كيف سيُسدد النظام الدين الداخلي؟


أطلق محلل مالي، عبر صحيفة موالية للنظام، تساؤلاً مهماً، مفاده: كيف تعتزم حكومة النظام استثمار الأموال التي جمعتها من الداخل، خلال هذا العام، عبر شهادات إيداع وسندات خزينة؟، وكيف تعتزم سدّ هذا الدين المستحق في بعضه، خلال ستة أشهر، وفي بعضه الآخر، خلال سنتين؟

هذا التساؤل، يتعلق بعدم وضوح استراتيجية حكومة النظام، التي خاضت للمرة الأولى، خلال العام 2020، تجربة الاستدانة من الداخل، عبر طرح شهادات إيداع، وسندات خزينة، أتاحت للمصارف العاملة، فرصة الاكتتاب عليها.

وتستهدف حكومة النظام من هذه السياسة تمويل العجز في ميزانيتها، بدلاً من إصدار أوراق نقدية جديدة، تؤدي إلى المزيد من التضخم، وبالتالي، المزيد من ارتفاع الأسعار وانخفاض القوة الشرائية للعملة السورية.

لكن غياب استراتيجية واضحة لكيفية استثمار هذه الأموال، التي وصلت حتى الآن إلى 645 مليار ليرة سورية، والتي تغطي فقط 32% من عجز الموازنة للعام 2020، والمقدر بـ 1455 مليار ليرة سورية، يطرح مخاوف من أن يدفع ذلك إلى حصول تضخم جديد بالفعل.

ووفق رئيس ما يُسمى بـ "جمعية المحللين الماليين"، محمد إحسان كيلاني، فإن القروض قصيرة الأجل لا تستخدم في تمويل مشاريع استثمارية. وتساءل كيلاني، عبر صحيفة "الوطن" الموالية للنظام، "كيف سيتم استثمار هذه الأموال حتى تستطيع توليد فوائد ودفعها للمصارف وتسديد ثمن السندات بعد انتهاء مدة السنتين، وما الاستثمارات التي تزيد من الإنتاج وتستطيع أن تحقق سيولة لتسديد هذه السندات والفوائد بعد سنتين؟".

كان النظام قد طرح مزادين على سندات خزينة لأجل سنتين، الأول في شباط الفائت، والثاني كان خلال شهر تموز الفائت، وأُعلنت نتائجه في مطلع آب الجاري. كما طرح النظام مزادين للاكتتاب على شهادات إيداع لأجل 6 أشهر، الأول في آذار الفائت، والثاني كان في حزيران. وفي المزادات الأربعة، كان المكتتبون من البنوك العاملة في سوريا، أو عملاء داخل تلك البنوك.

وكان وزير مالية النظام، مأمون حمدان، قد أقرّ في تصريحات سابقة، أن هذه الأموال ستستخدم في استثمارات لصالح القطاع العام. الأمر الذي يطرح تساؤلات، ما هي المشاريع التي سينفذها القطاع العام، والتي ستحقق فوائد وأرباح، تمكن حكومة النظام من تسديد الديون وفوائدها في آجالها المستحقة، التي هي سنتين كحد أقصى؟!

وهو ما حذّر المحلل المالي "كيلاني" من مخاطر غياب استراتيجية واضحة بخصوصه، ذلك أنه في حال عجز حكومة النظام عن استثمار تلك الأموال في مشاريع تحقق أرباحاً خلال سنتين، فهذا يعني أنها ستضطر إلى تسديد هذه الديون وفوائدها، عبر ضخ سيولة نقدية من المركزي، أو زيادة كتلة الدين، مما سيولد تضخماً أكبر، في حصيلة الأمر.

أي أن ما حاولت حكومة النظام تجنبه في تمويل عجزها، عبر الاستدانة من المصارف، بدلاً من طباعة أوراق نقدية، ستصل إليه في نهاية المطاف، وهو زيادة التضخم.

وتلجأ الدول عادةً إلى الدين الداخلي، عبر طرح سندات خزينة، لكن تكون الآجال الزمنية التي يستحق عندها سداد تلك السندات، أبعد من سنتين، في حال كان الهدف تمويل مشاريع استثمارية. فما بالك لو كانت هذه المشاريع لصالح قطاع عام، كالقطاع العام السوري المعروف بخسائره المزمنة، حتى قبل العام 2011!



ترك تعليق

التعليق