أسعار ملتهبة وكساد.. رصد لأسواق الحلويات بدمشق


لم تمنع الحالة الاقتصادية السلبية التي يعيشها سكان العاصمة دمشق السيدة أم محمود من التحضير لعيد الفطر عبر صناعة بعض الحلوى الشعبية المنزلية للتخفيف من آلام القهر والحرمان التي يعيشها أطفالها الثلاثة.

تقول لـ "اقتصاد": "لا بد من ممارسة بعض طقوس العيد لأسباب عديدة أبرزها إثبات الوجود في الحياة والتغلب على الظروف المأساوية ومسببيها وللشعور قليلاً بأنّنا بشر نُمارس ما نحب ولا زلنا أحياء".


تسيطر "قرقعة المصران" على المشهد في العاصمة دمشق بعد أن خفتت أصوات المتفجرات وغاب عنها هدير الطائرات الحربية وأزيز الرصاص خلال السنتين الفائتتين، وتقول الأمم المتحدة في هذا السياق أنّ أكثر من 85% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، يُضاف لذلك الأعباء الجديدة المتفاقمة جرّاء اقتراب تنفيذ قانون قيصر الأمريكي وما نتج عنه من هبوط حاد في سعر الليرة السورية التي وصلت خلال الأيام القليلة الماضية إلى 1800 ليرة مقابل الدولار الأمريكي الواحد.

وكما العادة منذ سنوات ترتفع أسعار الحلويات ومكوناتها في مواسم الأعياد والمناسبات، وبلغت نسبة ارتفاع أسعارها في العام 2018 عن السنوات السابقة بنحو 200%.


للتهرب من تأمين ثمن الحلويات وسط انعدام الموارد وفرص العمل وندرة ظروف الادخار قررت أم محمود اللجوء إلى مطبخها وصناعة حلوى منزلية بسيطة ذات تكلفة قليلة، كالكعك الذي تتألف مكوناته من زيت الزيتون والطحين وحبة البركة واليانسون والسمسم والخميرة والمحلب وجوز الطيب والزنجبيل.

كانت تتمنى لو تمتلك الامكانيات المادية لصناعة المعمول والبيتيفور بأصنافه، لكن ارتفاع أسعار العجوة والجوز والمكسرات وجوز الهند والسمسم دفعها إلى التخلي عنها.


حول التكلفة تقول إنّها بسيطة إذا ما قُورنت بسعر صرف الدولار لكنّها كبيرة جدّاً بالليرة السورية، حيث كلّف إنتاج 6 كيلو كعك ما يُقارب 13 ألف ليرة سورية، ونوّهت بأنّها لو أرادت شرائها جاهزةً من الأسواق لتكبدت ضعف المبلغ أو أكثر لذات الكمية.


في بداية سنوات الحرب التي فرضها نظام الأسد على السوريين عزف الكثيرون منهم عن شراء الحلويات الجاهزة جرّاء لهيب أسعارها وميلهم إلى صناعة الحلويات المنزلية بأنواعها الكثيرة، ومع تقدم سنوات الحرب وتعاظم آثارها السلبية على كافة المستويات لا سيما الاقتصادية اضطر الكثيرون إلى العزوف عن صناعة الحلويات المنزلية أيضاً والميل إلى تأمين مستلزمات المعيشة الأساسية.

صاحب محل حلويات في حي الميدان وصف لـ "اقتصاد" المشهد في الأسواق الدمشقية بالبائس، إذ لا حركة ولا نشاط ولا أصناف كما الأعياد السابقة لسنوات الحرب، منوهاً بأن حجم المعروض من أصناف الحلويات أكبر بكثير من حجم الطلب بسبب تأمل أصحاب المحلات بجني أرباح جيدة في الموسم، ولا يستطيعون تخفيض الأسعار كثيراً لوجود فرق كبير بين التكلفة وامكانيات المستهلك.


وأشار أنّ تكلفة التصنيع لا يُستهان بها، حيث تجاوز سعر كيلو السكر والطحين 700 ليرة، وكيلو الجوز 7000، و والسمن الحيواني 15000، والزبدة بنحو 7000، والسمن النباتي 2000، والسمسم 5000.


إضافةً إلى الحلويات تدخل العديد من المواد في قائمة تحضيرات العيد كالـ "الموالح و السكاكر والشوكولا والقهوة المرة"، وفيما يلي أسعار أبرز الأصناف في الأسواق الدمشقية بحسب ما رصد "اقتصاد":

(السعر بالليرة السورية لوزن كيلو غرام واحد)

الحلويات الفاخرة أو "الاكسترا" بالسمن الحيواني والفستق الحلبي:

مبرومة - بلورية - أسيا - معمول بالفستق - معمول بالجوز - أصابع كاجو - عش البلبل - هريسة: من 20000 إلى 32000.

حلويات متوسطة بالسمن النباتي والفستق العبيد:

مبرومة - بلورية - أسيا - معمول بالفستق - أصابع كاجو - عش البلبل - غريبة - برازق - نمورة - كول وشكور - هريسة - بتيفور: من 7000 إلى 13000.

حلويات شعبية:

معمول بالفستق - أصابع كاجو - عش البلبل - غريبة - برازق - نمورة - كول وشكور - هريسة - بتيفور - عوامة - مشبك - حلاوة بالجبن: من 3500 إلى 6000.


الشوكولا والسكاكر:

شوكولا: من 9000 إلى 15000.

فواكه مجففة - نوكا - ملبس: من 6000 إلى 9000.

الراحة - السكاكر: من 1500 إلى 2500.

الموالح:

كاجو مالح: 13000.

موالح مشكلة: 12000.

لوز مالح: ١٠٠0٠.

بزر أبيض كبير: 6000.

فستق سوداني مالح - بزر كوسا أبيض: 3500.

بزر أسود عادي - دوار الشمس: 3000.

كل من تكلم معهم "اقتصاد" لغرض إعداد هذه المادة أكّدوا أنّ السوق يعيش حالة فوضى هستيرية في ظل غياب أية جهات رقابية رسمية أو منظمات مجتمع مدني وجمعيات أهلية تهتم بتخفيف الأعباء عن الإنسان، لا سيّما وأنّ راتب الموظف الشهري البالغ في سقفه حوالي 35 دولار أمريكي لا يساوي ثمن 3 أو 4 كيلو حلوى دون احتساب بقيّة الملحقات.


وطالب مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في محافظة دمشق بمقاطعة الحلويات الجاهزة مُعترفاً بفشل الجهات الرسمية في الحد من الفوضى والتدخل الإيجابي لمصلحة المستهلك، واصفاً ذلك بالمشكلة الاجتماعية التي يشترك بها الجميع.


ترك تعليق

التعليق