"خميس" يمد يده لفلاحي "الغاب"


لو سألت أي سوريّ، ما هي الاستراتيجية الوطنية للتنمية الزراعية..؟، لاعتقد أنك تقرأ له من كتاب المنطلقات النظرية لحزب البعث العربي الاشتراكي، أو كتاب "الأخوان المسلمين.. نشأة مشبوهة وتاريخ أسود" من إصدارات القيادة القطرية في الثمانينيات. لأنه في ذلك الكتاب يتهم النظام، الحركات الراديكالية بتعطيل مشروع "البعث العظيم"، المتعلق بمشاريع التنمية الوطنية، ومنها الزراعية، والتي أصبحت سوريا بموجبها، تنتج تبغاً أكثر مما تنتج قمحاً.. وهو بيت القصيد في المشروع الذي أطلقته بالأمس، حكومة النظام في منطقة الغاب، تحت عنوان "الاستراتيجية الوطنية للتنمية الزراعية".

يقع سهل الغاب بين جبال اللاذقية غرباً وجبال الزاوية وشحشبو شرقاً، وما بين جسر الشغور شمالاً وتل سلحب جنوباً. يبلغ طوله 80 كيلومتراً، ويتراوح عرضه ما بين  13 و15 كيلومتراً، وتبلغ مساحته حوالي 241 ألف هكتار، منها 87162 هكتاراً مخصصة للزراعة. ويمر وسطه نهر العاصي، وتتفرع فيه شبكات مياه ري شاملة، مما يجعله غنياً بالمسطحات المائية.

ويُزرع سهل الغاب بالمحاصيل الاستراتيجية وعلى رأسها القمح، إذ كان يبلغ إنتاجه قبل العام 2010 نحو 50 ألف طن سنوياً، لكن بعد ذلك التاريخ انخفض الإنتاج إلى أقل من 10 آلاف طن، بالإضافة إلى أن النظام عمد بعد العام 2005، إلى توسيع زراعة التبغ في السهل وعلى حساب زراعة باقي المحاصيل الاستراتيجية، وعلى رأسها الشوندر السكري والقطن والقمح، حتى أصبحت المساحة المزروعة بالتبغ، تشكل أكثر من 30 بالمئة من السهل، بعدما كانت في السابق، أقل من 10 بالمئة.. وهي زراعة تعمل بها القرى العلوية، على وجه الخصوص.

في العام الماضي، وبعد حملة النظام على قرى ريف حماة وإدلب، وصل مجموع المساحات التي أصبح النظام يسيطر عليها من سهل الغاب نحو 80 بالمئة، بينما لاتزال 20 بالمئة منه بيد المعارضة، ولعل ذلك من الأسباب التي دفعت النظام لتتوجه أنظاره نحو السهل من جديد، في ظل ظروف الحصار والعقوبات الحالية، حيث كما تقول أخبار وسائل إعلام النظام، فإن رئيس الوزراء، عماد خميس، أطلق بالأمس مشروع الاستراتيجية الوطنية للتنمية الزراعية، بكلفة أولية في العام الأول بقيمة خمسة مليارات ليرة، "حوالي 2 مليون دولار"، تحت شعار "الاعتماد على الذات" ودعم الاقتصاد الوطني بالشراكة الفاعلة مع الفلاحين والمنتجين الزراعيين.

وبحسب وكالة أنباء النظام "سانا" فإن هذا المبلغ سوف يتم صرفه على دعم الفلاحين بالمبيدات الزراعية، والبذار، والسماد وتقنية الري الحديث، وإنشاء وحدات تكرير وتحلية مياه، بالإضافة إلى دعم الإنتاج الحيواني، بكافة أنواعه، من أبقار وأغنام ودواجن وتربية أسماك.

جدير بالذكر أن سهل الغاب كان قبل العام 2011، يضم أكثر من 160 ألف رأس من الأغنام، ونحو 40 ألفاً من رؤوس الأبقار، وعدداً كبيراً من مزارع الدجاج، إلا أن كل ذلك تراجع إلى أقل من النصف خلال السنوات التسع الماضية، بسبب ظروف الحرب، وهجرة عدد كبير من الأهالي، وخصوصاً سكان القرى السنية، الذين كان أغلبهم يعملون بتربية الثروة الحيوانية بالإضافة إلى الزراعة.

وبحسب إحصاء العام 2010، كان يبلغ عدد سكان سهل الغاب، نحو 320 ألف نسمة، إلا أنه حالياً، وبعد سيطرة النظام على أجزاء كبيرة منه، وهروب الأهالي إلى مناطق أخرى خوفاً من بطش قواته، فإن عدد سكانه يقدر بنحو 150 ألف نسمة.

(الصورة المرفقة أرشيفية)

ترك تعليق

التعليق