يمكن أن يصبح في حالة تحويره أو تعديله، مضيفاً أن علبة الكولا مثلاً يمكن تصميم أكثر من خمس أو ست نماذج جمالية مختلفة منها، أو تصميم جذع شجرة بعجن ورق الجرائد مع الغراء وبعض المواد الأخرى فيتحول إلى شكل يشبه لحاء الشجر الطبيعي، ودأب-كما يقول- على تصميم عبوات المياه الكبيرة لتصبح بشكل جذع شجرة يخرج منها فرع يتم توظيفه كـ "لمبادير" بعد إضافة شرائح خشب طبيعية لتعطي شكل الشجرة، وأحياناً يقوم بتلبيس المعجونة على أشكال مثل الصحون أو جزء من عبوة ماء أو علبة كولا، أو قد يحول علبة لبن فارغة إلى شكل جذع ويضع لها حنفية لاستخدامها في تقديم الماء أو العصير مع إضافة بعض الأشياء كالدهان ولمبات الكهرباء أو الحنفيات وغيرها، ويستخدم في أعماله–كما يقول- أدوات بسيطة عبارة عن خلاط الفواكه وفرد السيليكون وسكيناً مقصاً، إضافة إلى المواد المستهلكة وكل ما تنتفي الحاجة إليه كعلبة الكولا أو المياه الفارغة أو الصحون البلاستيكية أو القموع وغيرها.


غير أن أميز مجسمات سميسم تلك التي يستخدم فيها قوانين الفيزياء والكيمياء مثل مجسم سفينة تسير على ضوء الشمعة وتصدر صوتاً كصوت المحرك كما تسير على الماء، موضحاً أنه لجأ لوضع خزان ماء أعلى مجسم السفينة وقام بوصله بأنبوب نحاسي حصل عليه من محرك براد، وتم إنزال الأنبوب داخل جسم السفينة المصنوعة من علبة سردين كبيرة، وغمر الأنبوب في الماء بمؤخرة السفينة، ولدى اشتعال الشمعة يتبخر ماء الخزان نظراً للحرارة المنبعثة، ويخرج هذا البخار من قلب الماء ويصدر صوتاً يشبه صوت محرك الباخرة التي بمقدورها أن تمشي فوق سطح الماء أيضاً.


ويتم استغلال وإعادة تدوير ورق الجرائد المستهلك أو الذي أصبح بلا قيمة في التخلص من النفايات وأيضاً التقليل من التلوث، إضافة إلى التخفيف من استخدام المواد الخام من أجل صنع مواد جديدة وأيضاً تقليل إستهلاك الطاقة حيث أن عملية التدوير تستهلك طاقة أقل من عملية صناعة مواد جديدة.


ويأمل سميسم بالمشاركة في المعارض أو تنظيم معرض خاص بأعماله للفت الانتباه إلى أهمية تدوير النفايات وتحويلها إلى قطع فنية.


ترك تعليق

التعليق