الهرم وأخواتها بعد العقوبات الأخيرة.. قراءتان مختلفتان


اختلف مالك شركة صرافة وخبيران اقتصاديان، تحدث إليهم "اقتصاد"، في تقييم أثر العقوبات الخليجية – الأمريكية المشتركة ضد ثلاثة من أبرز شركات تحويل الأموال في سوريا، وهي "الهرم، وتواصل، والخالدي".

وينقسم مراقبون ومطلعون في هذا المجال، حول أثر تلك العقوبات، في اتجاهين مختلفين، الأول يرى أنه لا يوجد تأثير نوعي على أداء شركات الحوالات تلك، وعلى مجمل حركة الحوالات والقطع الأجنبي إلى سوريا، جراء تلك العقوبات. فيما يرى اتجاه آخر أن تلك العقوبات ستؤثر بشكل كبير على سوق الصرف وحركة الحوالات.

نحو العمل في الخفاء

وقال أحد مالكي شركة صرافة وتحويل أموال تعمل ما بين الداخل السوري وتركيا، في تصريحات لـ "اقتصاد"، إن قرار العقوبات الأمريكي الخليجي المشترك على 3 شركات صرافة سورية لن يكون له أي تبعات اقتصادية، مؤكداً أن ذلك لن يؤثر أيضاً على تعامل مختلف مكاتب الصرافة مع تلك الشركات.

وأضاف مصدرنا الذي فضل عدم الإفصاح عن هويته سوى أنه مالك شركة صرافة، أن "القرار لن يؤثر بأي صورة على الواقع الاقتصادي، والسبب أن مكاتب الهرم تعمل، وشركة تواصل تعمل أيضاً- طبعاً مع تغير طفيف- أما شركة الخالدي فأصلاً هي تعمل بمجال المجوهرات ومالكها ملاحق منذ فترة، وتم إيقاف عمله في تركيا".

وأشار إلى أنه "حتى لو اشترك في فرض العقوبات دول خليجية إلى جانب أمريكا، لكن العمل سيبقى مستمراً من تحت الطاولة، وبإمكانك تحويل أي مبلغ تريد وإلى أي مكان تريد وعن طريق الشركات نفسها".

وعقّب المصدر: "من كان يعمل في العلن، سيعمل لاحقاً في الخفاء".

شركات تعمل بطريقة "البنكنوت"

ويتفق الخبير الاقتصادي، منهل العبود، مع رأي مالك شركة الصرافة، المفصّل أعلاه. ويضيف "العبود" أن العقوبات الأمريكية تطال تحويل الأموال عبر الجهاز المصرفي العالمي والذي يخضع لمراقبة الجهاز الفيدرالي الأمريكي وهي الطريق المتبعة لتحويل الأموال لكبرى شركات الحوالات كـ "ويسترن يونيون".

وتابع: "تقضي العقوبة بإيقاف عمليات التحويل للشركة المفروض عليها العقوبات (يقصد الشركات الثلاث: الهرم وتواصل والخالدي)".

وأشار "العبود" أن هذه الشركات الثلاث ومعظم شركات الحوالات السورية المحلية لا تتعامل عبر الجهاز المصرفي العالمي، ويعتمدون نظام "البنكنوت"، وهو استخدام طريقة "الشنتة" والتعامل بالنقود الحقيقية.

ورأى "العبود" أن "عملية فرض العقوبات تؤثر أغلبها على الأجهزة الرسمية، ولا توجد في سوريا جهة تتبع لها هذه الشركات، وبالنسبة لأفرع تركيا فإن أغلبها يعمل بشكل غير رسمي عبر محال صياغة وما شابه وإن كان لبعضها وكالة من (ويسترن يونيون)، ولكنها لا تعمل كجهة رسمية وبالتالي فإن العقوبات لن تؤثر عليها كما هو متوقع".

رأي مختلف.. أثر مرتقب على سعر الصرف

لكن، الخبير الاقتصادي، الدكتور "أسامة القاضي"، رئيس "مجموعة عمل اقتصاد سوريا"، قدّم قراءة مختلفة. إذ يذهب "القاضي" إلى أن فرض العقوبات الخليجية الأمريكية على شركات الصرافة الثلاث السورية، سيكون له أثر كبير على سعر صرف الليرة السورية، وسيحرم سوريا من القطع الأجنبي، خاصة وأن دول الخليج هي الشريان الأكبر لتحويل الأموال إلى سوريا.

وقال "القاضي" لـ "اقتصاد"، إن "الشركات التي صنفت على أنها تساعد في غسيل الأموال، هي من الشركات القلائل التي بقيت تعمل بحرية داخل سوريا، وأبقى عليها مصرف سورية المركزي وحكومة النظام السوري".

وأضاف أن "شركة الهرم لها ثلاثة فروع داخل سوريا، فرعان في دمشق وواحد في حلب، تملكها عائلة عاصي، وملك 20% لآية الله محمود عاصي، في حين أن شركة تواصل لها تسعة فروع، سبعة منها في دمشق، وكذلك شركة الخالدي للصرافة".

وتابع: "أعتقد أن الخناق يضيق أكثر وأكثر على النظام السوري بفرض العقوبات على هذه الشركات الثلاث، وأعتقد أيضاً أنه بين الحين والآخر ستكون هناك عقوبات اقتصادية على شركات مماثلة ما لم تأخذ روسيا المبادرة بحل سياسي حقيقي، وإلا فسيكون هناك ضغط أكبر".
وأشار إلى أنه "يلاحظ هذه المرة التعاون الخليجي الكبير وخاصة من جانب السعودية مع الخارجية الأمريكية في تصنيفها أيضاً لهذه الشركات، بحيث أن الشريان الأكبر لتحويل الأموال وهو من دول الخليج إلى السوق السورية، سيضيق، وستضيق معه مساحة المتاح من القطع الأجنبي في السوق السورية، وربما سيكون له أثر على سعر صرف الليرة السورية أيضاً لأن هذا ضغط كبير سيحرم سوريا من تحويل الأموال بتهمة غسيل الأموال في هذه الشركات الثلاث".

وختم بالتاأكيد على أنه "لا حل سوى التقدم باتجاه حل سياسي حقيقي ينهي هذه الأزمة، وأن تكون هناك حكومة تكنوقراط شفافة تستطيع التعامل مع العالم، ولا يستطيع السوريون أن يبقوا على هذه الحال إلى ما لا نهاية، فوضع السوري وصل إلى مرحلة لا يمكن تحملها أكثر".

كانت ست دول خليجية، إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية، قد أصدرت عقوبات على ثلاثة من أبرز شركات تحويل الأموال الناشطة في سوريا، بتهمة التورط في نشاطات تمويل لصالح تنظيم "الدولة الإسلامية".

وصدرت العقوبات، يوم الأربعاء، عن الدول الخليجية الست، السعودية وقطر والكويت والبحرين والإمارات وعُمان، بالتزامن مع صدورها عن وزارة الخزانة الأمريكية، في واشنطن.

وتنص العقوبات على تجميد أصول الكيانات والأفراد المشمولين بالعقوبات، ووقف أي تعاملات معهم، مباشرة أو غير مباشرة.

وحتى الساعة، لم يُلحظ أي أثر لتلك العقوبات على سعر الصرف في السوق المحلية بسوريا.

ترك تعليق

التعليق