ما هو مصير آخر طريق ترانزيت تسيطر عليه المعارضة في إدلب؟


يمكن فهم تصريحات وزير الخارجية الروسي "سيرغي لافروف" الأخيرة حول الحرب بين المعارضة والنظام بأنها تمهد لتنفيذ توافق روسي-تركي جديد سيرسم خرائط جديدة بالقرب من آخر طريق ترانزيت يسيطر عليه معارضو النظام ويتمسكون به بصلابة.

في 5/آذار بدأت هدنة كانت الأطول في تاريخ الصراع في سوريا. أعلن خلالها عن اتفاق جديد يحمل اسم "الممر الآمن" وتنص بنوده المعلنة على تسيير دوريات روسية-تركية على طريق (m4) الذي يصل مدينة حلب بالساحل السوري كما يرسم حدوداً، يخمن، أنها تتعلق بإبعاد قوات المعارضة بما فيها جماعة يصنفها الجانبان ضمن قائمة الإرهاب نحو الجيب الشمالي المتبقي من إدلب.

رسم رجلا أستانة القويان والمتفاهمان جيداً خطين فوق وتحت الطريق. وتقدر المسافة بين كل منهما وبين طريق m4، 6 كم. فماذا سيحدث في المنطقة الواقعة بين الخطين؟ لقد كانت جميع الترتيبات المتعلقة بمن سيدير هذه المنطقة الواقعة بين الخطين إضافة لجيب آخر لم يتحدث عنه الاتفاق في أقصى الجنوب مجهولة.

ظاهر ما يطلقه الطرفان من تصريحات تجعل من إمكانية وجود اتفاق ثابت حول مصير طريق (m4) والجيب الذي يقع جنوبه أمراً غير وارد. لكن هل هذا ما يجري فعلاً؟
 
 نظراً لطبيعة المنطقة المستهدفة وحرص الروس على بسط سيطرتهم عليها ولأمور أخرى تبدو فرضية تفاهم مبدئي على تطبيق خارطة سيطرة جديدة قريباً، أمراً أكثر واقعية.

تقع بلدات جبل الزاوية وأريحا وجبل الأربعين ضمن هذه البقعة. لدينا أيضاً جسر الشغور وما يحيط بها من جبال الساحل. وهذه المنطقة من أهم المواقع في نظر الروس كونها ستحمي قواعدهم في الساحل وحماة وستمنع قوات المعارضة من شن هجمات ربما تصل إلى كسب الاستراتيجية للروس أيضاً، لو فكرت المعارضة طبعاً بإجراء هجمات جادة دون التقيد بأي معايير إقليمية تحظر مثل هذه المعارك.

فعلياً.. تستفيد تركيا من تحالفها مع روسيا في أستانة وما تمخض عنه في سوتشي ثم اتفاق الممر الآمن أكثر من تمسكها بدعم قوات محلية ربما يؤدي تقديم دعم نوعي لها إلى حرب مع الروس وهو ما لا تضعه موسكو وأنقرة ضمن قائمة الخيارات التكتيكية لكل منهما.

ما الذي يخيف تركيا إذن من أي هجوم محتمل للنظام بدعم جوي روسي؟

تدرك تركيا أن إحداث أي ضغط على حدودها نتيجة احتماء آلاف النازحين بها سيؤدي إلى نتائج وخيمة في الداخل التركي. لذلك تسعى من خلال بث تطمينات بين السكان على تنفيذ التفاهمات الميدانية بأقل خسائر ممكنة.

بطبيعة الحال؛ تفاوض تركيا للحصول على عدة مكاسب من بينها دخول الجيش التركي مع مقاتلين سوريين موالين لها إلى مناطق ستصل بين مكاسبها في "نبع السلام" وبين "درع الفرات" وتشمل هذه المناطق عين العرب ومنبج وتل رفعت.

كما تسعى لإيجاد موطئ قدم شمالي سوريا يمكنها من احتضان معارضين لا يرغب بهم النظام أو الروس ستشارك من خلالهم في العام المقبل في عملية سياسية من شأنها اعتماد حكومة مركزية في دمشق ينسق معها معارضون يديرون كانتون يخضع لوصاية تركية وليكن عبارة عن شريط حدودي متصل أو منفصل يبدأ من شمالي جسر الشغور وحتى الدرباسية أو القامشلي.

ربما تتنازل تركيا عن طريق (m4) مقابل حصولها على هذه المكاسب أو أجزاء منها. وقد تكون حصلت عليها فعلاً.

ترك تعليق

التعليق