"اقتصاد" في سوق الحميدية بدمشق


"لا أحد يبيع كما كان في السابق أو حتى قبل شهر".. هذا بالضبط ما قاله أحد التجار الذين تواصل معهم "اقتصاد"، وأما في الأسباب فيرى محدثنا أن "الغلاء الذي لم تعد تحتمله الناس دفعهم للبحث عن الأرخص إن وجد، بالتزامن ارتفاع أسعار المواد الداخلة في الصناعة وضعف القوة الشرائية لليرة السورية وانهيارها".

بسطات.. الصباح

الساعة الآن العاشرة صباحاً، و"اقتصاد" دخل السوق المغلق بشكل شبه كامل وهو يوم دوام عادي، وأما وسط السوق فيعج بالبسطات التي تعمل قبل أن تفتح المحال أبوابها، وهي لن تبقى طويلاً لأن شرطة السياحة والمحافظة ستداهم أصحابها وتصادر ما يفرشونه من بضائع.

أما السوق، فسيبدأ حركته بعد الحادية عشر حيث ستسمع أصوات "الأَغلاق" التي سترتفع، ولهذا يقول محدثنا: "كم ترى سيفتح الجميع على أمل يوم مختلف ورزق أفضل، ولكننا على هذه الحال من التمني منذ سنوات"، وعن البسطات يتابع: "هؤلاء يحاولون البحث عن بعض الربح وأغلبهم جديد على المصلحة يريد أن يعمل بأي شيء، وأرزاقهم قليلة إذا لم تصادر الشرطة بضاعتهم".


إغلاق.. للخسارة

بعد انتظار لأكثر من ساعة، فتح السوق، من أوله حتى الجامع الأموي فقط أربعة محال بقيت مغلقة، اثنان لبيع المجوهرات، وآخران للأزياء.

في سؤالنا عن السبب في إغلاق هذه المحال يجيب محدثنا: "محلَي المجوهرات تعرضوا لخسارات كبيرة بسبب ارتفاع سعر الذهب وعدم ثباته، وكذلك عدم الاقبال على الشراء، وأعتقد أنهما معروضان للاستثمار في مهن أخرى".

المحلان الآخران هما محلا أزياء يعتقد من يتابع معنا زيارة السوق خلسة أنهما تعرضا لخسارات كبيرة بسبب ضعف الإقبال، وعجز أصحابهما مالياً عن الاستمرار، وأحدهما كانت تجري به أعمال صيانة منذ فترة وتم تغيير بعض ديكوراته.


استثمارات.. الضرورة

في وقت ساق كانت صحف النظام قد تناقلت تصريحاً لـ محمد الحلاق عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، أن "العديد من التجار يقومون بعرض محلاتهم التجارية للاستثمار في مناطق حيوية، مثل الحميدية وسوق مدحت باشا والشعلان وغيرها، وهذا أمر غير معهود منذ فترة طويلة من الزمن".

سأل "اقتصاد" التاجر الذي تابع معنا حال سوق الحميدية عن قصة الاستثمارات في السوق، وبعض أسواق دمشق، فقال: "في الحميدية القصة مختلفة كون أغلب التجار من أبناء العاصمة وهم ورثوها عن أجدادهم مهنة ومكاناً لذلك من الصعب أن يتم الأمر بهذا الوضوح إلا إذا كان سرياً، ونتيجة ضغوط أمنية، وبالرغم من الأحوال الاقتصادية الصعبة فما زال أغلبهم متمسكاً بمحاله".

أما عن مستقبل هذه المحال في حال ازدياد العقوبات والحصار، فقال: "نعم الضرورة قد تجبر البعض على عرض المحل للاستثمار لمن يملك المال الفائض لأن هذه المحال مملوكة بأغلبها لعائلات وقد يعينها إيجار واستثمار محالها على العيش بكرامة".


إزالة شعارات "أبو الفضل"

اللافت في جولة "اقتصاد"، ومما جرى الحوار حوله مع التاجر المذكور، هو اختفاء شعارات ولافتات الميليشيات الإيرانية (النجباء) وتلك الممولة من إيران (أبو الفضل العباس) من على جدران المسجد الأموي، وعن السبب قال محدثنا: "الأمر فيما أعتقد يتعلق باعتراضات تجار السوق وبعض المشايخ على الاستفزازات والشعارات الطائفية التي كانت تغطي المسجد ومدخل السوق".

أحد الذين شاركونا الجولة قال متهكماً: "النظام أجبن من أن يزيل لافتة واحدة، ويبدو أن الروس هم من أمروا بإزالتها، وربما نشهد في الأيام القادمة شعارات روسية.. ألسنا بلداً محتلاً".



ترك تعليق

التعليق