خارطة انتشار مافيات تعفيش الأغنام في البوادي السورية


على امتداد البوادي السورية من حماة إلى بادية تدمر والرقة ووصولاً إلى دير الزور والحدود العراقية، تفشت في الآونة الأخيرة عمليات تقوم بها مافيات منظمة بهدف سرقة الأغنام وكل ما يتعلق بها من آليات زراعية وغيرها تحت تهديد السلاح وقتل أصحابها في كثير من الأحيان.

 ولعل أكبر عمليات السرقة هذه حصلت في مطلع نيسان الماضي عندما أقدم مجهولون على سرقة 2٠٠٠ رأس غنم، بالقرب من جبل البشري في بادية الشميطية غرب دير الزور، الواقعة تحت سيطرة النظام وميليشيات الحرس الثوري الإيراني.

 و-بحسب موقع جسر الإخباري- فإن الأغنام تعود للمدعو "دهام الحاج فاضل" وشقيقه "نايف الحاج فاضل"، دون ذكر أية تفاصيل إضافية عن الطريقة التي تمت بها عملية السرقة.

وقدّر ناشطون قيمة الأغنام المسروقة بأكثر من ربع مليون دولار أمريكي، حيث يبلغ سعر أصغر نوع رأس غنم، ١٥٠ دولار، بينما يبلغ سعر الغنمة الكبيرة ٢٥٠ دولار.

ويعتمد غالبية الأهالي في قرى شرق سوريا في معيشتهم على الزراعة وتربية المواشي، وبعد تعرض حقولهم للاحتراق في المواسم الزراعية السابقة لم يتبق ما يسد معيشتهم سوى الماشية، والتي تواجه ظاهرة السرقة الآن.

وروى راعٍ فضّل عدم ذكر اسمه لـ"اقتصاد" أنه كان يرعى بداية حزيران الماضي مع شقيق له فذهب شقيقه ليحضر بعض الأشياء اللازمة وبقي وحده مع أغنامه قريباً من خيمتهم التي تبعد حوالي 10 كم عن منطقة السبخة في ريف الرقة الجنوبي الذي يقع تحت سيطرة "قوات سوريا الديموقراطية" ومليشات الأسد والمليشيات الإيرانية.

 وأضاف المصدر، أنه بعد مغادرة شقيقه بحوالي ساعتين حضرت إلى المكان سيارة من نوع "هيلوكس" وأخرى "شاص" وبعض الدراجات النارية ونزل عناصر منها وطلبوا منه أن يرفع يديه إلى الأعلى وكانوا حوالي 25 عسكرياً يضعون علامات تدل على أنهم أتباع إيران وعرف من بينهم-كما يقول- عنصرين من أبناء السبخة وحويجه شنان، بينما لم يعرف الباقين.

 وتابع محدثنا أن اللصوص أخذوا منه مفتاح الجرار الزراعي تحت تهديد السلاح وأخذوا حوالي 154 رأس غنم والتركتور الذي كان يجر صهريج ماء تم ملئه قبل يومين، وبعد أن عاد شقيقه ذهبا إلى القرية بما تبقى لديهما من رزق وتوجها هناك إلى مخفر الشرطة في السبخة وأخبروهم بما حدث وعلى عجل وعلى غير العادة–كما يقول- أخبروا إحدى السرايا المنتشرة هناك وانطلقا معهم يجوبون البادية بحثاً عن الأغنام المسروقة وعند اقترابهم من أحد معسكرات مليشيا إيرانية وجدوا -كما يقول- التراكتور والصهريج وآلاف الأغنام بالقرب من المعسكر، وعندما أخبرا قائد الدورية قال لهم لا نستطيع فعل شيء وأن بإمكانهما الذهاب والمطالبة بها وعادا إلى القرية خاليي الوفاض.

 ولفت المصدر إلى أن النظام كان يقول لمن يتم تعفيش أغنامهم إن تنظيم "الدولة" هو من يسرق الأغنام ويقتل رعاتها ولكن بعد أن انكشف الجناة الحقيقيون باتوا يعترفون أن المليشيات الإيرانية هي من تفعل ذلك ولكنهم لا يملكون فعل شيء حيالها.

وكشف محدثنا أن الكثير من الأغنام التي يتم تعفيشها ترسل إلى سوق الميادين لبيعها هناك لحساب قادة المليشيات الإيرانية وقوات النظام بالتساوي، وروى أن أحد الأشخاص ممن تم تعفيش أغنامه ذهب إلى سوق الأغنام في الميادين ووجد أغنامه عند تاجر اشتراها في حينه، وحينما اقترب منه وسأله ممن اشترى هذه الأغنام نظر إليه بغضب وقال له "مالك علاقة" وكان إلى جانبه أشخاص مسلحون-كما يقول- وتابع أن الشخص الذي قتل اثنان من أشقائه الرعاة قبل تعفيش أغنامهم تحدث لأهله وأقاربه عما رآه ولكنهم تكتموا على القصة خوفاً من المليشيات الإيرانية وجيش النظام المنتشر في المنطقة.

ومن ريف حماه الشرقي حتى بادية الميادين ودير الزور، تنتشر مافيات أخرى لسرقة الأغنام وجرائم قتل الرعاة بسلطة السلاح ودون أي مقاومة، وكشف مصدر فضّل عدم ذكر اسمه لـ"اقتصاد" أسماء بعض الشبيحة الذين يقومون بهذه الجرائم والمتعانون مع ضباط النظام ومنهم رئيس الرابطة الفلاحية في مدينه سلمية "طلال المذري" وهو شبيح من الطراز الأول وقائد ميليشيا في قوات النظام السوري ولديه عشرات العناصر الشبيحة تحت إمرته.

 وأكد محدثنا أن المذري كان يعيش على راتب من عمله كموظف صغير في مديرية الزراعة بحماة وهو حالياً يملك حوالي 3000 رأس غنم قام بتعفيشها من أصحابها على امتداد البادية الممتدة من ريف حماه الشرقي (عقيربات) إلى السلمية، وكانت الأغنام المعفشة تُحمل في سيارات أصحابها أو سيارات خاصة للشبيحة وتباع في سوق حماة أو تؤخذ إلى سوق الرحيبة بريف دمشق.

وابتداءً من منطقة تزيدان وصفيان وحقل هيسكو وصولاً إلى دير الزور يتولى جماعة الشبيح "تركي البوحمد" تعفيش الأغنام وارتكاب جرائم قتل بحق رعاتها ومن لم يقتلوه يقومون بتسليمه إلى مخابرات النظام بتهمة الإنتماء إلى تنظيم الدولة -وفق المصدر- الذي لفت إلى أن المدعو "عبد الحاصود" وهو اليد اليمنى لتركي البوحمد يتولى حالياً بيع الأغنام التي تم تعفيشها في الأشهر الماضية من المدنيين ويتواجد يومياً في سوق الغنم بمنطقة السبخة لبيع هذه الأغنام بأسعار أقل من المعتاد.

أما في ريف دير الزور باتجاه الشرق فهناك مجموعات البوسرايا ومنهم مجموعة "الجهام" ومجموعات الدفاع الوطني بدير الزور ومجموعة "أبو علي عيسى" الذي يعمل حالياً مع القاطرجي وجماعة الشعيطات وكلهم يقومون بذات المهمة من تعفيش وقتل وترويع للأهالي ولرعاة الأغنام في مناطق سيطرتهم.

(الصورة المرفقة أرشيفية لـ تركي البوحمد، أحد زعماء الميلشيات المسؤولة عن سرقة الأغنام)

ترك تعليق

التعليق