أضحية العيد في القلمون.. قفزة هائلة في السعر


تشهد أسواق المواشي في منطقة القلمون الشرقي بريف دمشق لهذا العام، ارتفاعاً كبيراً في أسعار الأضاحي قياساً بنفس الفترة من العام الماضي، ما أدّى لعزوف ملحوظ عن شرائها في أوساط السكان، رغم أنّهم اعتادوا تقديمها في السنوات الماضية.

ويقول عدد من اللحامين في منطقة القلمون، لـ"اقتصاد" إنّ سعر الأضحية ارتفع هذا العام بنسبة تقدّر بنحو 150% عن العام الماضي -وقد تتجاوز نسبة الارتفاع هذه حاجز 200% الأسبوع الجاري وعشية العيد-، الأمر الذي أدّى إلى انخفاض الطلب عليها من قبل أبناء المنطقة وعزوفهم عن نيّة شرائها.

وحول أسباب ارتفاع الأسعار -يضيف أحد اللحامين- أنّ غلاء الأسعار وسوء الظروف المعيشية للأهالي من بين أهم عوامل تراجع مبيعات أضاحي العيد، بالإضافة لارتفاع تكاليف تربية المواشي ونقلها، عدا عن نشاط التهريب إلى دول الجوار، خاصة أنّ الأغنام السورية البلدية مرغوب فيها بالدول الأخرى وأسعارها أضعاف سعرها داخل البلد.

واعتاد أبناء منطقة القلمون كما كل المناطق السورية؛ على حجز أضاحيهم لعيد الأضحى قبل عدّة أسابيع من موعد العيد، لكنّ حجم الطلب كان قد انخفض منذ العام الماضي، وازداد سوءاً هذا العام مع ارتفاع تكاليف النقل بسبب ارتفاع أسعار الوقود.

ووفقاً لما أشار إليه "حسين الرشيد" وهو تاجر ماشية في منطقة "القلمون" الشرقي، في حديث خاص لـ"اقتصاد"، فإنّ استعدادات تجّار المواشي واللحوم التي تبدأ عادةّ قبل عيد الأضحى بأسابيع، تأخرت هذا العام، ولم تبدأ إلى أن بقي على قدوم العيد أسبوعان، حيث يشهد سوق بيع المواشي في دمشق وريفها عموماً حالةً من الركود بسبب عزوف السكان عن شراء الأضاحي هذا العيد.

وفيما يخص الأسعار بيّن "الرشيد" أنّ سعر كيلو غرام من لحم الخروف الحي العام الماضي 2250 ليرة سورية، وفي العام 2018 حوالي 1800 ليرة، أي بزيادة 500 ليرة.

وبالعودة لأسعار السوق الحالية فإنّ سعر كيلو لحم الخروف الحي يتراوح –كما يقول "الرشيد"- بين 5600 إلى 6000 ليرة سورية، أي أنّ سعر الخروف وزن 60 كيلو لا يقل عن 336 ألف ليرة، ما يعني عدم قدرة غالبية السوريين على تأمين هذا المبلغ وتأدية هذه الشعيرة التي باتت تقتصر بالدرجة الأولى على ميسوري الحال، أو على الأشخاص الذين يعتمدون على تحويلات مالية تأتيهم من أقاربهم في الخارج.

وأردف "الرشيد" أنّ أجرة القصابين الذين يذبحون الأضاحي ارتفعت أيضاً من 5000 ليرة العام الماضي إلى 10 آلاف ليرة في العام الحالي.

ومن وجهة نظر "الرشيد" فإنّ هذه الأسعار لا تتناسب مع الوضع الاقتصادي السائد في سوريا، كذلك فهي تعتبر خسارة على المربين الذين يضطرون للبيع ضمن هذه الأسعار تجنباً لخسائر إضافية ولا سيما أنّ أسعار كيلو العلف الواحد المكون من نسبٍ محددة من (الشعير، صويا، ذرة، نخالة) ارتفعت في هذا العام لتصل إلى 500 ليرة سورية للكيلو، في حين كانت العام الماضي 150 ليرة.

الأضاحي بين المغتربين وميسوري الحال

بدوره قال "أحمد المرعي" أحد مربي الأغنام من أبناء مدينة "الرحيبة"، إنّ الأسعار بدأت ترتفع منذ شهرين تقريباً، كما أنّ غالبية الراغبين في تقديم أضاحٍ هم من المغتربين الذين يشترون الأضاحي عبر الجمعيات الخيرية أو عبر عائلاتهم أو معارفهم، بالإضافة إلى ميسوري الحال وهم قلّة قياساً إلى السنوات السابقة.

وأمام هذا الواقع لجأ بعض أبناء المنطقة-كما يقول "المرعي"- إلى شراء أضحية العيد بالتقسيط؛ وهذا الأمر مرتبط بمدى وطبيعة العلاقة التي تجمع بين تاجر الماشية والمُضحي (الراغب بالأضحية)، في حين لجأ البعض الآخر وهم قلّة إلى الاشتراك فيما بينهم لتقديم أضحية واحدة شريطة أن يكونوا من عائلة واحدة وتكون الأضحية حصراً من الأبقار أو العجول أو الإبل.

ونظراً لأنّ أسعار الأضاحي تفوق القدرة الشرائية لغالبية السوريين، باتت هناك مئات العائلات السورية التي تنتظر من يرسل إليها حصة من أضحية العيد لطهي اللحم، بعد أن أصبح شراؤها وتناولها خارج أولويات تلك العائلات واهتماماتها المعيشية.

"أبو حاتم" وهو موظفٌ حكومي من مدينة "جيرود" المجاورة، تمكن في هذا العام من إدخار مبلغٍ من المال على أمل شراء خروف العيد، إلاّ أنّ محاولته باءت بالفشل وعزف عن شراء الأضحية، بسبب حاجته للمال المدّخر من أجل تغطية نفقات الطعام والشراب والدراسة لأبنائه.

وعقب على ذلك بالقول: "أنّا على هذه الحال منذ ثلاثة أعوام؛ صارت الأضحية أمنية، فكل شيء يرتفع سعره خلال الحرب إلاّ الإنسان".

ترك تعليق

التعليق