براتب 1000 دولار.. إعلان يغري الشباب بالسفر من سوريا إلى ليبيا


فتحت الأزمة الاقتصادية التي تعيشها سوريا وخاصة في مناطق سيطرة النظام، الأبواب أمام "تجار الأزمات" و"السماسرة" الذين يعملون كوسطاء للروس من أجل تجنيد الشباب وإرسالهم إلى ليبيا بحجة حراسة بعض المنشآت النفطية هناك.

ومن أجل الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الشباب وعلى "عينك يا تاجر" كما يقول المثل، وجد هؤلاء "السماسرة" في "السوشيال ميديا" الوسيلة الأسرع  من أجل جذب الشبان، مستغلين في الوقت ذاته الأزمة الاقتصادية التي تمر بها سوريا.

وبدأ رواد مواقع التواصل الاجتماعي تداول أحد الإعلانات التي تغري الشباب السوري بالعمل في ليبيا لصالح الروس كـ "حراس"، من خلال الإعلان الذي جاء فيه "مطلوب شباب بعقد عمل لصالح شركة روسية العمر من 20 الى 45 سنة براتب 1000$ وسلفة 500$ حراسة منشأت نفطية بليبيا عقد خمسة أشهر، للتواصل عبر الواتساب ..".

وتباينت الآراء بين مؤيد لهذا الإعلان على اعتبار أنها فرصة لانتشال العاطلين عن العمل من واقعهم الاقتصادي السيء في سوريا، وبين رافض للأمر على اعتبار أن من يذهب إلى هناك يعرض حياته للخطر.

وناشدت إحدى المواليات الشباب السوري قائلة "أرجوكم لا تذهبوا إلى هناك، مهما حصل يبقى الوضع هنا أرحم، من يرغب السفر فليذهب إلى بلد تحترم نفسها، شاهدوا الفيديوهات التي يظهر فيها سوريون تم اعتقالهم هناك".

 وسخر آخرون بالقول "عقد مغري .. ألف دولار.. آكل.. شارب.. ميت".

وتعليقاً على ذلك قال المختص بالشأن الاقتصادي الدكتور "فراس شعبو" لـ "اقتصاد" إن "الموضوع واضح جداً رغم حالة التجميل لتغطيته، فعبارة حراسة منشآت نفطية هي نوع من أنواع الأعمال القتالية، وعندما يصل الشخص إلى ليبيا تكون الصدمة بأن الأعمال ليست أعمال حراسة بل أعمال قتالية وهجومية".

وأضاف أن "النظام وروسيا يستغلان ما فعلاه بالسوريين من خلال تجويعهم وإذلالهم، فيكون هذا الأمر بمثابة ملجأ للسوريين لتحسين واقعهم الاقتصادي، أو الهروب من الحالة المأساوية التي يعيشونها، فكثير من السوريين وصلوا لمرحلة طلب الموت مقابل التخلص من الواقع المعيشي، سواء من ناحية الخدمات الأساسية أو من ناحية توافر المواد الأساسية كما يحصل الآن في الخبز والبنزين".

وأشار إلى أن "ما يجري في سوريا اليوم هو كارثة اقتصادية يحاول أن يستغلها النظام وروسيا من خلال دمج أو حشد أكبر عدد من الشباب السوري لحرقهم، كون النظام لم يكتف بحرقهم في الشمال السوري أو في الثورة السورية، بل هو يحاول أن يقضي على ما تبقى منهم في هذه المحرقة".

وتابع "شعبو" قائلاً إنه "للأسف الأمر محزن عندما نسمع أن بعض الجهات تأخذ مرتزقة سوريين إلى بلدان أخرى، لكن الوضع المعيشي من الممكن أن يضغط على كثير من الأشخاص، وهناك البعض الآخر يذهب طمعاً بالمال وهو يذهب عن قناعة وليس هرباً من واقع آخر، وكل شخص يتحمل نتيجة ما يختار، وقد شاهدنا كثيراً من الشباب أصلهم من السويداء عادوا من مطار اللاذقية بعد اكتشاف تعرضهم للخداع، وهناك كثير من الأشخاص ذهبوا ولم يحصلوا حتى على رواتبهم، ومنهم من قتل قبل أن يحصل على راتبه، فالموضوع برمته عبارة عن محرقة لما تبقى من الشعب السوري".

وبالعودة لموضوع الإعلان ذكر بعض رواد موقع "فيسبوك" من الموالين للنظام أن "الإعلان عادي جداً، كون الحكومة موافقة على هذا الأمر لذلك لا يجب أن نستغرب من هذا الإعلان، ويكفي بيع وطنيات". فيما قال آخر إن "المشروع قائم منذ 8 أشهر وهناك الكثير من الأشخاص الذين ذهبوا إلى ليبيا لكن الرواتب كانت حينها 1500 دولار".

وقال أحد الموالين أيضاً، إنه "عندما يتم تأمين لقمة العيش للمواطنين سأكون مع الرافضين لفكرة قبول هذا الإعلان، ولكن الموت في أي مكان أشرف من الذل في هذا البلد، ولك أن ترى حجم المعاناة التي يمر بها المواطن سواء على الكازيات أو عند الأفران، ويأتيك من يقل لك لا تذهب إلى ليبيا أو تقبل بهذا الإعلان".

بدوره قال المحلل السياسي والمهتم أيضاً بالشأن الداخلي السوري "مصطفى نعيمي" لـ "اقتصاد"، إنه "في ظل الحالة السورية الخاصة والمتشعبة وضمن فهم الخارطة الاقتصادية، من الأوجب البحث عن الطرق القانونية لاستعادة الثروات الطبيعية في الجغرافيا السورية أياً كان المسيطر عليها، أما في وضع استقرار الدولة السورية فمن الطبيعي أن تقدم الدول خبراتها للدول الأخرى سواء كانت الإقليمية أو غيرها".

وأضاف أن "هنالك شركات على مدى العصور تشغل يداً عاملة من جنسيات مختلفة وهذا أمر طبيعي،  فعلى سبيل المثال لا الحصر جلّ مدرسي سوريا كانوا يذهبون إلى دول الخليج العربي ليدرسوا أبنائهم، لكن ما ينطبق على الإنسان ضمن ضوابط وقوانين في وقت الاستقرار يختلف كلياً عما ينطبق عليه في الوضع غير المستقر، والأولويات الملزمة في الواقع السوري تحتم بتكاتف أبناء الوطن لحماية مقدراته واستعادة قراره، ولكن للأسف تنفيذ ذلك يحتاج لوقت كبير جداً، وبزيادة الوعي نختصر ونقلص المسافات والفجوات لنقل سوريا إلى أفضل مما كانت عليه أسوة بباقي الدول المتحضرة والتي تحترم حقوق أبنائها أولاً والواجبات التي تلقى على عاتقهم نحو خدمة الوطن بشتى الوسائل المتاحة وغيرها وصولاً إلى مرحلة الاستقرار".

يشار إلى أنه في مطلع أيلول/سبتمبر الجاري، أكدت مصادر عدة وتقارير متطابقة، أن روسيا تستعد لإرسال دفعة جديدة من المرتزقة من مناطق النظام السوري إلى ليبيا للقتال إلى جانب الميليشيات المساندة للانقلابي خليفة حفتر، لافتة إلى أن روسيا أرسلت إلى ليبيا حتى الآن نحو 5000 مرتزق من محافظات دمشق، درعا، الحسكة، حمص، القنيطرة.

وذكرت المصادر ذاتها أن "روسيا وقعت مع المرتزقة السوريين عقوداً مدتها 5 أشهر، وبراتب شهري قدره 2000 ولار"، مشيرة إلى أن "روسيا سبق أن أرسلت، في أيار/مايو الماضي 300 مرتزقاً من القامشلي إلى ليبيا".

ترك تعليق

التعليق