حكومة النظام وسلطة "التخويف" من الموت


ترك ارتفاع عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا في سوريا، أثره الكبير على حركة المجتمع، ومعها القرارات الحكومية، التي أثبتت حتى اليوم بأنها كارثة أخرى تضاف إلى كارثة الفيروس ذاته، وخصوصاً إذا ما تأملنا في نوعية هذه القرارات، والتي في أغلبها تعول على خوف الناس من الموت، وليس على إجراءات حقيقية تقوم بها هذه الحكومة.

تخويف السوريين من الموت، أسلوب لطالما استخدمه نظامهم، لضبط إيقاع المجتمع وبأبخس التكاليف، وتحت عناوين مختلفة، وبطرق مباشرة وغير مباشرة أحياناً، كالحالة التي تمر فيها البلد اليوم، مع تفشي وباء كورونا على نطاق واسع في العديد من المدن السورية، ومنها دمشق وريفها على وجه الخصوص..

الطريق غير المباشر الذي يتبعه النظام اليوم، في تخويف السوريين من الموت بكورونا، يعتمد هذه المرة على خطاب الحكومة "الأبوي" لمواطنيها، وتعويلها على "الوعي" الفردي والمجتمعي.. وهي رسالة مختصرها، بأن النظام فعل كل ما بوسعه لتجنيب "الأخوة المواطنين" الخطر، وأن الكرة الآن في ملعبهم، وأي أذى يتهددهم، فهو بفعل أيديهم..

وفي تفاصيل هذا الخطاب، يمكن أن تقرأ قرارات تفوح منها رائحة الموت الشنيعة، تطالب من يتوفى له قريب بكورونا، أن يراجع مكاتب دفن الموتى، للإطلاع على الإجراءات المتعلقة بطرق الدفن والصلاة على الجنازة والعزاء، والتي أقرتها وزارة الأوقاف بالاتفاق مع نخبة من رجال الدين في المجتمع..

وعلى مقلب آخر، يمكن أن تقرأ ثقافة الموت، في هذا السيل من النعوات، على صفحات السوريين، لنخب قضت بفيروس كورونا، مثلما فعل رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية، فارس الشهابي، الذي نعى على صفحته الشخصية في "فيسبوك" خمسة من كبار الأطباء العاملين في المجال الطبي والصيدلي بحسب قوله، والذين قضوا جميعاً بفيروس كورونا.

أما الحكومة، فهي من جهتها لا تملك سوى أن تهيب بـ "الأخوة المواطنين"، وكما هو التوجيه الذي أصدرته قبيل عيد الأضحى المبارك، وتطالب فيه "الالتزام بالمنازل والابتعاد قدر الإمكان عن التجمعات وأماكن الازدحام، وأن المرحلة الحالية تتطلب درجة عالية من الوعي والمسؤولية لجهة التقيد بالإجراءات الاحترازية للتصدي لوباء كورونا والحد من انتشاره.

أي باختصار: موتكم شأن شخصي يخصكم، مثلما هي حياتكم.

ترك تعليق

التعليق