بكم؟، وكيف؟.. تفاصيل يحصل عليها "اقتصاد" عن مقاتلي فصائل "معارضة" في ليبيا


"برفقة عناصر من المخابرات والجيش التركي، تم نقلنا من مطار ولاية غازي عنتاب، لتحط الطائرة في مطار اسطنبول، لتنتقل المرافقة مجدداً من الطائرة التي حطت بنا إلى الطائرة التي ستقلنا إلى مطار معيتيقا في ليبيا".

هكذا بدأ "أبو محمد" رواية تجربته للقتال في ليبيا، وهو أحد عناصر الجيش الوطني، الذي انضم رغبة بالرواتب التي يتلقاها عناصر الجيش، الذين يذهبون للقتال إلى جانب حكومة الوفاق الوطني الليبية، والمدعومة تركيّاً.

أبو محمد، الذي رفض التصريح عن اسمه "لأسباب أمنية"، قال لـ "اقتصاد": "تجمع المقاتلين كان في مدينة عفرين، شمال غرب سوريا، بتعداد يقارب 150 مقاتلاً، تم نقلهم لاحقاً إلى منطقة حور كلس، قرب اعزاز، ليتم إدخالهم إلى الأراضي التركية عبر أحد المعابر العسكرية الواقعة ضمن حور كلس".

بعد الدخول إلى الأراضي التركية، توجه المقاتلون إلى مطار ولاية غازي عنتاب، برفقة عناصر من الجيش والمخابرات التركية، ليتم نقلهم بواسطة طائرة مدنية إلى مطار اسطنبول، ومن ثم بطائرة مدنية أخرى نحو مطار معيتقيا الواقع في العاصمة الليبية طرابلس.

يواصل "أبو محمد": "بعد الوصول إلى طرابلس يتم فرز المجموعات حسب تبعية العناصر للفصائل، فلواء السلطان مراد مثلاً يعمل على محور مختلف عن الذي تعمل عليه فرقة الحمزة أو لواء سليمان شاه وغيرها من الفصائل، فيما يتولى إدارة المحاور بشكل رئيسي ضباط ليبيون تابعون لحكومة الوفاق الوطني، وبإشراف من ضباط أتراك أيضاً".

الرواتب التي تدفع للمقاتلين

"أبو محمد"، تابع حديثه لـ "اقتصاد"، قائلاً: "يحصل المقاتل على راتب قدره 2000 دولار شهرياً، يخصم منها مبلغ 200 دولار شهرياً من قبل الفصيل، بحجة أنه أمّن لهم السفر نحو ليبيا للقتال والحصول على راتب شهري جيد".

أحد القادة العسكريين في إدلب والذي يتحفظ "اقتصاد" عن ذكر اسمه لأسباب أمنية أيضاً، قال لـ "اقتصاد": "في بداية الأمر كان يدفع للمقاتل قبل خروجه إلى ليبيا مبلغ 1000 ليرة تركية، لتأمين حاجيات منزله قبل السفر، إلا أن قيام العديد من العناصر بأخذ المبلغ ورفض السفر بعدها، تسبب بإيقاف الدفع المسبق للمقاتلين، ليحل مكانه الدفع عند وصول المقاتل إلى المعسكر الذي سيتم فرزه فيه في مدينة طرابلس وبمبلغ لا يتجاوز 400 ليرة تركية"، على حد وصفه.

أما بالنسبة للرواتب الشهرية فكانت 2000 دولار شهرياً للمقاتل، و2500 دولار لمن يتولى قيادة مجموعة مؤلفة من أكثر من 5 عناصر، أما بالنسبة للخصومات وتسليم الرواتب، فتختلف بين فصيل وآخر، فبعضها من يقوم بخصم 200 دولار وبعضها 300 دولار في حين يصل الأمر إلى 500 دولار وخصوصاً للمقاتلين الذين انتموا للفصائل بهدف الذهاب إلى ليبيا.

القيادي تابع حديثه: "الرواتب التي تدفع من قبل حكومة الوفاق الوطني الليبية، يخصم منها من قبل الفصائل مبلغ 300 دولار للمرة الأولى، كثمن للسلاح الذي يحمله المقاتل، أي أن الراتب الأول 1700 دولار فقط".

بداية قتال السوريين في ليبيا

بدايةً، لم تسمح الحكومة التركية بخروج مقاتلين عرب للقتال في ليبيا، حيث اقتصر الأمر على المقاتلين التركمان، بحجة أنه في حال وقع المقاتل في الأسر بيد مقاتلي "حفتر" فإنه سيعتبر مقاتلاً تركياً، دون أن تظهر تركيا بأنها ترسل مقاتلين سوريين إلى ليبيا، حيث أنكرت الفصائل في البداية إرسالها لأي عنصر للقتال في ليبيا، تزامناً مع تحفظ تركي شديد.

أيضاً في البداية، كان يُسمح للمقاتلين التركمان بالذهاب إلى ليبيا، دون تحديد شروط معينة تتعلق بالعمر أو الصحة الجسدية واللياقة البدنية، إلا أنه بعد أن تبينت ضراوة المعارك في المنطقة، حددت مواصفات المقاتل بأن يكون بين سن 18-40 وأن يتمتع بصحة جسدية ولياقة بدنية عالية، إضافة إلى تزكية من قيادة الفصيل بأنه مقاتل ذو كفاءة عالية.

فصائل رفضت القتال في ليبيا

القيادي العسكري في إدلب تابع في تصريحاته الخاصة بـ "اقتصاد": "في البداية اعترض فصيل (جيش الشرقية)، و(الجبهة الشامية)، على إرسال مقاتلين للقتال في ليبيا، إلا أن قطع التمويل عنهم أجبر جيش الشرقية على الرضوخ لإرسال مقاتلين، أمّا الشامية فقد استطاعت الثبات على موقفها نظراً لتحكمها بعدد من المعابر، وامتلاكها لعدد من المشاريع، وهو ما سمح لها بتمويل عناصرها رغم توقف الدعم التركي، في حين أنها فصلت من الجيش الوطني كدعم مالي وبقيت ضمن نطاق التنسيق العسكري فقط".

صحة العقود

تتراوح مدة العقد بين 3 إلى 6 أشهر، قابلة للتجديد، كما روى المقاتل الذي بدأ حديثه لـ "اقتصاد" في بداية التقرير. في حين أن القيادي العسكري من مدينة إدلب، أكد أنه لا صحة لتلك العقود، وأن الأمر عائد للفصيل ذاته في حال أراد إعادة المقاتل أم لا، أما العودة الفورية فتكون للمصابين والقتلى، والذين تقوم حكومة الوفاق بطردهم لسوء سلوكهم، حيث يعود المصابون إلى تركيا، أما القتلى والمطرودون، فيعودون إلى سوريا.

أما "أبو محمد" فقال: "بالنسبة للعودة إلى سوريا، فإن المقاتلين الراغبين بالعودة يقومون بتسجيل أسمائهم، وعند اكتمال العدد لما يقارب 150 مقاتلاً، يبدأ الانتظار لقدوم دفعة جديدة من المقاتلين من سوريا إلى ليبيا كي يعود الراغبون بالعودة على متن الطائرة نفسها نحو اسطنبول ومن ثم بالطريق ذاته الذي سلكوه خلال رحلتهم ذهاباً إلى ليبيا".

مقتل عرّاب المصالحة في حي تشرين على الأراضي الليبية

قُتل "صخر قريع" الملقب بـ "أبو عبدو البارون" في 31 أيار/مايو المنصرم، خلال اقتحام مطار طرابلس قبل قرابة أسبوعين تقريباً. كان "البارون" قد خرج مقاتلاً في صفوف فرقة الحمزة مع عدد كبير من مقاتلي اللواء السابع سابقاً، والذين كانوا يتبعون لجيش الإسلام فترة سيطرتهم على حي تشرين شرق العاصمة دمشق.

"البارون" والذي ذاع سيطه كعرّاب للمصالحة في منطقة حي تشرين، قُتل بعد قرابة شهر ونصف من ذهابه إلى ليبيا.

(صورة أرشيفية لـ "البارون")

التعويض للمصابين والقتلى

تحصل عائلة القتيل السوري، الذي قضى خلال المعارك في ليبيا على تعويض مالي قدره 60 ألف دولار، أما في حال كان الفصيل الذي يتبع له القتيل كبيراً، وذو دعم تركي قوي فإن عائلته قد تحصل على الجنسية التركية.

أما المصاب فينقل للعلاج في تركيا، ويحصل على تعويض مالي يختلف حسب الإصابة.

يذكر أن حكومة الوفاق الوطني استطاعت السيطرة مؤخراً على كامل مدينة طرابلس، لتنتقل بالقتال إلى مدينة سرت بهدف تحريرها من سيطرة مقاتلي "حفتر".


(الصورة الرئيسية بأعلى المادة، يظهر فيها مقاتلو اللواء السابع التابع لجيش الإسلام سابقاً والمؤلف من أبناء حفير الفوقا بنسبة 80%، من أمام معسكر اليرموك في مدينة طرابلس)

ترك تعليق

التعليق