حسين عرنوس.. القادم من الطرق والأرصفة والجسور


الباحث في سيرة رئيس الوزراء المكلف بتشكيل حكومة جديدة في سوريا، حسين عرنوس، لن يقع على أي إنجاز له، في كل المناصب التي تولاها منذ العام 1989 وحتى اليوم، بل اللافت في سيرته أو الإنجاز الأبرز فيها، هو كثرة المواقع التي تولاها في فترة مبكرة من حياته، والتي بلغت 8 مناصب في غضون 30 عاماً، نصفها أو أكثر أمضاها في المؤسسات العامة الخاصة بالطرق، تدرج خلالها من مدير الشركة العامة للطرق بين عامي 1992-2002، ثم معاوناً لوزير المواصلات من 2002 إلى 2004، وأخيراً مدير عام المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية منذ عام 2004 وحتى 2009.

وحتى عندما تولى وزارة الأشغال العامة والإسكان من عام 2013 وحتى العام 2018، فهو لم يخرج عن إطار اختصاصه في مجال الطرق والأرصفة والجسور. وهذا إن دل على شيء، فإنه يشير إلى أن الرجل كان يعمل في الحكومة في قطاع شديد الحساسية، لكن يجب أن ننتبه إلى أن هذا القطاع كان يسيطر عليه المتعهدون الكبار من أمثال ذو الهمة شاليش ورياض عيسى شاليش وتميم بدر، وغيرهم من فاسدي سلطة حافظ الأسد وابنه بشار، وقد جنوا منه أموالاً طائلة سرقوها من قوت الشعب السوري وخزينة دولته.

من هنا نستطيع أن نعرف من هم عرابو حسين عرنوس الذين أبقوه على قيد المناصب دون انقطاع منذ العام 1989 وحتى اليوم، وهي ميزة لم يحظ بها أي من الوجوه المتواجدة حالياً في ساحة النظام، بما فيها القيادات العسكرية.

وما نود أن نقوله بالضبط، أن حسين عرنوس، كان الأداة التي استخدمها الفاسدون الكبار على مدى ثلاثين عاماً، ومرروا من خلالها سرقاتهم لمقدرات البلد، دون أن يستطيع أحد الاقتراب منه.

في الفترة من عام 2007 و 2010، كنت على علاقة طيبة بوزارة النقل وبالذات الوزير يعرب بدر، الذي كان من أكثر الوزراء انفتاحاً على الصحفيين.. ومما أذكره أن القطاع الوحيد الذي لم يكن يتدخل به، أو يتحدث عن انجازاته، هو المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية ومديرها حسين عرنوس.. كان يقف عاجزاً عن الرد على أسئلة الصحفيين، فيما يتعلق بفساد هذا القطاع وسوء تنفيذه للمشاريع الطرقية والجسور.. لدرجة أن مديرة مكتبه الصحفي طلبت مني في أحد المرات ألا أتطرق إلى موضوع المؤسسة العامة للطرق لدى حواري مع الوزير، وأن هذا الطلب برغبة منه.

لذلك قلة من يملكون معلومات وبيانات عن فساد هذا القطاع، وحجم الأموال التي تم سرقتها منه، والتي تقدرها أوساط اقتصادية بعشرات مليارات الليرات السورية قبل العام 2011.. ذهبت في معظمها إلى جيب ذو الهمة شاليش ورياض عيسى شاليش، اللذين كانا يسرقان المواد الأولية من الجيش، وينفذان بها المشاريع الحكومية، بطريقة سيئة، ثم يتقاضيان مبالغ طائلة.

باعتقادنا، هذا هو السر وراء صعود حسين عرنوس المتواصل نحو القمة، كونه رجل يعرف كيف يحافظ على سر الفاسدين، والأهم من ذلك أنه ليس جشعاً بحسب وصف الكثير من المقربين منه.. بل يرضى بالقليل، والذي قد يكون منصباً فقط لا غير.

ترك تعليق

التعليق