إيران تزيد حضورها في انتخابات "مجلس شعب" الأسد.. إلى ماذا تهدف؟


مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية التي سيجربها النظام السوري لانتخاب أعضاء "مجلس الشعب"، بدأت تظهر حجم التدخلات الإيرانية فيها، خصوصاً مع ظهور قيادات مليشيات موالية لطهران من بين أسماء المرشحين.

ففي حلب، حيث النفوذ غير المحدود لإيران، بسبب ضعف التواجد الروسي على مستوى المحافظة، تزدحم جدران المدينة بصور لقيادات من مليشيات الدفاع الوطني (الشبيحة) المدعومة إيرانياً، من مقاتلين وقيادات، من بينهم "حسين جمعة" أحد مؤسسي "لواء السفيرة"، و"وليد البوشي" مؤسِّس جمعية "وسام الخير" التي تُعنى بجرحى المليشيات الرديفة بحلب، وغيرهم من الشخصيات التي تعرف بصلاتها القوية بطهران، وفق ما أكدته مصادر إعلامية.

ومن المقرر أن تجري الانتخابات في 19 تموز الجاري، وذلك بعد تأجيل موعدها لمرتين في آذار وأيار الماضيين بسبب انتشار الوباء المستجد كورونا.

وجاء توقيع إيران على اتفاقية عسكرية شاملة مع النظام السوري، قبل أيام، ليدلل مرة أخرى أن إيران ذاهبة نحو استنساخ النموذج العراقي في سوريا، وفق تأكيد المحلل السياسي أسامة بشير، لـ"اقتصاد".

وأضاف أن التغلغل الإيراني في سوريا على المستويات كافة، بدأ في وقت مبكر من عمر الثورة السورية، وتغوّل حتى بات النظام السوري تحت سيطرة إيرانية تامة، والتوجه الإيراني المستجد هو نحو شرعنة هذا الواقع، من خلال زرع شخصيات موالية لها في كل مفاصل الدولة.

وتابع بشير: "رغم أن منصب (عضو مجلس الشعب) لا يعتبر منصباً مهماً، إلا أن إيران تبحث من خلال دفع شخصيات تابعة لها، إلى شرعنة اتفاقاتها العسكرية والاقتصادية، وكذلك لتسخيرها في خدمة مصالحها".

وقال المحلل، إن السيناريو الإيراني في العراق يتكرر الآن في سوريا، فهناك تمتلك إيران كتلة برلمانية موالية لها، وتحاول الآن خلق الواقع ذاته في سوريا، تحضيراً لحل سياسي قادم.

واعتبر بشير، أن كل التحركات الإيرانية تأتي في إطار التحضير للمرحلة القادمة، داعياً في هذا الصدد مؤسسات المعارضة السورية إلى تشكيل لجان متابعة للتحركات الإيرانية، بهدف مراقبة ودراسة السبل الكفيلة لمجابهة تغوّل طهران في سوريا.

أكثر قوة أمام الروس

وثمة أهداف أخرى من وراء دفع إيران بشخصيات عسكرية تابعة لها إلى "مجلس الشعب"، يشرحها الباحث بالشأن الاقتصادي السوري، يونس الكريم، في حديثه لـ"اقتصاد"، بقوله: "تحاول إيران الحصول على امتيازات أكثر، إلى جانب تقوية موقفها على الأرض أمام روسيا".

وأضاف أن خلق طبقة سياسية، من شأنه الدفاع عن مصالح إيران الاقتصادية على وجه الخصوص.

المفتش المالي، المنشق عن النظام منذر محمد، أكد بدوره، أن إيران تحتاج إلى ما يعرف بـ"الحصانة" لأعضاء مجلس الشعب، للتغطية على النشاط الاقتصادي المشبوه، وخصوصاً في مجال شراء وبيع العقارات.

وقال لـ"اقتصاد": "الحصانة والحماية لأعضاء مجلس الشعب، تجعل من شرعنة النشاط التجاري المشبوه أمراً هيناً".

وفي السياق ذاته، ناقش "مركز الحوار السوري" في ورقة تحليلية وصلت لـ"اقتصاد"، دلالات دفع إيران لشخصيات عسكرية موالية لها إلى "مجلس الشعب".

وجاء في الورقة، أنه "على الرغم من أن العضوية في (مجلس الشعب) لا تؤمّن مشاركة حقيقية في صناعة القرار أو الـمساءلة عليه، إلا أنها توفر للأعضاء بعض الامتيازات، كحصول الأعضاء على نوعٍ من الحصانة والحماية".

وأضافت: "يبدو أن إيران من خلال تصدير رجالاتها إلى مجلس الشعب تهدف -ربما بشكل استباقي- إلى إكمال حلقة نفوذها على القرار السوري ضمن عدة دوائر وعلى عدة مستويات، وإلى إبقائه مرتبطاً بها وغير قادر على الاستقلال عنها، بحيث تكون قادرة على تعطيل أي طرح سياسي مستقبلي لا يراعي مصالحها، ويمنع استبعادها من معادلة الحل النهائي، سواء تعلقت باللجنة الدستورية ومخرجاتها أو باختيار أي وجه بديل عن بشار الأسد، أو أي محاولة قد تسعى روسيا لإنفاذها لإخراج إيران عسكرياً أو اقتصادياً خارج الملعب السوري".

ترك تعليق

التعليق