من أغلق محلات البالة.. كورونا أم تجارة العملة؟


ما تزال أرزاق السوريين رهينة عصابة لا ترحم، وبالرغم من التضييق الخارجي الذي تستخدمه السلطة الأسدية كذريعة للبقاء، إلا أنها، من جانبها، تمارس أيضاً التضييق على السوريين بحجة محاربة العابثين باقتصاد البلاد، أو لمخالفات بسيطة فرضتها الصحة العامة الآخذة بالتدهور بعد ارتفاع الإصابات بوباء كورونا.

إغلاق.. واتهامات

سوق البالة في سوريا هو السوق البديل الذي طالما كان مقصد الذين يبحثون عما يمكنهم دفع ثمنه، وفيه بعض الجمال، وخصوصاً بعد أن ارتفعت أسعار الجديد لأرقام يعجز المواطن العادي عن شرائها، وسبق وأن نشر الكثيرون صوراً للأسعار الخيالية للأحذية والبنطلونات.

ولكن هذه السوق كانت هدفاً لأكثر من جهة أولها السلطة بمفرداتها كالشرطة والمحافظة اللتين تتناوبان إما في المصادرة والمخالفات أو في الإغلاق، ومنذ يومين بدأت تتوالى عمليات الإغلاق في أسواق البالة وفق بعض الصفحات المحلية، كما حدث في سوق القنوات، والشيخ سعد بالمزة.

التعليقات على الخبر المنشور في صفحة (دليلك في ضاحية قدسيا) أفردت حيزاً لبعض الأسباب التي تقف وراء عمليات الإغلاق الأخيرة التي لم تفصح عنها صحف النظام، وبعض المعلقين يرى أن الاتهامات للعاملين بالبالة، والتي تتعلق بالاتجار بالعملة، تقف وراء ذلك، فعلق أحدهم: "أغلبهم تجار عملة".

 وللاستفسار عن ذلك نفى أحد العاملين بسوق المزة شيخ سعد، هذه التهمة، في تصريحات لـ "اقتصاد"، قائلاً: "السبب يعود إلى أن دوريات الجمارك تركت حدود البلاد للمخدرات والسلاح، ولا عمل لها سوى مصادرة البالة بحجة أنها مهربة من أوروبا التي تجتاحها الكورونا ونحن نعرف أين يذهبون بها".

"اقتصاد" سأل العامل بسوق المزة، "أين تذهب الجمارك بهذه المصادرات؟"، فابتسم ساخراً، وقال: "تبيعها لتجار بالة آخرين وإلا لماذا لهذه اللحظة محلات البالة بالإطفائية لم تغلق (أحد أهم أسواق البالة بدمشق)، ولم يصادر لها أي سلعة".


منافسة الجديد

يرى آخرون أن الأسباب لا تتعلق ببيع العملة وانتشار كورونا وإنما هي العادة منذ ما قبل الحرب عندما تكسد بضائع المحال التجارية بسبب ارتفاع الأسعار تلجأ الناس إلى البالة، وهذا ما يؤدي إلى إثارة غضب أصحاب المحلات الذين لا طريق لديهم سوى رشوة الشرطة والجمارك وكيل التهم للعاملين في البالة وأولها عدم تلبية الشروط الصحية، وكورونا حالياً يشكل تهمة جاهزة وخصوصاً بعد ارتفاع حالات الإصابة.

وفي هذ الصدد علق أحد المتابعين للصفحة المحلية المشار إليها أعلاه: "السبب معروف لان ضربو سوق الالبسة الجديدة الوطنية بقى اكيد لح يسكرو مشان الناس تضطر تاخد جديد لانو 80 بالمية من الشعب عم يلبس باله".

أحد العاملين في سوق الإطفائية، قال لـ "اقتصاد": "المواطن يبحث عن القطعة الجيدة الرخيصة وحتى الغالية تجدها في السوق، ونحن نوفرها له، ولكن المنافسة وارتفاع أسعار الجديد أوقفت حال أصحاب المحلات الذين يتهموننا بأننا السبب في كساد بضاعتهم".

ليس دفاعاً عن البالة، ولكن ما تقدم هو لمحة بسيطة عن سياسة حكومة النظام وأجهزتها في إدارة شؤون السوريين، والاستفادة من منافسات السوق لأغراض شخصية في بلاد يتهاوى اقتصادها نحو الهاوية.


ترك تعليق

التعليق