قصة "نخال" و"أجنحة الشام".. والأتاوة على السوريين المضطرين لمغادرة دمشق جواً


كما جرت عادة نظام الأسد وشبكة الفساد المحيطة به في استغلال أية حادثة كانت لتفريغ جيوب السوريين وسرقة أموالهم، وفي كل مرة بطريقة وأسلوب جديدين، هذه المرة الضحية هم السوريون العالقون في سوريا إثر جائحة كورونا، وما تبعها من إغلاق للحدود البرية بما يهدد عشرات السوريين من حملة الإقامات الأوروبية، بفقدان صلاحيات إقاماتهم إن لم يغادروا القطر قبل انتهاءها.

شركة طيران لبنانية تتعاون مع طيران أجنحة الشام

لمزيد من التفاصيل عن هذه العملية، التقى "اقتصاد" بالسيدة ابتسام، وهي سورية من مدينة حماه وتقيم في مدينة كولن الألمانية وقد حدثتنا عن تجربتها بالقول: "أحمل وزوجي إقامة ألمانية بنظام الكفالة وهذه الإقامة تتيح لي زيارة أبنائي في ألمانيا كل خمسة أشهر، وبخاصة أنهم لا يستطيعون النزول إلى سوريا فقسم منهم مطلوب للخدمة العسكرية وآخرون مطلوبون للتحقيق من قبل جهات أمنية، وقد وصلت إلى سوريا عبر الحدود اللبنانية بداية شهر آذار الفائت وقبل انتشار جائحة كورونا".

وتستطرد ابتسام: "اقتربت إقامتي الألمانية من نهايتها ويتوجب علي العودة إلى ألمانيا قبل أن أكمل ستة أشهر خارجها، ومع انتشار جائحة كورونا وحالة توقف الرحلات الجوية لأشهر أصبحت مثل كثيرين عالقة في سوريا، وعلى الرغم من استئناف الرحلات الجوية مؤخراً إلا أنني لم أستطع مغادرة سوريا براً إلى لبنان بسبب إغلاق الحدود البرية. إثر ذلك بحث لي أولادي عن طريقة للسفر وبعد تواصلهم مع عدد من المكاتب السياحية بدمشق، وجدوا طريقة للسفر جواً من مطار دمشق الدولي باتجاه مطار رفيق الحريري في لبنان ومنه إلى ألمانيا".

وتختم ابتسام بالقول: "المشكلة في هذه الطريقة هو استغلال حاجتنا كعالقين في سوريا وعدم وجود طريقة أخرى لمغادرة سوريا، وهذا الاستغلال لحاجتنا تجلى في سعر تذكرة الطيران التي تصل إلى ثلاثة أضعاف سعرها الفعلي، فالسفر يتم من مطار دمشق عبر شركتي أجنحة الشام أو السورية للطيران ومن بعدها مباشرة في مطار بيروت عبر شركة (نخال اللبنانية)، وهذه الرحلات تتم بالتعاون بين هذه الشركات، وبالعودة إلى الموقع الالكتروني لشركة نخال على الانترنت لرحلة 12/07/2020 من مطار رفيق الحريري في لبنان إلى مطار دوسلدورف في ألمانيا سعر التذكرة محدد بما يقارب 225 دولار أمريكي، في حين عند الحجز من مطار دمشق إلى مطار بيروت ومن ثم دوسلدورف على ذات الطيارة والرحلة المبلغ الذي طلبه مكتب الحجز في دمشق للتذكرة الواحدة كان ما يقارب 850 يورو، ولدى سؤالنا المكتب عن سبب هذا السعر الكبير للرحلة والتفاوت بين سعر الرحلة بين بيروت ودمشق كان جوابهم أن هذه المبالغ تذهب كأتاوات لشركة أجنحة الشام والسورية للطيران، ولمن نظم هذه الرحلات ووافق عليها داخل مطار دمشق الدولي".

وللاستيضاح وشرح هذه العملية وآليتها، التقى موقع "اقتصاد" بالسيد "أمجد" وهو أحد العاملين في مكتب سياحة وسفر في دمشق ويتم إجراء هذه الحجوزات عن طريق مكتبهم، وقد حدثنا بالقول: "حجز الطيران يتم عادة بطريقتين إما عن طريق ما يسمى GDS وهو اختصار لـ Global distribution System وهذه الطريقة الأكثر شيوعاً، وعادة  أغلب شركات الطيران في العالم موجودة على هذا النوع من الأنظمة، أو عن طريق ويب سايت خاص بشركة الطيران أو الوكيل أو مسير الرحلات كما في حالة شركة  (نخال)".

ويكمل أمجد: "شركة نخال تنقل المسافرين من دمشق لبيروت عن طريق استئجار طيارة من الخطوط السورية أو من أجنحة الشام، والمسافرون يجرون عملية ترانزيت في بيروت، ومن بيروت يستقلون طائرة أخرى باتجاه مطار برلين أو دوسلدورف، في البداية وصل سعر تذكرة الرحلة للشخص الواحد لما يقارب الـ ١٠٠٠ يورو، وبالطبع السعر كان متفاوتاً حسب العمولة التي يضيفها مكتب السياحة والسفر لنفسه، وبالوقت الحالي سعر التذكرة للراكب الواحد 850 يورو، ولدى شركة نخال حالياً 4 رحلات من هذا النوع الذي ذكرناه وهي رحلة لبرلين و٣ رحلات إلى دوسلدورف، مع العلم عند الدخول إلى صفحة  شركة (نخال) على الإنترنت نلاحظ أن سعر التكت من بيروت لـ دوسلدورف حوالي ٢٢٥ دولار وهو سعر معقول".

ويختم محدثنا بالقول: "بالنسبة لمفهوم المقطع بعملية حجز التذكرة تسمى الرحلة من مطار إلى مطار آخر بمقطع وذلك يعني أن  الرحلة من دمشق إلى بيروت تعتبر مقطع أو segment، والرحلة من مطار بيروت إلى مطار دوسلدورف مقطع ثانٍ، بالعودة لربط فكرة المقطع مع السعر، سعر مقطع بيروت-دوسلدورف هو حوالي ٢٢٥ دولار وهذا سعر منطقي لهذا المقطع أما سعر التذكرة كاملة المكونة من مقطعين هو حوالي ٧٥٠ يورو، بما يعني أن سبب ارتفاع السعر هو مقطع دمشق- بيروت".

وبالعودة إلى شركة أجنحة الشام فهي مملوكة نظرياً لرجلي الأعمال محمد أنور شموط ومحمد عصام شموط، بينما المالك الفعلي وفق مصادر عديدة، هو رامي مخلوف، ابن خال بشار الأسد، الموضوع اسمه على لائحة العقوبات الأوروبية، وهذه الأموال التي يدفعها من يقوم بعملية حجز الطيران يتم تسديدها بالقطع الأجنبي للشركة، والتي ستؤول بالنتيجة إلى دعم خزينة نظام الأسد وهذه العملية تشكل محاولة من هذه الشركة والسورية للطيران للتحايل على عقوبات قانون "قيصر" عبر الشراكة مع شركات أخرى تنقل المسافرين على خطوطها الجوية نظير مبالغ مالية كبيرة تثقل كاهل هؤلاء المسافرين ويتم تقاسمها بين هذه الشركات مستغلة حاجتهم، ضاربة بعرض الحائط أية عواقب محتملة أن تشملها عقوبات اقتصادية بموجب قانون قيصر جراء هذه الشراكة، والناس تضطر للسفر بهذه الطريقة لعدم وجود أية بدائل متاحة لديهم لتجنب دفع هذه التكلفة الباهظة، للحفاظ على صلاحية إقاماتهم الأوروبية وعدم فقدانها نهائياً.



ترك تعليق

التعليق