حواجز كورونا حول "جديدة الفضل" تغامر بالسوريين


الحجر الصحي المفروض على بلدة جديدة الفضل بمحافظة ريف دمشق لم يمنع السيدة "وداد" من مغادرة المنطقة صباح كل يوم والعودة إليها مساءً بعد انتهاء فترة عملها في حي الشعلان وسط دمشق.

تقول وداد لـ "اقتصاد" إنّها تدفع لقاء السماح لها بالمغادرة والعودة مبلغ 2000 ليرة سورية يومياً للحاجز الموجود في مدخل البلدة، وتُضيف بأنّها غير راضيةً عن هذا الفساد لدى الأجهزة الأمنية لكنّها مضطرةً لمجاراته كونها ترى أنّ المبلغ الذي تدفعه يُعدّ مقبولاً نوعاً ما إذا ما قُورن بالراتب الذي ستخسره في حال التزمت بالحجر.

فرض نظام الأسد الحجر على أربع مناطق بمحافظة ريف دمشق "عين منين - رأس المعرة - السيدة زينب - جديدة الفضل"، وعدّة أبنية في أحياء العاصمة دمشق، للحد من انتشار فيروس كورونا، بعد اكتشاف حالات إيجابية مخالطة فيها.

 ويتعمد النظام ذات الوسائل التقليدية في فرض الحجر، حيث تنتشر ميليشياته المسلحة بمحيط المنطقة المُقرر حجرها بالإضافة إلى ما تبقى من جيشه وعناصر فروعه الأمنية وقوات حفظ النظام.

وتقوم تلك القوات المسلحة بإحاطة المنطقة وإغلاق كافة المداخل والمخارج فيها، وتُحدد مدخلاً رئيسياً واحداً لاستخدامه في الاجراءات الاستثنائية ودخول الفرق الصحية وإدخال البضائع والمحروقات وإخراج القمامة وتنقل الأشخاص المُعفيين من الحجر.

إجراءات الحد من انتشار فايروس كورونا يُفاقم الوضع المعيشي السيء لدى المدنيين لا سيّما وأنّ فرص العمل مفقودة في البلاد منذ سنوات جراء ضعف القدرة الإنتاجية وخروج عدد كبير من المنشآت الصناعية عن العمل، وأكثر الناس يعتمدون في معيشتهم على الحوالات الخارجية، بحسب ما قال لـ "اقتصاد"، "أبو خالد"، المقيم في بلدة جديدة الفضل.

وأضاف أبو خالد أنّه من الأشخاص الذين استثمروا فرض الحجر الصحي لتحقيق فرصة عمل يستطيع من خلالها جني أرباح مقبولة، إذ اتفق مع عناصر الحاجز بالسماح له بإدخال الخضروات يومياً وبيعها داخل البلدة مقابل مبلغ 35 دولار أمريكي عن كُل سيارة صغيرة "سوزوكي"، مُنوهاً باضطرارية الناس لشراء المواد من الأسواق بأيّ سعرٍ كان بسبب عجز صالات المؤسسة الاستهلاكية في تأمين المنتجات لهم بسعر مدعوم وفقدان الكثير من المواد الاستهلاكية الرئيسية والأدوية ومستلزمات الأطفال.

وأشار محدثنا أنّ الواقع الإغاثي في بلدة "جديدة الفضل" سيء للغاية، ولا يُمكن مقارنته مع منطقة السيدة زينب، فبدايةً كميات المساعدات لا تُغطّي 10% من قاطني البلدة كونها قليلة جداً، كما أنّ الفساد مستشري بين المكلفين باستلام المساعدات وتوزيعها، وببساطة تجد أكثر أنواع المواد المخصصة للتوزيع بشكل مجاني لمستحقيها تُباع في الأسواق بشكل كثيف ما يدفع الناس إلى اللجوء لخيارات بديلة أبرزها الدفع لعناصر الحواجز ومغادرة المنطقة لشراء الحاجيات من خارجها.

"منظمة الصحة العالمية" قالت الشهر الماضي إنّ فيروس كورونا المستجد يزداد سوءاً في جميع أنحاء العالم، وحذّرت من التراخي في الإجراءات الوقائية وعدّت ذلك بوصفه الخطر الأكبر حالياً، منوهةً بأن سكان دول العالم بغاليتهم لا يزالون عرضةً للإصابة بالفايروس.

بالعودة إلى السيدة وداد فقد أكّدت وجود مؤشرات واضحة لاستمرار الحجر الصحي لفترة طويلة في بلدة جديدة الفضل، كما سيتم فرضه في مناطق كثيرة بسبب تضاعف أعداد المصابين ورفع الجاهزية بشكل رهيب في أكثر المستشفيات والمراكز الصحية، وتعرض عاملين في المجال الصحي منهم أطباء للإصابة، وكخطوة استباقية منها اتفقت مع إحدى الجهات الأمنية لمنحها بطاقة إعفاء من الالتزام بالحجر مقابل مبلغ 150 دولار أمريكي فقط.

بلغ عدد الإصابات بفيروس كورونا في مناطق سيطرة نظام الأسد حتى لحظة إعداد هذا التقرير 372 حالة، قضى منها 14 حالة، وشفي منها 126 حالة بنحو 33 بالمائة من المصابين بحسب البيانات الرسمية، فيما تستمر دوائر نظام الأسد الأمنية باستثمار آلام السوريين وجراحهم لسلبهم ما تبقى في جيوبهم وتخزين الأموال دون رعاية للوضع الصحي العام المصاب بالتردي منذ سنوات جراء سياسات خاطئة يُغامر بها رأس النظام ومن حوله، بجميع السوريين.

(الصورة المرفقة لقوات النظام أثناء انتشارها لفرض الحجر الصحي في جديدة الفضل)

ترك تعليق

التعليق