كيف سينعكس قانون "قيصر" على تركيا؟


أجمع عدد من المهتمين بالشأن التركي على أن تركيا لن تتأثر بقانون "قيصر"، والذي سيفرض عقوبات مشددة على رأس النظام السوري "بشار الأسد" وكل من يتعامل معه على الأرض السورية، مشيرين إلى أن ذلك سينعكس بشكل إيجابي عليها.

وقال المحلل السياسي والخبير بالشأن المحلي التركي "مهند حافظ أوغلو" لـ "اقتصاد": "مع قانون قيصر وبعد أن بدأ الوضع الاقتصادي في سوريا يتهاوى ووصلت الليرة السورية إلى مستوى لم يسبق له مثيل في الهبوط، أظن أن الليرة التركية ستكون هي البديل في التعاملات المالية سيما في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام، بحكم تحررها من سلطة النظام واقتصاده، وهذا سيدفع المناطق الأخرى لطلب المواد سيما الغذائية من المناطق المحررة".

وأضاف: "من جهة أخرى سوف يزداد الطلب على السلع التركية لأنها أكثر تنوعاً وأفضل سعراً مقارنة بالسلع السورية، وهذه من ميزات الجوار التركي لسوريا حيث سهولة وصول المواد إلى الداخل السوري".

ومع قرب تطبيق قانون "قيصر" تطفو على السطح دعوات من سكان الشمال السوري المحرر لاستبدال الليرة السورية المنهارة بالعملة التركية في مختلف تعاملاتهم الحياتية اليومية.

ورأى الكاتب والمحلل السياسي "فراس السقال" أنه "مما لا شك فيه أن قانون العقوبات الأمريكية (قيصر) سيكون له آثار على تركيا، وبرأيي ستكون آثاره إيجابيّة أكثر منها سلبية ومن جوانب شتى، فضرب اقتصاد النظام السوري (الخصم لتركيا) سيضعف كيان الأسد اقتصادياً، وقد لاحت معالمه في بداية حزيران الجاري، حيث سجّل الدولار 2300 ليرة، وهذا ممّا يرهق نظام الأسد في دمشق ويدفعه للتخبط والتنازلات والبحث عن مخارج جديدة، منها البحث عن عملة أخرى للتعامل بها غير الليرة السوريّة والدولار، وهذا سيجعل الليرة تتردى أكثر فأكثر".

وتابع "السقال" في حديثه لـ "اقتصاد": "هذه العقوبات ستشلّ المحركات الداعمة لنظام الأسد (الروسيّة والإيرانيّة والإماراتيّة) سواء كانت دولاً أو كيانات أو أفراداً، مما سيجعلهم يتخلّون عن هذا النظام، فنار تلك العقوبات لا تقتصر على الأفراد داخل سوريا، بل ستتعدى الحدود وتلاحقهم في الخارج أيضاً، وضعف تلك الدول يعني ضعف خصوم تركيا، الذين يُظهر بعضهم التآلف مع أنقرة كـ (موسكو وطهران)، والبعض الآخر يظهر لها العداوة جهاراً كـ (أبو ظبي)".

وأكد "السقال": "قانون قيصر سيفتح أسواقاً جديدة لليرة التركية في الشمال السوري، وأظن أن مشروع تبديل العملة السورية إلى التركيّة يشغل المختصين والخبراء من الاقتصاديين والشرعيين والسياسيين حالياً في الشمال المحرر، وخاصة بعد تدهور عملة النظام السوري بعد تفعيل قانون قيصر، وهذا سيرفع من قيمة الليرة التركية، لزيادة الطلب عليها، ولتسهيل ضخّ هذه العملة وسهولة التعامل بها، حتماً ستفتح البنوك التركية فروعاً في الأراضي السورية، ممّا يُنعش الاقتصاد التركي".
  
ورأى "السقال" أيضاً أن "هذا القانون سيؤدي إلى زيادة الطلب على المنتجات التركية، والتبادل التجاري بين تركيا والشمال المحرر، بعد أن تُشلّ حركة المعابر التي تُهرّب منها البضائع من مناطق النظام إلى الشمال السوري أو بالعكس".

وختم بالقول: "لتشديد الضغط على النظام السوري، على تركيا أن تضغط على بعض الكيانات والهيئات السوريّة التي تفتح معابرها مع الأسد فتدعمه بالقمح والنفط وغيرهما، محاولة بطريقة أو أخرى إنعاش نظام بشار وإنقاذه، فسدُّ هذه المعابر وضرب تلك الأيدي العابثة بمصير الشعب السوري سيجعل قانون قيصر يُحكم الخناق على نظام يقتل شعبه".

وكانت بعض التسريبات أشارت إلى أن قانون "قيصر" يستثني مناطق إدلب شمالي سوريا، والمناطق التي تسيطر عليها "قوات سوريا الديمقراطية" شرقي سوريا، خاصة فيما يتعلق بالسماح بإعادة الإعمار دون أن يكون هناك أي تعامل مع نظام الأسد، الأمر الذي رأى فيه مراقبون أنه سينعكس بشكل إيجابي على تركيا كونها متواجدة في إدلب والشمال السوري.

وفي هذا الصدد قال المحلل السياسي التركي "طه عودة أوغلو" لـ "اقتصاد"، إنه "من دون  شك أكثر المتضررين من قانون قيصر بعد إقراره بالدرجة الأولى هو النظام  السوري والدول الداعمة له على الأرض روسيا وإيران، ولكن القانون كما تعلمون يستثني الدعم الإنساني والدعم الإغاثي والطبي للشعب السوري، لذا لا أعتقد أن تركيا ستتضرر من إقرار القانون لأن القانون يستهدف أيضاً  رجال الأعمال الذين جمعوا ثروات كبيرة من خلال علاقاتهم مع النظام خلال الفترة الماضية".

وتابع قائلاً: "كما أن إقرار هذا القانون هو إنذار لكل الدول والشركات والأفراد الساعين للعمل مع النظام السوري أو تقديم خدمات له خاصة في قطاعي الطاقة وإعادة الإعمار،  وبالتالي سينعكس إيجابياً على المستوى السياسي والإقتصادي لتركيا".

ويرى مراقبون أن التجارة بين تركيا والمناطق الخارجة عن سيطرة النظام ستستمر لأنها ليست تحت العقوبات، مشيرين إلى أن القانون لا يمنع تجارة الأطعمة أو الأدوية أو أي بضائع ليست متعلقة بالقطاعات المستهدفة في حال أرادت التعامل مع النظام السوري، مرجحين أن أي شركة إقليمية أو دولية، وخوفاً من العقوبات ستوقف أي تعاون حتى مع القطاع الخاص في سوريا.

ومن المتوقع أن يبدأ تطبيق القانون في 17 حزيران/يونيو الجاري، حسب ما أفاد به المسؤولون الأمريكيون ومن بينهم المبعوث الخاص إلى سوريا "جيمس جيفري".

ترك تعليق

التعليق