درعا.. لماذا قفزت أسعار الحليب ومشتقاته إلى مستويات غير مسبوقة؟


تشهد أسعار الحليب ومشتقات الألبان في محافظة درعا، منذ نحو شهرين، ارتفاعاً غير مسبوق، وذلك على وقع انخفاض قيمة الليرة السورية، وارتفاع أسعار جميع المواد الذي تشهده سوريا بشكل عام.
 
وأشارت مصادر مطلعة من مناطق المحافظة المختلفة، إلى أن ارتفاع أسعار الحليب والألبان في محافظة زراعية مثل درعا، (تعتمد على الإنتاج الزراعي والحيواني كمصدر دخل لشريحة واسعة من أهلها)، يعتبر سابقة لم تحدث حتى خلال السنوات التي تلت العام 2011.
 
وعزت بعض المصادر ارتفاع أسعار الحليب ومشتقاته إلى تراجع إنتاج الحليب، بسبب تناقص عديد القطيع بفعل الذبح الجائر، وعمليات التهريب الذي تتعرض له الثروة الحيوانية إلى لبنان والعراق، وارتفاع أسعار الأعلاف في ظل ما تعانيه البلاد من ظروف اقتصادية سيئة، لافتة إلى أن سعر كيس العلف وزن 50 كغ ارتفع خلال فترة قصيرة من 7500 ليرة سورية، إلى نحو 24 ألف ليرة سورية.

وأضافت المصادر، أن طن القمح المخصص كعلف، ارتفع أيضاً من 220 ألف ليرة سورية إلى 400 الف ليرة سورية، والشعير إلى 380 ألف ليرة سورية، فيما ارتفع طن التبن وحسب نوعه إلى 50 ألف ليرة لتبن القمح، و90 ألف ليرة و180 ألف ليرة لتبن البيقية والحمص.

وأشار أصحاب هذا الرأي، إلى أن ارتفاع أسعار المواد الداخلة في العليقة العلفية، هو السبب في ارتفاع سعر كيلو الحليب، الذي ارتفع من 250 ليرة سورية في السابق، إلى 450 ليرة سورية حالياً، و"المغلي" إلى 525 ليرة سورية، فيما ارتفعت عبوة اللبن "الخاثر" زنة 600 غرام من 250 ليرة سورية إلى 400 ليرة سورية، أي أن سعر كيلو اللبن تجاوز الـ 700 ليرة سورية، وهناك إشاعات حول رفع سعر عبوة الـ 600 غرام إلى 500 ليرة سورية لاحقاً.

ولفتت المصادر إلى أن الارتفاع شمل أيضاً "اللبن المصفى" حيث وصل الكيلو غرام إلى 2600 ليرة سورية، والجبنة البلدية الذي وصل سعر الكيلو منها إلى 2800 ليرة سورية، فيما وصل سعر كيلو اللبنة المخصصة للتخزين والمؤونة "المدعبلة" إلى 4000 ليرة سورية للكيلو، وهو ما سيحول دون تخزين هذه المادة كـ "مونة" سنوية هذا العام، إن بقيت الأسعار مرتفعة بهذا الشكل.
 
من جهتها، رأت مصادر أخرى، أنه لا مبرر أبداً لرفع أسعار الحليب ومشتقات الألبان في المحافظة إلى هذه المستويات العالية جداً، لافتة إلى أن المراعي مازالت متوفرة في معظم مناطق المحافظة، لا سّيما وأن موسم الحصاد للتو قد انتهى، وأنه مازالت هناك إمكانية لتغذية القطيع على بقايا الأعشاب ومخلفات الحصاد، وبأسعار تعتبر مناسبة جداً.
 
ولفت أصحاب هذا الرأي، إلى أن رفع أسعار الحليب ومشتقات الألبان يعود إلى بيع إنتاج المحافظة من مادة الحليب إلى محافظات أخرى، عبر وسطاء وتجار، إضافة إلى عدم وجود رقابة على الأسعار، لعدم وجود حسيب أو رقيب قادر على كبح جماح هذه الفوضى السعرية التي تعيشها المحافظة.

وأكد أصحاب هذا الرأي، أن عشرات الأطنان من الحليب تجمع صباح كل يوم من ريف المحافظة، وتنقل إلى وسطاء يقومون بدورهم بنقلها عبر خزانات مبردة إلى المحافظات الأخرى، ويحصلون على أرباح كبيرة لقاء ذلك.

بعض المربين أكدوا أن ارتفاع الأسعار سببه ارتفاع تكاليف الأعلاف، ودعوا سلطات النظام المعنية إلى تأمين العلف المدعوم للثروة الحيوانية بأسعار مناسبة للعمل على تنزيل أسعار الحليب ومشتقات الألبان، حسب رأيهم.

فيما أكدت سلطات النظام المركزية، أن سبب ارتفاع أسعار الحليب ومشتقات الألبان في سوريا بشكل عام، بالإضافة إلى ما ورد ذكره، هو ارتفاع أجور النقل والمحروقات، والعبوات البلاستيكية، إضافة إلى ارتفاع أسعار حليب البودرة المستورد، والذي يستخدم في صناعة البوظة، الأمر الذي دفع معامل إنتاج البوظة إلى استخدام الحليب المحلي السائل، بدلاً من حليب البودرة، ما زاد الطلب على الحليب المحلي ورفع أسعاره.

يشار إلى أن مئات الأسر، وبسبب سوء الأوضاع الاقتصادية، باتت تعتمد في وجبتها الغذائية على تناول اللبن "الخاثر" مع الخبز والشاي كأحد أنواع الأطعمة المتوفرة الأكثر رخصاً، فيما يعتمد آلاف الأطفال في غذائهم اليومي على الحليب، بعد انقطاع أنواع الحليب المبستر، وارتفاع أسعاره، ما يعني أن مشكلة في تأمين أبسط المواد الغذائية أصبحت تواجه أهالي المحافظة، مع ارتفاع الأسعار بهذا الشكل غير المسبوق.

ترك تعليق

التعليق