أجور رمزية تُعيق ناشطين في حضور دورة تدريبية بشمال سوريا


يتوق الناشط الإعلامي فداء الصالح -مهجّر من منطقة ريف دمشق إلى شمال حلب- للالتحاق بدورة تدريبية فيزيائية تستهدف العاملين والناشطين في الحقل الإعلامي، لكن غالباً ما يتعرض للصدمة جراء كثافة دورات التدريب المجانية التي تستهدف تمكين الإناث في السنوات الأخيرة تحديداً، وفرض أجور مادية على الراغبين بتنمية قدراتهم ومهاراتهم.

انتهت في الأيام الأخيرة دورة تدريب مهارة التحرير الصحفي في "مدينة عفرين - شمال حلب" بإشراف شركة "بين يديك"، وتقديم الإعلامية المدربة رنا الحلبي. وكان من شروط الالتحاق بالتدريب دفع الراغب بالالتحاق مبلغ 75 ليرة تركية. وتضمن التدريب الذي استمر لثلاثة أيام بمعدل ثلاثة ساعات يومياً محاور مفهوم الصحافة والتحرير وأساسيات الخبر الصحفي، وأشكال التحرير، والقوالب الصحفية، وعناصر التحرير الصحفي.

وفقاً لفداء الذي يعمل كـ "صحفي حر" في وسيلة إعلامية سورية، فإن عدداً كبيراً من الناشطين في الحقل الإعلامي يعملون بشكل شبه تطوعي أو بنظام "فري لانس"، وأكثرهم فقد مورده المادي بسبب تخلي المؤسسات الإعلامية عنهم بعد منتصف العام 2018 جراء عمليات التهجير التي طالت مناطق سورية عديدة، إذ تجمع عدد كبير منهم في مناطق شمال سوريا الخارجة عن سطوة نظام الأسد.

ويُضيف أنّه يعرف ناشطين إعلاميين يعتمدون في معيشتهم وتأمين قوت عائلاتهم على المساعدات الإنسانية أو مساعدات الأقارب حول العالم، بالتالي من الصعب عليهم دفع مبلغ 75 ليرة تركية، نحو 22500 ليرة سورية، مقابل حضور دورة تدريب في ظل تفاقم الظروف الاقتصادية السلبية، وبرغم بساطة قيمة المبلغ إلا أنه كافٍ لمصروف يومين بالحد الأدنى لأسرة كأسرته مكونة من 5 أفراد، ما يدفع الناشطين للجوء إلى التدريب الافتراضي المجاني "إن توفر" برغم عدم تقديمه معلومات وخبرة التدريب الفيزيائي.

"اقتصاد" التقى بالإعلامية المدربة رنا الحلبي حيث أكدت أن الأجور الرمزية غالباً ما تكون دافعاً وحافزاً لالتزام المتدرب بالحضور والتقيد بالمواقيت حسب البرنامج ولضمان عدم حجز مقاعد دون الالتزام بها على حساب مهتمين آخرين، منوهةً بأن الجهات القائمة على التدريبات عادةً ما تميز الطلبة بحسومات خاصة.

وأضافت الحلبي أن هذا النوع من التدريبات الفيزيائية يكون بمثابة ورشة عمل تفاعلية كون البرنامج يتضمن تحفيز المتدربين على صناعة الأخبار وإنتاج مواد صحفية محدودة بقوالب متعددة وأشكال تحرير مختلفة، كما تتمنى المدربة الوصول إلى تحقيق مشاريع تدريب فيزيائية طويلة الأمد يتم من خلالها تقديم منحة مشروطة للمتدرب على أن ينتج مشاريع صحفية تترجم ما اكتسبه من خبرات، ولذلك دوافع كثيرة أبرزها ضعف أغلب العاملين في الحقل الإعلامي بصياغة الأخبار واقتصار أنشطتهم على المواد المرئية، إلا أن الامكانيات المتاحة حالياً شبه معدومة.

أما الطالبة هبا عبدو -مهجرة من جنوب إدلب إلى شمال حلب- فقد تمكنت من تأمين أجر التدريب من مصروف أسرتها الدوري الذي يرسله والدها من تركيا بحسب ما قالت، مشيرةً بأن طلبة الإعلام بشكل خاص يجب عليهم استثمار كافة الظروف حولهم لصقل مهاراتهم لا سيّما وأن انتشار جائحة كورونا حول العالم وانتقاله إلى شمال سوريا أثر سلباً على واقع التعليم الجامعي، وأكدت أنها تعلمت من الدورة كيفية تحرير الخبر وإعداد التقارير الصحفية بطرق عديدة مما أضاف لها معلومات مساعدة ورديفة لما تتلقاه في المعهد التقاني للإعلام بجامعة حلب.

أما فداء، فيتخوف من أن يكون هدف التدريبات المأجورة تجاري بحت بعيداً عن فائدة المتدرب كونها تفتقد القيمة المضافة إن كان من تأمين فرصة عمل لاحقة ولو بشكل مؤقت أو بشهادات خبرة تضاف إلى السيرة الذاتية، فيما تراهن المدربة على وعي المتدرب ورغبته بالتفاعل لصقل مهاراته بمعلومات جديدة ولا تتخوف إطلاقاً من تحويل التدريبات لمشاريع تجارية كونها تحت الضوء. وبرغم الوضع المادي السيء لأسرة الطالبة هبا، إلا أنها بررت طلب أجر مادي لقاء التدريب كون الجهة القائمة قد تتكبد مصاريف تأمين المكان وبعض اللوجستيات، حسب وصفها.

ترك تعليق

التعليق