بعد "قيصر".. كيف سيمول النظام جيشه وأجهزته الأمنية؟


لا تُعتبر العقوبات التي أعلنت الإدارة الأمريكية عن فرضها مؤخراً، بموجب قانون "قيصر"، الأولى من نوعها التي يتعرض لها النظام السوري، لكنها الأقسى بإجماع المراقبين.

ومن الواضح أن تداعيات العقوبات ستطال بالدرجة الأولى آلة النظام العسكرية، الأمر الذي يثير تساؤلات حول الأساليب التي سيعتمد عليها النظام لتمويل قواته، للإبقاء على الحالة العسكرية القائمة في البلاد.

الارتهان للحلفاء (روسيا وإيران)

والأرجح وفق أستاذ العلوم الاقتصادية، الدكتور رفعت عامر، أن يعتمد النظام كلياً في المرحلة القادمة، لدعم قواته على ما توفره إيران وروسيا.

وأضاف لـ"اقتصاد" أن النظام لم يعد يملك المساحة للمناورة بالضغط على أصحاب الأموال لأن الاستثمارات المتوفرة لهم داخل سوريا أصبحت محدودة للغاية، مقارنة بما لهم من مال وفرص خارج البلد.

وبهذا المعنى، يعتقد عامر أنه "لم يعد لدى النظام من خيارات، سوى انتظار الدعم المحدود من روسيا وإيران".

ومثل عامر، جزم المحلل والباحث بالشأن السوري، محمد سالم، خلال حديثه لـ"اقتصاد" بأن النظام سيزيد من ارتهانه لإيران، لاستمرار سلطته وتمويل آلته العسكرية، وهو الأمر الذي أشار له وليد المعلم عندما تحدث عن خبرة النظامين السوري والإيراني في مواجهة العقوبات.

وإلى جانب ذلك، لم يستبعد الباحث أن يستغل نظام الأسد الثغرات التي يتيحها القانون للمساعدات الإنسانية (الأممية)، وقال: "لا يختلف النظام كثيراً عن المليشيات المتطرفة والطائفية في قدرتها على التأقلم مع العقوبات من خلال الاستمرار في نهب المال العام أو تحويل بعض قطاعاته الأمنية إلى ما يشبه العصابات أو الشركات الأمنية الخاصة والقتلة المأجورين لصالح مافيات معينة".

وزاد سالم بقوله: "لكن مع ذلك، ستضعف العقوبات النظام، لأنها ستجبره على إظهار جوهر تركيبته كعصابة مع نزع رداء وقشرة لعب دور (الدولة) التي ترعى شؤون مواطنيها، والذي كان عنصراً هاماً في خطابه كما ظهر في حديث وليد المعلم عندما تحدث عن تأمين الخبز والرواتب، الرواتب التي بات الجميع يعلم أنها فقدت قيمتها الحقيقية".

الخيارات محدودة

الباحث في شؤون الشرق الأوسط، يوسف صداقي، أكد في حديثه لـ"اقتصاد" أن خيارات النظام بعد "قيصر" باتت محدودة، وتتراوح بين الامتثال للقرارات الدولية، وبين البقاء بالسلطة رغم تجويع الشعب السوري أكثر، والانتقال بسوريا إلى مصاف الدول الفاشلة اقتصادياً، كما هو الحال في فنزويلا، وكوبا.

وقال: "الشعب السوري المرهق والمتعب، بات مخدراً إلى حد بعيد، ما يعني التقليل من فرضية الخروج على النظام".

ورأى صداقي، أن استمرار الحال على ما هو عليه بيد روسيا، وقال: "لطالما أن النظام يستطيع للآن سداد الديون لموسكو، فإنه باق في السلطة"، مستدركاً: "لكن لم يعد لدى النظام الكثير ليبيعه لسداد الفاتورة العسكرية للروس، وخصوصاً أن قانون قيصر قلل من الجدوى الاقتصادية للاستثمارات السابقة التي تحصلت عليها موسكو، إلى جانب تجميد عملية إعادة الإعمار".

ترك تعليق

التعليق