إخماد الحريق الضخم في مرفأ بيروت والنيران طالت مساعدات إنسانية


بعد نحو 20 ساعة على اندلاعه، أخمدت فرق الإطفاء صباح الجمعة الحريق الضخم الذي شبّ في مرفأ بيروت المدمر وطال مساعدات إنسانية في بلد لا يزال يعيش تحت وقع صدمة الانفجار الذي شهده هذا المرفق الرئيسي في بداية آب/أغسطس.

واندلع الحريق عند حوالى الساعة 13,30 (10,30 ت غ) الخميس في مستودع في المرفأ، تخزن فيه اللجنة الدولية للصليب الأحمر مساعدات تتضمن آلاف الطرود الغذائية ونصف مليون ليتر من الزيت المستخدم لحاجات منزلية، كما كان يحوي إطارات سيارات.

ومنذ اندلاعه، سارعت فرق الدفاع المدني وفوج الإطفاء إلى المكان وانضمت إليهم طوافة تابعة للجيش اللبناني وعملت على إخماد الحريق الذي امتدت نيرانه إلى مستودعات أخرى تخزن فيها مواد مستوردة.

وسرعان ما ذكّر هذا الحريق اللبنانيين بيوم وقوع انفجار مرفأ بيروت المروّع في الرابع من آب/أغسطس، الذي أوقع أكثر من 190 قتيلاً وأصاب أكثر من 6500 بجروح، إلى جانب تشريد نحو 300 ألف شخص من منازلهم.

وسارع كثر إلى إغلاق نوافذ منازلهم خشية من انفجار آخر من شأنه أن يطيح مجدداً بالزجاج، وتبادل آخرون رسائل ينصحون فيها بالابتعاد عن النوافذ، فيما لا تزال منازل ومتاجر كثيرة تفتقر أساساً لشبابيكها وأبوابها التي تكسرت جراء الانفجار.

وأعلن الدفاع المدني اللبناني في بيان صباح الجمعة أن عناصره أخمدوا "بمؤازرة طوافة تابعة للقوات الجوية في الجيش اللبناني وفوج اطفاء بيروت منذ الساعة 13,25 الخميس ولغاية الساعة 08,25 الجمعة حريقاً شب داخل احد مستودعات الضخمة في مرفأ بيروت".

ويعمل عناصر الدفاع المدني على تبريد الموقع منعاً لتجدد الحريق.

وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن النيران اشتعلت "في جزء من مخزون اللجنة الدولية من الطرود الغذائية في مستودع مُوَرِّدنا". وأضافت "ليس بإمكاننا في ظل وجود الأنقاض والخطر الذي ينطوي عليه الأمر تحديد حجم الخسائر".

وتتضمن المساعدات وفق اللجنة الدولية، "زيت دوار الشمس وزيت الزيتون والسكر والملح والشاي والسمن النباتي والمعكرونة ومعجون الطماطم والبرغل والحمص والعدس والفول".

وكانت اللجنة الدولية نقلت جزءاً كبيراً مما تمكنت من انقاذه من مخزونها في المرفأ بعد الانفجار.

وقالت الجمعة "لا شك أن الانفجار والحريق سيكون لهما تأثير على المساعدات الإنسانية التي تقدمها اللجنة الدولية سواء في لبنان أو سوريا".

- "الجمهورية السامة" -

ولساعات طويلة الخميس غطّت غيمة سوداء سماء بيروت، وتناثرت قطع سوداء غالباً من البضائع والإطارات المحترقة في أحياء عدة.

ولا تزال أسباب اندلاع الحريق غير واضحة، إلا أن وزير الأشغال عامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال ميشال نجار تحدّث الخميس عن "معلومات أولية" تفيد بأن "أحدهم كان يقوم بورشة تصليح، مستخدماً (أداة للتلحيم) ما أدى الى تطاير شرارة واندلاع الحريق".

أما رئيس الجمهورية ميشال عون الذي ترأس مساء الخميس المجلس الأعلى للدفاع، فقال إن الحريق قد يكون عملاً "تخريبياً" أو نتج عن "خطأ" أو "إهمال".

ونفت شركة "بي سي سي" للوجيستيات، المسؤولة عن المستودع، "أي مسؤولية لها" عن الحريق.

وغرد رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب الجمعة أن "حريق أمس في مرفأ بيروت لا يمكن تبريره (...) والمحاسبة شرط أساسي لعدم تكرار مثل هذه الأحداث المؤلمة".

وحذّرت منظمة غرينبيس البيئية الخميس من خطورة الدخان المنبعث من حريق الإطارات، لما قد يتضمّنه من ملوثات عضوية يمكن تنشّقها، أو مركبات شديدة السمية.

وأثار الحريق حالة هلع بين مواطنين يحمّلون أساساً السلطات مسؤولية انفجار الرابع من آب/أغسطس نتيجة الإهمال. وعزت السلطات الانفجار إلى 2750 طناً من مادة نيترات الأمونيوم كانت مخزنة منذ أكثر من ست سنوات من دون إجراءات وقاية كافية.

ونقلت الرئاسة اللبنانية عن قائد فوج الاشغال خلال اجتماع لعون مع قائد الجيش وضباط معنيين بالمرفأ أنه "تم رفع 15 الف طن من الردميات" من المرفأ، كما جرى تنظيف مساحة "مليون متر مربع" فيه بالإضافة إلى الشوارع والمدارس والمستشفيات والجامعات" المتضررة.

وكان الانفجار أثار غضباً عارماً، خصوصاً بعدما أكّدت تقارير ومصادر عدة أن السلطات، من أجهزة أمنية ورؤساء ومسؤولين سابقين وحاليين، كانوا على علم بمخاطر تخزين هذه المادة في المرفأ. ودفع الحكومة برئاسة حسان دياب للاستقالة.

وأوقف القضاء حتى الآن 25 شخصاً، بينهم كبار المسؤولين عن المرفأ وأمنه.

وعنونت صحيفة "الأخبار" في عددها الجمعة "كارثة المرفأ تتكرر: المهزلة"، وكتبت صحيفة "لوريان لو جور" الناطقة بالفرنسية "الجمهورية السامة"، وصحيفة النهار "المرفأ لعنة مشبوهة".

وأثار اندلاع الحريق الخميس خشية لدى سياسيين وحقوقيين على ما وصفوه بـ"مسرح الجريمة"، خصوصاً أنه الثاني هذا الأسبوع، إذ يأتي بعد حريق محدود اندلع الثلاثاء أيضاً في المرفأ.

وقال أنطوان سعد (56 عاماً)، أحد سكان مار مخايل، أحد الأحياء التي طالتها أضرار جسيمة جراء انفجار المرفأ، "كأننا شهدنا على فيلم رعب في الشارع، الناس ضاعت ولم تعد تعرف إلى أين تذهب". وأضاف "ما حدث أمس هو تكرار للمأساة قبل شهر".

وغرّد الباحث المتخصص في العلوم الجنائية وحقوق الانسان عمر نشابة "أين نعيش نحن؟ هذا مسرح جريمة وقعت منذ شهر! أين القضاء؟ أين الدولة؟ أين المسؤولية؟".

ترك تعليق

التعليق