أسعار "فلكية" للمحروقات في درعا


تشهد مناطق محافظة درعا منذ بداية الأسبوع الماضي، تراجعاً ملحوظاً في حركة وسائل النقل على اختلافها، وذلك على خلفية شح المحروقات وارتفاع أسعار المتوفر منها، إلى أرقام غير مسبوقة، في مشهد أعاد للأذهان فترات الحصار، التي كان يفرضها النظام على بعض المناطق إبان سيطرة الفصائل المقاتلة عليها.

وأشارت مصادر مطلعة، إلى أن حركة وسائل النقل من سيارات أجرة وتكاسي ودراجات نارية تراجعت بشكل ملحوظ، بسبب عدم توفر مادة البنزين، الذي وصل سعر اللتر منها في السوق الحرة يوم الأحد إلى أكثر من 3000 ليرة سورية، بالتزامن مع أزمة المحروقات الخانقة التي تشهدها البلاد، نتيجة السياسات السيئة والإجراءات المتخبطة، التي تتخذها حكومة النظام.

ولفتت المصادر إلى أن ارتفاع أسعار المحروقات لم يقتصر على مادة البنزين وحدها، بل شمل أيضاً مادة المازوت، التي أصبح سعر اللتر منها في السوق السوداء ما بين 800 و900 ليرة سورية، ومادة الغاز المنزلي التي وصل سعر الاسطوانة العادية منها إلى 26 ألف ليرة سورية، والاسطوانة الكبيرة الخاصة بالمطاعم إلى 38 ألف ليرة سورية.

وأضافت المصادر، أن ارتفاع أسعار المحروقات انعكس سلباً على جميع الأنشطة الاقتصادية وحركة التنقل بين المناطق والقرى والبلدات، حيث لوحظ تنقل الأهالي بين القرى المتجاورة سيراً على الأقدام في ظروف مناخية صعبة لقضاء احتياجاتهم اليومية، وشراء السلع التي لا تتوفر في مناطقهم لسبب أو لآخر.

وأكدت المصادر أن عدم توفر المحروقات، أعاق وصول الطلاب والمدرسين إلى مدارسهم، والموظفين إلى أماكن عملهم، لا سّيما أولئك الذين يستخدمون الدراجات النارية في تنقلاتهم، ما تسبب بتعطيل بعض الخدمات المقدمة للمواطنين على قلتها.

وقال "محمد السالم"، 45 عاماً، وهو موظف، إن "ارتفاع أسعار المحروقات أدى إلى ارتفاع أجور النقل، وإلى ارتفاع أسعار بعض السلع المرتفعة أصلاً، بعد أن أضيفت تكاليف النقل عليها"، موضحاً أنه بدأ يجد صعوبة في إيجاد وسيلة نقل للذهاب إلى عمله، في إحدى القرى المجاورة.

وتابع: "كنت أستخدم دراجة نارية في تنقلاتي لكني الآن لا أجد بنزين لتشغيلها وإن وجدت فإن سعر اللتر يباع بخمسة أضعاف سعره في السوق السوداء، نتيجة تحكم التجار والباعة".

فيما أكد "أبو ضياء"، 50 عاماً، أنه منذ خمسة أيام لم يستطع تلبية أي طلب على سيارة الأجرةـ، التي يعمل عليها، لافتاً إلى أنه فضل توقيف عمله ومصدر رزقه الوحيد، ريثما تتوفر مادة البنزين وتجد حكومة النظام الحلول المناسبة.

وأشار إلى أنه يحاول منذ يومين استلام مخصصات سيارة الأجرة التي يعمل عليها من إحدى محطات الوقود الثلاث العاملة في درعا، لكن الدور الكبير والازدحام يحول بينه وبين ذلك، كما أخبرنا.

هذا وتشهد المحافظات السورية، ومنها درعا أزمة محروقات خانقة تجلت بازدحامات وطوابير تمتد لعدة كيلومترات وصولاً لمحطات الوقود.

وجاءت هذه الأزمة حسب مصادر متقاطعة، على خلفية قيام وزارة النفط والثروة المعدنية في حكومة النظام، بتخفيض كمية البنزين للسيارات عبر البطاقة الذكية من 40 إلى 30 لتر في المرة الواحدة، مع الحفاظ على الكميات الشهرية المخصصة.

وقد شوهدت في العديد من مناطق سيطرة النظام السوري، طوابير انتظار طويلة من المواطنين وأصحاب السيارات، يوصلون النهار بالليل من أجل الحصول على مخصصاتهم من مادة البنزين، تخلل ذلك تسجيل شجارات واشتباكات بالأيدي، واستخدام السلاح في بعض الأحيان، مما تسبب في سقوط ضحايا.
 
وتبلغ الحصة الشهرية للسيارات الخاصة 100 لتر شهرياً، فيما تبلغ حصة الدراجات النارية المرخصة 25 لتر شهرياً، أما حصة سيارات النقل الجماعي والسيارات العمومية فتبلغ 350 لتر شهرياً. ويحصل صاحب وسيلة النقل على مخصصاته من البنزين كل أربعة أيام مرة.

مصادر النظام قالت إن الأزمة التي تشهدها البلاد مؤقتة وهي حسب الوعود ستُحل مع نهاية الشهر الحالي محملة أسباب الأزمة إلى الحصار المفروض على النظام من جهة وقيام القوات الأمريكية بالسيطرة على حقول النفط السورية واستجرار إنتاجها لصالحها من جهة أخرى.

ولم تنس المصادر، الإشارة أيضاً إلى أخطاء إدارية، وإهمال، وأعمال تهريب، من جهة ثالثة، لافتة إلى أن إخضاع مصفاة بانياس لعمرة طويلة بسبب الأعطال المتراكمة التي تعاني منها، تسبب أيضاً بتفاقم الأزمة.

يشار إلى أن أزمة المحروقات ليست الأزمة الاقتصادية والمعيشية الوحيدة التي تعاني منها محافظة درعا، بل هناك سلسلة من الأزمات التي تضرب بقوة في جميع مناطق النظام، وفي مقدمتها أزمة الخبز، والكهرباء، والمياه، وتراجع الخدمات الأساسية على الصعد كافة.

وتعتبر أزمات درعا الخدمية والمعيشية نموذجاً ينسحب على جميع المحافظات الخاضعة لنظام الأسد.

(الصورة الرئيسية لطابور بنزين في إحدى مناطق سيطرة النظام)

ترك تعليق

التعليق