نبذة عن معيشة أهالي درعا عشية عيد الفطر


على وقع وضع أمني هش، وانهيار غير مسبوق في قيمة الليرة السورية، تشهد محافظة درعا عشية التحضيرات والاستعدادات، لعيد الفطر السعيد، ارتفاعاً غير مسبوق لجميع أسعار المواد الاستهلاكية بشكل عام، وأسعار الملابس لاسيما منها ملابس الأطفال  بشكل خاص، الأمر الذي حد من عمليات البيع والشراء، وغيّب فرحة العيد المنتظرة عن عدد كبير من أطفال المحافظة.

وتشير العديد من المصادر في المحافظة، إلى أن غالبية الأسر الحورانية لم تتمكن هذا العام، من شراء ملابس جديدة للعيد كما اعتادت فعله في مثل هذه المناسبة من كل عام، وذلك بسبب الغلاء الفاحش، وعدم توفر السيولة المالية الكافية مع الأهالي.

 ولفتت المصادر، إلى أن نسبة لا بأس بها من سكان المحافظة الجنوبية، تعاني من فقر شديد، وشح  كبير في الموارد المالية، ومصادر التمويل، لعدم توفر فرص عمل دائمة، زاد على ذلك توقف الأنشطة المهنية، ومصادر الدخل، طيلة الشهرين الماضيين، على خلفية الإجراءات التي اتخذتها سلطات النظام، للحد من انتشار فيروس كورونا.

وأشارت المصادر، إلى أن الأسواق في محافظة درعا، تشهد حركة بيع وشراء ضعيفة خلال فترة التحضيرات لعيد الفطر، رغم توفر تشكيلة واسعة من السلع المعروضة.

لكن المصادر استثنت بعض قرى وبلدات ريف درعا الشرقي، التي كان تأثير الظروف الاقتصادية السيئة عليها، أقل وطأة من باقي المناطق الأخرى، بسبب الدعم المادي الكبير الذي يصلها من دول الخليج، حيث يشكل سكان تلك المناطق، خزاناً للأيدي العاملة المغتربة في دول الخليج منذ عشرات السنين. 

وأفادت المصادر، أن المساعدات المالية، والحوالات الشهرية، لسكان تلك المناطق، لم تنقطع حتى في أصعب الظروف، التي مرت بها المحافظة، مشيرة إلى أن التحويلات المالية، كانت ومازالت تصل  للأسر هناك، عبر كل القنوات، ومنها الرسمية التابعة للنظام، وبالأسعار التي يحددها، لافتة إلى أن أسواق تلك المناطق، دائماً مكتظة، وحركة البيع فيها، في أوج نشاطها في مثل هذه المناسبات.
 
وفي لقاءات مع الأهالي، عبّرت الأربعينية "أم مازن" وهي ربة منزل من ريف درعا الغربي، عن صدمتها الكبيرة من حمى الأسعار، التي وصفتها بأنها "كاوية" ومرتفعة عدة أضعاف عن أسعار العام الماضي.

وأضافت "السيدة الأربعينية" أن كل شي في السوق غالٍ، وما تملكه من مال لا يكفي كسوة اثنين من أولادها الأربعة، مشيرة إلى أنها ستضطر للاستدانة إن تمكنت، وتعود لشراء بعض احتياجات أطفالها.
 
فيما أكدت "سماح الحسن"، 36 عاماً، أنها لن تستطيع إدخال الفرحة إلى قلوب أطفالها هذا العيد، لأنها لا تملك المال لشراء ملابس جديدة لهم، لافتة إلى أن راتب زوجها، الذي يعمل موظفاً، بالكاد يكفي لسد احتياجات الأسرة من طعام وشراب في الحدود الدنيا.

فيما ـكد "سعيد المحمد"، 45 عاماً، وهو مزارع استلم للتو حوالة مالية من أخيه اللاجئ في ألمانيا قدرها "200 دولار أمريكي"، أن الأسعار غالية جداً هذا العام.

 ولفت إلى أن كسوة زوجته وأطفاله الثلاثة البالغة أعمارهم 13 و 11 و 3 سنوات، كلفته أكثر من  100 ألف ليرة سورية، وشملت عباءة نسائية لزوجته مع شالة، وحذاء نسائي بنحو 30 ألف ليرة سورية، إضافة إلى "مانطو" وشالة وبنطال وحذاء لابنته (13 عاماً  بنحو 35 ألف ليرة سورية وطقمين وبجامتين وحذاءين  لطفليه وحذاء له بالمبلغ المتبقي.

فيما أكد "أبو إسماعيل"، 35 عاماً، وهو عامل مياوم، أن فرحة أطفاله بشراء ملابس جديدة، ستؤجل إلى عيد الأضحى القادم،  وذلك لتعذر شراءها هذا العيد، لعدم توفر ثمنها، موضحاً أنه لم ينتج ليرة واحدة، منذ أكثر من شهرين، بسبب كورونا، وأنه يعيش بالدين، منذ ذلك الوقت، لعدم وجود عمل.
 
وفي جولة على بعض أسواق المحافظة، للوقوف على الأسعار حسب المتوفر من بضائع، لُوحظ أن سعر طقم الجينز، أو الكتان الولادي، المكون من سترة وبنطال وبلوزة، لعمر من أربع سنوات إلى 10 سنوات، يتراوح ما بين 6 آلاف إلى  12 ألف ليرة سورية، وسعر الحذاء يتراوح ما بين 4000 و 6000 ليرة سورية، فيما يتراوح سعر الفستان البناتي، لعمر 4 إلى عشر سنوات، ما بين 8 و15 ألف ليرة سورية، وذلك حسب النوعية.

فيما يبلغ سعر البنطال الرجالي ما بين 8 و 16 ألف ليرة سورية، أما أسعار البلوزات، فتتراوح ما بين 7 و 12 ألف ليرة سورية ومثلها القمصان الرجالية، أما الأحذية فيبدأ سعرها من 6 آلاف ويصل إلى نحو 20 ألف ليرة سورية.
 
مصادر مطلعة على  الأسواق، أكدت أن الرقابة التموينية غائبة، أو مغيبة، عن معظم مناطق محافظة درعا.

وأشارت تلك المصادر إلى أن التجار يستغلون حاجة الأهالي، ويبيعون السلع بأسعار مرتفعة جداً، رغم أن بعضها موجود في مخازنهم من فترات سابقة موضحة أن الذريعة لتبرير رفعهم للأسعار هي ارتفاع الأسعار من المنشأ، وأجور النقل العالية والحواجز التي تتقاضي أتاوات، وارتفاع أسعار الدولار، الذي مازال رغم جميع الإجراءات والعقوبات الزاجرة معياراً ترتفع على أساسه الأسعار ولا تهبط بهبوطه.


ترك تعليق

التعليق