لماذا ارتفعت الليرة؟، وإلى أين سيتجه سعر الصرف؟، وما أبرز النصائح للمتعاملين؟


يتطلع "أبو مروان" إلى ما بعد عيد الأضحى لمعرفة إذا ما كان سعر صرف الليرة سيبقى مرتفعاً أم سيشهد تهاوياً جديداً مرعباً،  مقابل الدولار الأمريكي.

"أبو مروان"، صرّاف يعمل في مدينة إدلب، ويبدي قلقه من هذا التحسن المفاجئ لليرة السورية، بعد أن استعادت ما يقارب 30% من قيمتها التي خسرتها في الأشهر القليلة السابقة.

ويُجمع معظم الصرّافين الذين تحدث إليهم "اقتصاد"، أن تحسن سعر صرف الليرة السورية، الأخير، هو مؤقت، وأنه مرتبط بتدخلات في السوق. وأن تراجعاً لليرة سيكون مرجحاً بعد عطلة عيد الأضحى المبارك.

جلسة تدخل غير معلنة

"أبو مروان" قال لنا إن هنالك أخبار تتوارد عن تدخل المصرف المركزي لضخ القطع الأجنبي بغية تحسين سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي، بدون أي إعلان مسبق عن هذا الأمر. وهو ما يعتقد "أبو مروان" أنه حصل بالفعل.

ولكن السؤال: إلى متى سيبقى تدخل المركزي قادراً على تثبيت سعر الصرف؟

يعتقد "أبو مروان" أن تأثير ذلك التدخل سينحسر حالما تفرض واشنطن حزمة جديدة من العقوبات في سياق تطبيق قانون "سيزر". وهو ما تحدث عنه المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري، منذ فترة.

لذا يدعو "أبو مروان" السوريين إلى عدم تبديل مدخراتهم التي يحتفظون بها بالدولار، وتصريفها إلى ليرة سورية، لأنها عملة منهارة، مهما ارتفع سعر صرفها، بشكل مؤقت.

ويصف "أبو مروان" هذا الارتفاع، بأنه لعبة جديدة من "النظام الخبيث" لجمع ما تبقى من القطع الأجنبي في السوق، ودفع الناس للعودة إلى التعامل بالليرة السورية، بعد أن اعتُمدت التركية كعملة أساسية في معظم المناطق المحررة.

حوالات العيد


في نفس السياق، توقع صرّافون تحدث إليهم "اقتصاد"، حدوث استقرار نسبي في سعر صرف الليرة السورية بعد حالة التصحيح الأخيرة التي شهدتها العملة المحلية.

الاستقرار ربما ينجم عن انتهاء جلسة تدخل غير معلنة يعتقد الصرافون أنها حدثت عبر وكلاء للمصرف المركزي في السوق السوداء مؤخراً وأدت إلى صعود قيمة الليرة السورية.

وربما تلعب الحوالات المالية التي يواظب اللاجؤون في أوروبا وتركيا على إرسالها إلى ذويهم في الداخل قبيل المناسبات مثل عيدي الفطر والأضحى، في محافظة الليرة على مكتسباتها لفترة مؤقتة. نظراً للإقبال الكثيف الذي يحدث عادة على الليرة السورية.

لكن وبحسب الصرافين سيعود السوق (نقصد سعر الدولار) إلى الارتفاع مجدداً بعد أسابيع قليلة.

مضاربات

ليس يسيراً التنبؤ باتجاه سعر صرف الليرة، بحسب أحد الصرافين في ريف حلب الشمالي، ومن وجهة نظره فإن سعر صرف الليرة السورية بات مرتبطاً إلى حد كبير بالمضاربات.

وأضاف الصراف لـ"اقتصاد"، أن التحسن الحاصل في سعر الليرة زاد الطلب عليها، وهو ما أدى إلى تفضيل الصرافين في الوقت الراهن شراء الليرة، وخصوصاً أن عيد الأضحى على الأبواب.

ويعني ذلك، أن الليرة ستواصل مسيرة التعافي – على الأقل في فترة ما قبل العيد-، بحسب الصراف ذاته، منهياً بقوله: "وفق الاعتقاد السائد فإن تحسن الليرة سيكون تحسناً آنياً (مؤقتاً)".

حبس لليرة

وفي هذا الصدد، قال أحد مالكي شركات الصرافة التي تعمل بين تركيا والداخل السوري لـ "اقتصاد"، إن "سبب ارتفاع الليرة السورية توقف استيراد مناطق النظام لأي شيئ من مناطق الشمال السوري مما أدى لتوقف الطلب الكبير على الدولار، إضافة لدخول أياد خفية تابعة للنظام إلى أسواق حلب والشام وبيع الدولار بكميات كبيرة، وفي حال تم البيع والشراء يقومون بإمساكه، وبالتالي حركة التداول قد توقفت، يضاف إلى ذلك حبس البنك المركزي لليرة السورية مما أدى إلى نقص في الليرة ووفرة في الدولار وهو عامل قوي".

وفي رد على سؤال إن كان ارتفاع الليرة مؤقت أم لا؟، قال مصدرنا: "السؤال الأبرز هو إلى متى سيطول حبس الليرة ومنع استيراد البضائع. هنا السؤال.. وفي حال تم توقف ذلك سيحدث انفجار سعري يضرب الأرقام اللتي وصل إليها".

ووجه مصدرنا نصيحة للذين يتعاملون بالليرة، وقال: "حافظوا على مدخراتكم وقللوا من حجم التعاملات، وفرضاً بدل أن تبيع أو تشتري 10 آلاف دولار بع واشتري بـ 2000 دولار فقط، وحافظ على صندوق متوازن فيه عملة سوريّ ودولار".

الدولار سيرتفع بعد العيد

وبالتوجه إلى تل أبيض شرقي سوريا، قال أحد الصرافين لـ "اقتصاد" إن "سبب ارتفاع الليرة السورية هو ركود السوق وقلة الإقبال والطلب على شراء الدولار في هذه الفترة".

وأعرب مصدرنا عن توقعاته بأن "يعود الدولار للصعود من جديد ولكن بعد عطلة عيد الأضحى القادمة".

ووجه نصيحة للمتعاملين بتجارة العملة بأن "الليرة السورية ليس لها أمان وبأي لحظة من الممكن أن يهوي سعرها".

صراف آخر في تل أبيض قال لـ "اقتصاد" إن "من أسباب ارتفاع الليرة السورية مؤخراً، هو وصول حوالات خارجية من الخارج للداخل السوري بنسبة كبيرة هذه الفترة، وفي كل موسم عيد تأتينا الحوالات وبمبالغ كبيرة بالدولار وهناك طلب كبير على الليرة السورية، إضافة للطلب على الليرة السورية بسبب بيع المحاصيل".

وأضاف أن "ارتفاع الليرة السورية لن يدوم كثيراً، وأنصح الجميع بتحويل أموالهم للدولار كون الأسعار التي نراها اليوم مناسبة جداً ومن الممكن ألا نراها بعد العيد. ونتمنى الاستمرار بارتفاع الليرة السورية حتى تكون الأمور جيدة بالنسبة للمواطن".

وفي رأس العين قال أحد الصرافين لـ "اقتصاد" إنه "من المتوقع أن يكون ارتفاع الليرة السورية مؤقت خاصة الأسبوع القادم"، مرجحاً أن يكون هناك "دعم خارجي للنظام لدعم الليرة السورية سواء من الإمارات أو روسيا".

"أبقي غلتك بالدولار"

وبالتوجه صوب شرقي دير الزور قال صراف يعمل في المنطقة لـ "اقتصاد" إن "السوق غير مستقر ولا أحد يعلم متى سينزل الدولار ومتى سيرتفع، ولو نعلم ذلك لكنا اشترينا عندما كان سعره مرتفع وكنا بعنا عندما انخفض سعره".

ونصح مصدرنا المتعاملين بتجارة العملة أن "يحافظ التاجر على صندوقه و(يسكر) عمله كل يوم بيومه، وأن يبقي الغلة بالدولار فقط، فمهما تغير السعر يحافظ الدولار على قيمته المادية".

وأضاف أن "الليرة السورية وصلت لأرقام لم يكن يتوقعها أحد بعد أن وصل سعرها مقابل الدولار 3800 ليرة سورية، واليوم رغم أنه يوم الجمعة الليرة وصل سعرها ما بين 1800 و1850، أي أنها نزلت 2000 ليرة وارتفعت 2000 ليرة وهي أرقام خيالية".

وبخصوص توقعاته عن مصير الليرة السورية قال إن "هذا الأمر يتضح بعد العيد، خاصة أن هذا الأسبوع موسم أعياد وأضاحي في منطقة الجزيرة وهناك طلب قوي على الليرة السورية، وإذا كان هناك ارتفاع (للدولار) فسيكون بعد عيد الأضحى".

ترك تعليق

التعليق