تعرّف على الأسباب.. مزارعو ريف حلب يتكبدون خسائر في محصول البطاطا


رغم وفرة محصول البطاطا هذا العام في ريف حلب الشمالي، إلاّ أنّ معظم المزارعين في المنطقة تكبدوا خسائر كبيرة في سعر محصولهم، بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج وقلّة أسواق التصريف وانخفاض الأسعار للمنتج، حيث تراوح سعر الكيلو الواحد -بحسب تجّار تحدث إليهم "اقتصاد"- في أسواق الجملة (سوق الهال) بين 170 إلى 230 ليرة سورية وسط تذمرٍ كبير من المزارعين بسبب الفارق مع تكلفة الكيلو غرام الواحد البالغة حوالي ٣٠٠ ليرة.

حول هذا الموضوع قال "معن ناصر" مدير عام "مؤسسة إكثار البذار" بريف حلب الشمالي، في تصريح خاص لـ "اقتصاد"، إنّ خسارة المزارعين تراوحت في العروة الربيعية للعام 2020 بين 2500 إلى 3000 دولار للهكتار الواحد، فيما بلغ متوسط تكلفة الهكتار الواحد بين 4500 إلى 6000 دولار.

وأرجع السبب وراء ذلك إلى عدّة عوامل أبرزها: غياب أسواق التصريف ومحدوديتها، وزراعة البطاطا بكميات كبيرة في ريف حلب المحرر، بالإضافة إلى غلاء مستلزمات الإنتاج المختلفة بدءاً من البذار الذي تبلغ نسبة تكلفته 50% من تكاليف الإنتاج عموماً، مروراً بالفلاحة والمحروقات والأسمدة والمبيدات والعمالة والنقل.

وأشار "ناصر" إلى أنّ هذه السنة تتميز بوفرة الإنتاج؛ حيث بلغت نسبة الزيادة نحو 20% عن العام الفائت، فيما بلغ متوسط إنتاج الهكتار الواحد من محصول البطاطا في العروة الربيعية الحالية حوالي 40 طناً وبسعر وسطي 200 ألف ليرة (حوالي 100 دولار) للطن الواحد.

وتعمل "مؤسسة إكثار البذار" في ريف حلب الشمالي –كما يقول "ناصر"-على دعم مزارعي البطاطا في المنطقة، وذلك من خلال تقديم بعض البدائل للتخفيف من خسارتهم مثل: توفير بذار تنافس بجودتها البذار الأجنبية المستوردة، وبأسعار مخفضة أرخص بنسبة تتراوح بين 25 إلى 50% عن سعر السوق، إضافةً إلى توفير بعض أصناف الأسمدة والمبيدات بسعرٍ مدعوم على شكل "قروض حسنة"، حسب تعبيره.


غياب التصدير

بدوره، قال "محمد أبو إسماعيل" أحد تجّار الخضراوات في المنطقة، إنّ الكميات الإضافية من البطاطا المنتجة محلياً في ريف حلب الشمالي، أسهمت في زيادة عرض البطاطا في الأسواق، وانخفاض أسعارها على المستهلكين بنسبة تتراوح بين 15 و20%.

ووفق التاجر، فإنّ حركة تصدير الكميات الفائضة من البطاطا شبه معدومة؛ سواءً باتجاه مناطق "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، أو المناطق الخاضعة لسيطرة النظام. كما تمنع الحكومة التركية في الوقت الراهن دخول البطاطا السورية من شمالي حلب إلى أراضيها حفاظاً على ثبات السعر بالنسبة لمنتجها المحلي.


مغامرة الخزن والتبريد

ونتيجة لانخفاض أسعار مبيع البطاطا وخسارة المزارعين يلجأ البعض منهم إلى المغامرة بإدخال محاصيلهم إلى غرف التبريد، علّهم يستطيعون كسب بعض الأرباح بعد عمل شاقٍ خلال الموسم، وفي هذا مخاطرة كبيرة لأنّ المزارع قد يتعرض للربح أو الخسارة، وذلك حسب أسعار البطاطا عند انتهاء فترة التخزين وطرحها مجدداً في الأسواق.

ولفت المزارع "خليل الحميدي" إلى أنّ الأسعار الحالية للبطاطا لم تتجاوز حاجز 230 ليرة سورية، ما يقوده إلى الخسارة لا محالة، إلاّ أنّه أقدم على تخزين محصوله في البرادات، كخطوة لتفادي الخسارة رغم ارتفاع أجرة التبريد في المنطقة، لكنّ الأمر-كما يقول- يستحق "المخاطرة".

وأوضح "حميدي" تكاليف هذه الخطوة بالقول: "تتراوح تكلفة حفظ وتبريد كيلو البطاطا الواحد في وحدات الخزن والتبريد المحلية لفترة 3 أشهر، بين 40 إلى 60 ليرة سورية، وهي تكلفة مرتفعة، ولذلك يحجم المزارعون والتجّار عن تطبيقها أو المتاجرة بهذه السلعة".

هذا الواقع يدفع بعددٍ من التجّار-كما يقول التاجر "أبو إسماعيل"- إلى شراء البطاطا بسعر بخس وتخزينها في البرادات لعدّة أشهر ريثما يقل العرض ويرتفع السعر، وبذلك يكونوا قد حققوا ربحاً في حين خسر المنتجون.

ويتعرض المزارعون في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام للخسارة بسبب انخفاض سعر السوق المحلي أو عدم وجود أسواق تصريف للمنتج، ومنها ما يعود لظروف وعوامل جوية، إذ يضطر المزارع إلى بيع محصوله بثمن أقل من سعر الكلفة أو بنفس القيمة بغض النظر عن التكلفة المادية والجهد الجسدي الذي يبذله.


ترك تعليق

التعليق