مشاهد من أزمة الدواء في دمشق


هل يفتعل النظام أزمة الدواء ليقول للعالم أن العقوبات تنال من صحة السوريين بعد أن نال بعساكره من أرواحهم، وبذلك يستجدي العالم لنصرته؟ أم أن هناك أزمة حقيقية بدأت ملامحها بالتعمق في طوابير اصطفت على أبواب الصيدلية المركزية بالعاصمة فيما أسعار الدواء قفزت لأضعاف سعرها قبل أيام قليلة؟!

صراع دوائي

وزارة صحة النظام منذ أيام تتهم مباشرة وبالتلميح معامل الدواء باحتكار أصناف دوائية ورفع الأسعار بحجة الحصار على المواد الأولية المستوردة فيما أصحاب المعامل يتحدثون عن عدم قدرتهم على الصمود في ظل انهيارات الليرة، وإيقاف تمويل مستورداتها.

صحف النظام تنقل عن مصادر طبية مختلفة تصريحات متضاربة آخرها كان تصريح نقيب الصيادلة بالأمس عن نقص كبير في الأدوية النوعية، وأن بعض الأصناف غير متوفرة على الرغم من نزولها على قوائم أسعار الوزارة.

البيع.. شلف

أحد مرضى الضغط في حديث مع "اقتصاد"، وصف عمليات بيع الدواء في الصيدليات بـ "الشلف"، كون الجميع يتعذر بانتظار تسعيرة وزارة الصحة التي لم توزع حتى الآن: "البيع شلف واحتكار لأدوية الضغط والقلب والسكري والكل يرمي التهم على الكل".

أما عن الأسعار، فيقول مريض الضغط لـ "اقتصاد": "أنا مريض ضغط منذ عشر سنوات وخلال هذه الفترة بدلت أكثر من دواء مرة لعدم توفره أو لوجود بدائل أقل سعر، ومنذ سنة وصف لي الطبيب (ديسارتان 16) وكان سعره قبل أسبوع 420 ليرة.. اليوم عند الصيدلي ابن الحلال 700 والبقية يبيعونه 850".

أما عن المهدئات العادية وأدوية الصداع فقد قفزت للضعف، ومثال ذلك كما يقول "عيسى"، أحد سكان العاصمة، لـ "اقتصاد": "ظرف السيتامول كان بـ 150 ليرة سعره حالياً 400 ليرة، وأما ظرف تاميكو فوصل إلى 600 ليرة بعد أن كان بـ 200 ليرة أما ريليت وهو مضاد للصداع فوصل إلى 400 ليرة بعد أن كان سعره 200 ليرة".

أدوية رئيسة مفقودة.. ومحتكرة

أدوية القلب والسكر أغلبها مفقود بحجج واهية تبدأ من انتظار السعر الجديد أو عدم توفر دواء وطني، وإن حصلت على علبة دواء فهذا إنجاز كبير ستدفع ثمنه غالياً، وفي هذا الباب يقول "رستم"، مريض قلب يسكن في دمشق، تحدث لـ "اقتصاد": "بالأمس لم أترك صيدلية في دمشق إلا وسألت فيها عن الدواء الذي أعالج به منذ سنوات ولكن دون جدوى وأخيراً وجدت من أشفق علي بعلبة واحدة وأما سعرها 1200 ليرة وكنت أشتريها بـ 600 ليرة".

"رستم" أيضاً يأخذ دواء لارتفاع حمض البول (زيلوريك 300)، سعر العبوة 300 ليرة حالياً غير متوفر على الاطلاق وفق ما قاله لـ "اقتصاد".

أما الأسبرين عيار 81 حنجور، فارتفع السعر من 630 ليرة إلى 1200 ليرة أي الضعف بالضبط وهو ما لا يمكن تحمله لدى الكثير من المرضى الذين لديهم أمراض مستعصية وخطيرة وهم أغلبية السوريين.

شطب السعر

بعض الصيادلة يقومون بشطب الأسعار القديمة ويضعون أسعاراً جديدة لأصناف من الأدوية، بعضها تم إبلاغهم بسعره، وفق الصيدلي "رأفت"، من المعامل مباشرة، لأن وزارة الصحة لم توزع نشرة أسعار جديدة: "نحن بين نارين الموزع والمعمل، ووزارة الصحة التي تسعر دون معرفة بالواقع الحقيقي لتكلفة الدواء وتدّعي حرصها على صحة المواطن".

أحد المرضى أرسل لـ "اقتصاد" صورة عن سعر مكتوب باليد لدواء وطني للسعلة (تيموجيل) تم تسعيره 2200 ليرة بينما كان سعره 950 ليرة، ويتحدث عن زيادة في أسعار أدوية السعال تحديداً في موسم الانتقال من البرد إلى االحر حيث تكثر الأمراض الصدرية: "دواء سعال جيد وهناك إقبال عليه من المواطنين وينصح به الأطباء كان سعره 1200 ليرة حالياً بـ 2300 ليرة".

طابور سوري جديد

مع الانهيار الكبير لليرة ووصولها اليوم لحوالي 2500 أمام الدولار، تتسع الأزمات لتشمل الدواء، والقادم أفظع. ويضطر السوريون للاصطفاف في طابور أمام الصيدليات التي باتت عاجزة عن تلبية احتياجات السوق، والمواطن عاجز عن الشراء بينما تواصل أبواق النظام إطلاق أحاديث "الصمود" التي كان آخرها، نداء بثينة شعبان للسوريين بـ "الصمود" ومواجهة تداعيات قانون قيصر الذي يبدو أن مفاعيله بدأت قبل تنفيذه على الأرض.

ترك تعليق

التعليق