"قسد" تضيّق الخناق على النظام من بوابة الحسكة.. قراءات وسيناريوهات


حالة من التوتر تسود مدينة الحسكة شرقي سوريا خاصة بعد استيلاء قوات سوريا الديمقراطية - "قسد" على عدد من المؤسسات الحكومية الرسمية، وطرد الموظفين التابعين للنظام منها.

ومن أبرز المؤسسات التي استولت عليها "قسد" حسب مصادر محلية داخل المدينة، مؤسسة الحبوب في حي غويران، ومؤسسة الكهرباء في حي النشوة.

وذكرت وكالة "سانا" الموالية أن "قسد" استولت على المدينة الرياضية وجزءاً من أبنية السكن الشبابي، والجمعية السورية للمعلوماتية، ومديرية الصناعة، والسياحة، والشؤون البيئية، وفرع المرور، ومديرية السجل المدني، والمصرف التجاري، وقامت بطرد العاملين منها.

وقال "معمر الجمو" عضو الهيئة السياسية للتجمع الوطني لقوى الثورة في الحسكة لـ "اقتصاد"، إن "تلك التطورات تأتي بأوامر أمريكية لـ (قسد) من أجل منع النظام من الاستفادة من تلك المؤسسات وخاصة مؤسسة الحبوب، لمنعه من إرسال القمح والشعير إلى مناطق سيطرته في دمشق والساحل".

وكشف "الجمو" نقلاً عن مصادر خاصة، أن "قسد منعت قبل أيام صهاريج القاطرجي التابعة للنظام من تعبئة النفط، تنفيذاً للأوامر الأمريكية أيضاً".

وذكرت مصادر من أبناء المنطقة الشرقية، أنه بين كل فترة وأخرى تعمل "قسد" على السيطرة على الدوائر الحكومية والرسمية في محافظة الحسكة، وهي التي تدار من قبل النظام، وهذا الأمر بدأ في نهاية عام 2011، عندما انسحب النظام من كل بلدات عامودا والدرباسية والجوادية والمالكية وعين العرب وعفرين والمخافر الحدودية مع تركيا، وكل ذلك من خلال اتفاق رسمي بينهما برعاية إيران وروسيا.

وأضافت المصادر أن كل ذلك من أجل أن تقف "قسد" مع النظام في وجه الحراك الثوري في محافظة الحسكة والذي أصبح ساخناً في تلك الفترة، ولم تعد أجهزة النظام قادرة على السيطرة عليه وخاصة من خلال اتحاد التنسيقيات والمجالس الثورية العربية مع الكردية والسريانية والتركمانية، فهذا يعني خسارة محافظة الحسكة التي تشكل المورد الاقتصادي الأول بالنسبة للنظام، لهذا تم تسليم النفط والغاز والموارد الزراعية والثروة الحيوانية لـ (قسد).

وقال "مضر الأسعد" رئيس الهيئة السياسية لمحافظة الحسكة لـ "اقتصاد"، إن "النظام يعتبر قسد جزء لا يتجزأ من منظومته الأمنية وخاصة أن العشرات من الذين تم اعتقالهم من قبل (قسد) والأسايش، تم تسليمهم لأجهزة مخابرات النظام".

وأضاف أنه "وبعد الاتفاق بين أمريكا و(قسد) أصبحت الأخيرة تغرد في بعض الأوقات، خارج تعليمات النظام، لأن أمريكا أصبحت الداعم الأكبر لهم".

وتابع أنه "حالياً مع حالة الاستقواء من قبل قسد وتسارع الأحداث المحلية والدولية ومع اتفاقهم مع المجلس الوطني الكردي أصبحوا في عجالة من أمرهم في إعلان الفيدرالية ومن ثم تقرير المصير للوصول إلى فصل منطقة الجزيرة عن سوريا بتواطئ ( بالترغيب والترهيب) مع بعض المرتزقة من العرب والكرد والسريان وبدعم أمريكي وفرنسي ومن بعض الدول العربية المعادية للثورة السورية وتركيا لأن في تفكيرهم أن دعم (قسد) سيكون خنجراً في خاصرة تركيا".

وأوضح أن "النظام لا يريد من منطقة الجزيرة والفرات إلا حصته من النفط والغاز والموارد الزراعية والثروة الحيوانية وغير ذلك لا يهمهم شيء، لأنه كما يقال إنها في الأيادي الأمينة والمقصود بذلك (قسد) التي ساهم حافظ الأسد في نشأتها قبل أربعة عقود".

من جهته، رأى المتحدث باسم تيار المستقبل الكوردي في سوريا "علي تمي" في تصريحات لـ "اقتصاد"، أن "الأمريكان يحاولون تضييق الخناق على النظام وبالتالي وقف تغلغل الروسي في شرق الفرات، وما قامت به قسد في الحسكة صحيح لأن النظام يحضر العشائر لمواجهة قسد، وبالتالي يمكن اعتبار هذا العمل ضربة استباقية من الأمريكان للنظام وبالتالي هناك احتمال كبير جداً بأن تشهد المنطقة تصادماً عسكرياً بين قسد والنظام، إذ على ما يبدو أن النظام والإيرانيين غير راضيين عما تقوم به قسد من توحيد للصف الكوردي".

أما عن فائدة "قسد" اقتصادياً من وراء تلك الخطوة، فأوضح "تمي" أنه "بعد فرض قانون قيصر أصبح النظام في وضع لا يحسد عليه، وبالتالي هو مضطر لإعادة آبار النفط إلى سيطرته وهذا يتطلب مواجهة عسكرية وهو الاحتمال الأكبر".

ونقلت "سانا" أنباء تفيد بتنظيم العمال الذين تم طردهم من الشركة العامة للكهرباء، وقفة احتجاجية تنديداً بطردهم من وظيفتهم، وأنهم سيستمرون باعتصامهم إلى حين تحقيق مطالبهم، وأن قوات "قسد" فرقتهم بقوة السلاح.

وقال مصدر خاص تابع للنظام، في تصريحات لـ "اقتصاد"، إن "واقعاً جديداً في المنطقة الشمالية الشرقية أصبح بعد الاتفاق بين الديمقراطي الكردي والمجلس الوطني الكردي التابع لما يسمى الائتلاف السوري، وهذا الواقع الذي يتجلى بصورة الاحتلال المباشر من خلال السيطرة التي فرضتها مجموعات قسد باحتلالها المقار الحكومية الوطنية السورية في محافظة الحسكة بإيعاز مباشر من المحتل الأميركي وحلفائه في المنطقة".

وأضاف: "نحن على ثقة بأن ما يجري اليوم تنفيذه ليس إلا بقوى ضاغطة لأعداء سوريا تتورط فيه قسد عن قصد أو غير قصد أو مرغمة من الأميركي وحلفائه المشغلين، بهدف تحصيل مكان لها على طاولة المفاوضات العائدة قريباً جداً، لبحث حلول الختام للأزمة السورية بسلالها الأربع وفق القرار الأممي 2254، والتي بوادرها تشير إلى تحضيرات واجتماعات وتفاهمات بين الدول المعنية بالأزمة السورية والمشاركة فيها، ودول الجوار وكافة أدواتهم التي تعتمد عليها".

وختم بالقول "إننا اليوم أمام مرحلة الدخول في النفق المظلم لبداية مرحلة جديدة، ومواجهة مع الأميركي ودول التحالف، تقوم على تنفيذها مجموعات قسد بأوامر وتعليمات مشغليها من قوات الاحتلال الأمريكي، والهدف واضح ومباشر وهو العمل على تحويل المنطقة إلى عسكرية، مكرسة هذا الاستيلاء السافر برفع علم الاحتلال في المنطقة، على مقر فرع المرور سابقاً، بعد أن تم إحداث مهبط للحوامات ووضعه بالاستخدام".

ووسط كل ذلك رجح مراقبون مهتمون بأمور المنطقة الشرقية، أن تلك التطورات خاصة في مدينة الحسكة تأتي كصفعة من صفعات قانون "قيصر" للنظام وحرمان أمريكا له من موارد الجزيرة السورية، مرجحين أن يمتد الأمر إلى مناطق أخرى وخاصة مدينة القامشلي ووضع "قسد" يدها على الدوائر الحكومية المتواجدة هناك أيضاً.

ترك تعليق

التعليق