"أبو مالك التلي".. رامي مخلوف جديد، على مذبح الجولاني


يفضل البعض تشبيه الخلاف الواقع بين "أبو مالك التلي" و"أبو محمد الجولاني"، بالخلاف الواسع بين الأسد وابن خالته رامي مخلوف.

وفي الحقيقة يبدو وجه الشبه واضحاً إذا أمعنا النظر في نقطتين اثنتين تنطبقان تماماً على مخلوف والتلي -بغض النظر عن الانتماء الوطني والديني لكل منهما-.

فالجولاني يطمع بما بين يدي التلي من أموال كثيرة، وكذلك بشار الأسد بالنسبة لمخلوف.

ويعيش التلي اليوم نفس مصير رامي مخلوف بالأمس القريب؛ اختير الاثنان كضحيتين، ووضعا على المذبح، كي يكونا كبشيَ فداء لما يحاك، إقليمياً ودولياً، لمستقبل المنطقة.

الدخول من باب الاقتصاد

مضى وقت طويل على قضية "راهبات معلولا" اللواتي أسرهن أمير جبهة النصرة في القلمون "أبو مالك التلي" في العام 2013 ثم تقاضى بضعة ملايين من الدولارات ثمن الإفراج عنهن. مع ذلك لم تتلاشى هذه الأموال من جيوب الأمير الطموح الذي كان يرد على المنتقدين الراغبين بتوزيع هذه (الغنائم) على باقي جنود النصرة، بأنها أموال ستستخدم لدعم الجماعة وتقويتها.

وفي إدلب التي قدم إليها التلي عبر باصات التهجير المكيفة والمريحة كانت دولاراته خير أنيس له نحو المجهول الذي بات معروفاً منذ الأشهر الأولى للتهجير.

وفي حين لم يكن راضياً عن المناصب التي أسندها إليه الجولاني، ذاك الفتى الغارق في أحلام الإمارة وفتح بيت المقدس (كما كان يشيع حينها)، شرع التلي في تأسيس أرضية جيدة لمشروعه الخاص القائم على تسلم الحكم أو المشاركة فيه على الأقل.

يتفق محبوه وكارهوه أن للرجل "أياد طايلة" في كل مكان تقريباً. دخل عالم التجارة والاستثمار فأنشأ مشاريع تجارية منها مول في إدلب. وحديقة ألعاب ضخمة في سرمدا. صالات رياضية ودور أيتام ومطاعم ومشاريع أخرى اعتنى التلي بإطلاقها كنوع من الاستثمار وتنمية رأس مال كبير لا يزال مجهول الكمية.

صلات وأعطيات

أسند إلى التلي إمارة جيش الشام الذي جمع مقاتلين مهجرين من مختلف البلدات الثائرة من دمشق وريفها. لكن هذا المنصب لم يكن مناسباً لطموحه، ما جعله يتغلغل في أجسام عسكرية عديدة داخل الهيئة وخارجها معتمداً على ما يملكه من أموال وشهرة مقبولة نوعاً ما.

صداقاته داخل الهيئة كثيرة، لكنها في الخارج كانت أكثر. فـ "أبو همام الشامي"- (سمير حجازي)، أمير حراس الدين كان أميراً تابعاً له في القلمون. وهناك اعتقاد سائد أن له صلة قوية بـ "أبو العبد أشداء"، الذي أطلق منذ أشهر "تنسيقية الجهاد"، لذلك كان الرجل يخطط للانقلاب نحو هذه المجموعات المناوئة للجولاني فكان تأسيس غرفة عمليات "واثبتوا" التي اعتُقل التلي على إثرها.

بإغداق الأموال على الجهاديين قادة وعناصر، حاول التلي كسب ولاء عشرات الأشخاص لاسيما من أهل القلمون الذين يعرفونه جيداً.

عقد صلات واسعة مع العناصر الذين كانوا يواظبون على دروسه الشرعية وحينها كانوا يستمعون لنقده اللاذع للجولاني وهيئة تحرير الشام، كما ينعمون بكرم التلي الذي كان يلبي كل من طلبه منهم، بما يحتاج من المال.

الضربة القاضية

كانت أخبار التلي وانتقاداته المتكررة تصل دائماً إلى الجولاني.

في رسالته المعلنة وبخه الجولاني على هذه الانتقادات معتبراً أنها ناجمة عن هوى النفس.

لكن عين الجولاني كانت على ما يملكه الرجل من أموال.

لم يرض التلي بتسليم مال الراهبات إلى خزينة تحرير الشام مفضلاً الاستثمار فيه.

وعندما اختار الانشقاق عن الهيئة واللجوء إلى المجموعات الجهادية التابعة للقاعدة كانت هذه ضربة لا يحتملها الجولاني الذي كان يفتخر دائماً بفصيله القوي واعتماده على التنظيم الدقيق في "صنع جماعة سنية تقارع النظام وتقيم الشرع في أرض الشام".

لذلك لا يبدو الرجل لين العظم حينما يحاول أحدهم كسره. كذلك كان التلي؛ يحمل طموحاً وصلابة وحباً للزعامة. كانت له صولات وجولات في القلمون، وعندما أتى إدلب وجد أن هناك من يسعى لسحب البساط من تحت رجليه. وهذا ما كان.

(جُمعت المعلومات الواردة في هذا التقرير من مصادر خاصة التقت "أبو مالك التلي" في فترات متباعدة)



ترك تعليق

التعليق