شبان مقبلون على الزواج في إدلب يفضلون غرف النوم المستعملة


بخزانة مائلة قليلاً، بسبب عوامل الزمن، وسرير يصدر مفرشه الخشبي المتهالك أصواتاً تشبه الصفير، و"تواليت" بدون بللور؛ ملأ عبد الحميد غرفته المجهزة لعش الزوجية. أصلح ما يمكن إصلاحه واشترى بللوراً جديداً، وبلغ ما دفعه للحصول على غرفة مقبولة، 100 دولار.
 
تمنى "عبد الحميد" الذي يجهز لإقامة حفل زفاف متواضع بمدينة إدلب، شراء غرفة نوم جديدة. لكن جولة مملة على سوق المفروشات وسط المدينة جعل من الصعب الحصول على هذه الأمنية لأن الأسعار كانت مرتفعة. وهو ما جعله يلجأ لسوق المفروشات المستعملة.

ومثل عبد الحميد الذي يعمل في مجال البناء ولا يسمح له دخله اليومي بالبذخ على حفل الزفاف وتجهيزاته المكلفة، يعاني شبان آخرون من قلة المال، وهو ما جعلهم يلجؤون للتوفير والحصول على ما يلزم الزفاف بأقل ما يمكن من التكاليف.

يقول "سمير" وهو شاب مقبل على الزواج إن أول ما يلجأ إليه "العرسان" هو شراء غرفة نوم مستعملة عوضاً عن الغرف الجديدة.
ويتراوح سعر غرفة النوم المستعملة بين 100 وحتى 150 دولاراً. أما الغرف الجديدة فلا يقل سعرها عن 300 دولار، بينما تباع الغرف الجيدة بمبلغ يبدأ من 600 دولار.

كان "سمير" على وشك شراء غرفة نوم جديدة لولا أنه سمع من رفاقه المتزوجين حديثاً عن تفضيلهم شراء ما تزدحم به الأسواق من غرف مستعملة متنوعة الأصناف والتصاميم.

يقول سمير: "صمدت 1000 دولار لجميع تكاليف الزواج بما فيها المهر.. لو اشتريت غرفة نوم جديدة كنت سألجأ إلى الاستدانة وهو ما لم يحصل والحمد لله".

إصلاحات لا بد منها

تحتاج الغرف المستعملة إلى الإصلاح في كثير من الأحيان لأنها تباع غالباً دون أي تجهيز.

وأهم ما يجب إصلاحه عند شراء الغرفة هو مفرش السرير الذي يوضع في الأسفل على اعتباره أهم ركائز السرير.
 
وحينما تكون القشرة الخارجية أو "البويا" متآكلة أو مكحوتة ينصح بإجراء عملية بخ كاملة للغرفة.

أما أبواب الخزانة فعادة ما تكون مخلعة لذلك يلجأ كثيرون لاستبدال "المفصلات" المهترئة بأخرى جديدة.

وجميع هذه الخطوات تجعل الغرفة صالحة للاستعمال وبأسعار لا تقارن مع أسعار الغرف الجديدة.

المجتمع يتقبل الفكرة

لو فكر أحد الشبان قبل سنوات بشراء غرفة نوم مستعملة كان سينشب عن هذا القرار خلافات بين أهلي العريس والعروس. وقد يفشل الزواج بالكامل جراء ما سيكون "تقليلاً من شأن العروس".

أما اليوم فلا يواجه الشبان الذين تحدثنا إليهم أي متاعب حيال هذا الأمر.

ويقول العديد من "العرسان" إن أهل العروس باتوا وبسبب الحروب المتوالية وعمليات النزوح المتكررة متقبلين لفكرة غرفة النوم المستعملة لكن العديد منهم يفضلون أن يكون المظهر الخارجي للغرفة جميلاً ومتناسقاً على الأقل.

تقول "أم محمود" التي تجهز ابنتها للزفاف إنها لا تمانع لو جهزت ابنتها بغرفة مستعملة لأن "الوضع لا يتحمل أكثر من ذلك".

"لكل إنسان ظرفه الخاص"، تتحدث "أم حسام" وهي سيدة مهجرة تعيش في ريف إدلب. فإذا كان العريس ميسور الحال فشراء غرفة جديدة -بحسب أم حسام- "يعبر عن كرم وسماحة". لكن أغلب الشبان فقراء ويجب مراعاة ظروفهم.
 
يقول أمجد الذي اشترى تواً، غرفة نوم مستعملة، "أوفر المال لأنفق على عائلتي الصغيرة بعد الزواج".

مفرجاً عن ابتسامة ماكرة، تابع أمجد: "بعد انتهاء الحرب سأشتري لها (زوجته) غرفة جديدة".


ترك تعليق

التعليق