تحقيق خاص: إدلب على وشك استبدال عملتها بالليرة التركية


أثارت الصور التي نُشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي لكميات كبيرة من الليرة التركية في "بنك شام" الموجود في مدينة إدلب الكثير من التساؤلات حول قضية التداول بالليرة التركية. وهو ما جعل "اقتصاد" يتواصل مع المعنيين للحصول على تفاصيل وافية وكافية حول أهم قضية تواجه 4 مليون نسمة في مناطق المعارضة.

يحاول الحلاق "أبو هيثم" جمع أكبر قدر من "الفراطة" بالليرة التركية على الرغم من قلة وجودها في إدلب حتى اللحظة. يتمنى أن تسعّر أجرة الحلاقة بهذه الليرة عوضاً عن نظيرتها السورية "المتردية نحو هاوية قانون قيصر". لكن أبو هيثم ومثله الآلاف من سكان آخر جيوب المعارضة السورية لا يدركون أن منطقتهم مقبلة على تداول شبه كامل بسلة من العملات الأجنبية تفادياً للخسائر الناجمة عن انهيار العملة المحلية.

وقال مسؤول كبير في حكومة الإنقاذ التي تدير ما تبقى بيد المعارضة من محافظة إدلب إن المنطقة مقبلة على المزيد من التداول بمجموعة من العملات الأجنبية دون أن يلغى ذلك العمل بالليرة السورية بشكل تام.

وتمكن "اقتصاد" من الحصول على معلومات هامة حول اجتماعٍ عُقد بين الصرافين في إدلب ليل الجمعة-السبت بإشراف من حكومة الإنقاذ لبحث قضية تداول الليرة التركية.

وأدى الانهيار الكبير والسريع لليرة السورية عشية تنفيذ قانون قيصر الذي ستبدأ أمريكا من خلاله بتجميد مساعدات إعادة الإعمار وفرض حصار تام على النظام في حزيران الحالي إلى حدوث شلل جزئي في أسواق إدلب كنتيجة طبيعية لاعتماد المنطقة على الليرة السورية في عمليات دفع الأجور والبيع والشراء.

وصرح "باسل عبد العزيز" وزير الاقتصاد والموارد لدى حكومة الإنقاذ بأن حكومته تسعى للاستغناء عن الليرة السورية بخفض التعاملات التجارية بها تدريجياً إلى الحد الأدنى.

وتابع خلال حديث خاص مع "اقتصاد": "ليس هناك قرار رسمي باعتماد عملة بعينها، بل الحاصل هو اعتماد سلة من العملات في المناطق المحررة".

لافتاً إلى أن أهم هذه العملات الدولار الأمريكي، ثم الليرة التركية.

وتأتي الليرة السورية في نهاية القائمة.

خطوات حقيقية

يبدو أن حكومة الإنقاذ جادة في تقليل حجم التداول بالليرة السورية إلى أدنى مستوى ممكن في المنطقة التي تسيطر عليها من إدلب وأجزاء من ريفي حلب واللاذقية.

وضخ بنك شام وهو شركة خاصة للصرافة والحوالات والاستثمار ومرخص من حكومة الإنقاذ، كميات من الليرة التركية (الفكة/الفراطة) خلال الأيام القليلة الماضية.


لكن وزير الاقتصاد لدى "الإنقاذ" صرح أن البنك لن يكون الجهة الوحيدة المخولة بضخ العملات الأجنبية بل ستشمل هذه العملية العديد من الصرافين المرخصين من الحكومة.

وقال مصدر "اقتصاد" الذي حضر اجتماع صرافي إدلب، إن أياماً قليلة جداً تفصل المنطقة عن ضخ الليرة التركية في السوق.

وقال صرافون لـ "اقتصاد" إن الخبر صحيح تماماً، لكن الصرافين ينتظرون معرفة آلية الضخ.

وأكد مصدر "اقتصاد" تأمين "الفكة التركية- (النغل)"، وسوف تضخ قريباً في السوق عبر صرافين حصلوا على تراخيص من حكومة الإنقاذ حيث ستوزع الحكومة عليهم شاشات إلكترونية يبث من خلالها سعر موحد لليرة التركية.

وتابع أن المطروح حالياً هو تثبيت بيع الخبز والمحروقات وبعض المواد الأساسية للسكان حصراً بالليرة التركية.

سأشتري بالليرة التركية

قال "باسل عبد العزيز" وزير الاقتصاد لدى الإنقاذ إن حكومته أصغت إلى مطالبة "الناس والفعاليات الشعبية والتجارية والاقتصادية بدخول الليرة التركية نتيجة لأزمة العملة السورية وانهيارها المستمر".

لذلك "تم عقد اجتماع طارئ لمجلس الشورى العام (لبحث هذه المسألة)".

وتابع: "كان التوجيه من قبل الحكومة للفعاليات التجارية والاقتصادية بتأمين الفئات النقدية اللازمة".

وقال أحد سكان إدلب ويدعى "أبو حمزة" إن القطع الصغيرة من العملة التركية "باتت متوفرة إلى حد ما في الأسواق".

وعمدت أغلب المتاجر في ريف إدلب إلى استبدال تسعيرة السلع بالدولار أو الليرة التركية في ظل الانهيار المتواصل لليرة السورية.

ويقوم البائعون بضرب سعر البضاعة بالسعر الحالي لصرف الدولار ثم يتقاضون ثمن بضائعهم بالليرة السورية.

لكن العديد من الأشخاص ومن بينهم أبو حمزة أكدوا أنهم باتوا يدفعون ثمن مشترياتهم بالليرة التركية بعد وجود الفكة التركية في السوق وإن كان التداول لا يزال ضعيفاً بسبب الكميات القليلة لهذه القطع النقدية.


كيف أشتري الليرة التركية؟

يحصل بنك شام وباقي الصرافين على الليرة التركية من خلال شرائها بما يملكونه من الدولار الأمريكي.

وقال وزير الاقتصاد إن العملة التي تم شراء الليرة التركية من خلالها -بحسب الفعاليات التجارية والاقتصادية- هي الدولار الأمريكي.

في المقابل لا يشترط الصرافون حصولهم على الدولار من السكان لقاء بيع الليرة التركية.

ويمكن شراء العملة الأجنبية بأي عملة أخرى ومن ضمنها الليرة السورية وهو ما أكده عدد من صرافي إدلب الذين تواصل معهم "اقتصاد".

بشرى للعمال

على الأرجح؛ تأتي خطوة ضخ العملات الأجنبية في إدلب والتي تشرف عليها حكومة الإنقاذ ضمن خطة متكاملة للحكومة تهدف إلى حصر التداول بالدولار والليرة التركية سواء في تعاملات الأسواق أو في دفع أجور الموظفين والعمال.

ومؤخراً قامت حكومة الإنقاذ بتثبيت أجور موظفيها بالدولار وهي خطوة من شأنها أن تقلل الخسائر الناجمة عن انهيار سعر الصرف بحسب العديد من موظفي الحكومة الذين تواصل معهم "اقتصاد".

وبالفعل تمكن موظفو الحكومة من الحصول على مستحقات شهر أيار الماضي بالليرة التركية وذلك بسبب عدم توفر الفئات الأصغر من الـ (100) دولار في سوق الصرف.

وقال أحد موظفي وزارة الداخلية لـ "اقتصاد" إنه حصل على راتب الشهر الماضي بالليرة التركية.

معتبراً أن هذه الخطوة بإمكانها "حماية حقوق الموظفين وتأمين معيشة أفضل".

قال وزير الاقتصاد لدى الإنقاذ إن حكومته اجتمعت مع الاتحاد العام للنقابات وعدد من النقابات لمناقشة واقع العمال بشكل عام.

وطلبت الحكومة من النقابات دراسة تثبيت الحد الأدنى من الأجور بالدولار أو الليرة التركية ليتم اعتمادها من الوزارات المختصة بكل نقابة.

ترك تعليق

التعليق