بالأسماء والتفاصيل.. أدوات روسيا في شحن مقاتلين سوريين إلى ليبيا


توجه "وسام" البالغ من عمره 34 عاماً من مدينة شهبا في محافظة السويداء "جنوب سوريا" إلى معسكر الطلائع في منطقة الرمل الجنوبي بمحافظة اللاذقية للالتحاق بالتدريب المكثف الخاص بالمشاركين في العمليات العسكرية إلى جانب قوات المشير خليفة حفتر في ليبيا برعاية روسية، إلّا أنّ وجود خطأ في كتابة اسمه لدى وسيط تجنيد شباب السويداء منعه من الالتحاق وعاد منزله منتظراً جولة تجنيد جديدة.

أرسل الاحتلال الروسي مرتزقة سوريين إلى ليبيا منذ مطلع العام الحالي 2020 مستغلاً حاجة الشباب للمال في ظل ضعفهم حيال تأمين متطلبات المعيشة الرئيسية وعجز نظام الأسد في توفير أبسط متطلبات الحياة لا سيّما وأنّ الفقر والبطالة بلغا ذروتهما، والحدود مغلقة أمام الشباب الطامحين بتحسين ظروفهم وتأمين مستقبل أفضل.

واستهدف الاحتلال الروسي في عمليات التجنيد بالدرجة الأولى العناصر الذين خضعوا "للتسوية والمصالحة" بسبب بحثهم عن الأمان كونهم دائماً تحت تهديد الاعتقال والتعرض لمخاطر أمنية عديدة.

ويتوسع نطاق التجنيد في كافة مناطق سيطرة نظام الأسد، إذ لا تخلو منطقة إلا وخرج منها عدد لا بأس به من الشباب للمشاركة في العمليات العسكرية بليبيا.

وبالرغم من إعلان رفض اللجان المسؤولة عن التفاوض مع الاحتلال الروسي في جنوب سوريا بشهر نيسان، وإعلان رجال الكرامة ذات الرفض منذ أيام، إلّا أنّ عمليات تجنيد الشباب وإرسالهم إلى ليبيا مستمرة.

يقول وسام لـ "اقتصاد" إنّ وجوده في محافظة السويداء ساعده في تجنب حمل السلاح خلال الحرب السورية، ولم يرغب بحمل السلاح لسبب أنّ الحرب الدائرة في البلاد قريبة لأن تكون "حرب أهلية" مختلفة عن الحروب التي تُدار بين دولةٍ وأخرى، مُشيراً بأنّ دافعه الوحيد بالذهاب إلى ليبيا هو العودة بمبلغ يُؤمّن له حياة كريمة ولو بشكلٍ مؤقت، إذ أنّ الراتب الشهري بموجب العقد المكتوب بلغتين "عربية – روسية" ولمدة ثلاثة شهور قابلة للزيادة يبلغ 1000 دولار أمريكي شهرياً، يُضاف إليه تأمين الطعام والطبابة في حال الإصابة، وتعويض 5000 دولار تُقدم لذويه في حال الوفاة، كما يتم تزويده ببطاقة "أصدقاء روسيا" التي تمنحه امتيازاً يعفيه من الخدمة الاحتياطية في جيش نظام الأسد وتوفر له الحصانة أمام الفروع الأمنية وحرية التنقل، كما يتم تقديم الوعود بإطلاق سراح أي معتقل يخصه.

ومصادر أخرى أكدت لـ "اقتصاد" أن راتب قائد المجموعة المكونة من 30 مقاتلاً يبلغ 1500 دولار أمريكي، في حين لا يتجاوز راتب المقاتل في صفوف نظام الأسد بين 30 و 40 دولار أمريكي شهرياً في أحسن الأحوال.

وأكّد وسام أنّ أصدقاءه الذين تم نقلهم في الدفعات الأولى إلى ليبيا لم يتلقوا التدريب العسكري اللازم مما ساهم بتعرض أغلبيتهم للإصابات في معركة تخوم طرابلس الأخيرة التي انكسرت فيها قوات المشير حفتر.

وحول آلية التجنيد في محافظة السويداء، قال وسام إنّه لجأ إلى مكتب حزب الشباب الوطني وأُحيل من هناك مباشرةً إلى شبلي الشاعر رئيس فرع الحزب، وتم الاتفاق معه مقابل أن يأخذ عن كل راتب شهر، 100 دولار أمريكي، كما أنّ هناك شخصيات عديدة تقوم بالتجنيد أبرزها سلامة الخطيب، "محسوب على أسماء الأسد"، والمحامي محمد باكير، الملقب بملك التعفيش و"محسوب على الاحتلال الروسي"، وميخائيل جرجس.

إلى محافظة درعا التي خضعت لاتفاق التسوية في تموز 2018، حيث أكّدت المصادر هناك اعتماد الاحتلال الروسي في عمليات التجنيد على قادة سابقين في المعارضة السورية أبرزهم "علاء اللباد" و"وسيم الزرقان". ويقوم بالتجنيد في محافظة القنيطرة قياديون سابقون في المعارضة أبرزهم "ياسين الساري، محمد الجباوي، محمد العر"، آخرهم متطوع في فرع سعسع التابع لشعبة الأمن العسكري.

وفي منطقة ريف دمشق الجنوبي التي خضعت لما سُمي بالمصالحة الوطنية في أيار 2018 يتولى مهمة التجنيد هناك "أبو هاني شموط" الذي كان يشغل قبل المصالحة قائداً للواء العهدة العمرية المعارض ومعروف عنه إتقانه اللغة الروسية بطلاقة بحسب ما أكّده عمر عبد الرحمن، أحد المهجرين من منطقة جنوب دمشق ومتابع لسير الأحداث فيها.

أما في الغوطة الشرقية بريف دمشق والتي فُرض عليها اتفاق التسوية في آذار 2018 يتم التجنيد فيها بشكل مباشر عبر ميليشيات نظام الأسد التي التحق فيها الشباب الذين فضلوا البقاء في منطقتهم لأجل حماية أنفسهم وفقاً لما قاله لـ "اقتصاد"، براء أبو اليسر، مدير رابطة الإعلاميين للغوطة الشرقية.

وفي محافظة دير الزور يعتمد الاحتلال الروسي على نعيم الفاضل الفهيم. وفي محافظة حماه على "عمر رحمون" القيادي السابق في المعارضة الذي يستخدم نفوذه كشبكة عنكبوتية متماسكة. فيما يقوم بالتجنيد في محافظة حمص "سامر اسماعيل". وفي محافظة حلب "رامي البطل وأشقاؤه رأفت ورؤوف"، وجميعهم قيادات في ميليشيا النمر المحسوبة على الاحتلال الروسي.

يتم تحقيق كل ما ذُكر عبر خطة ممنهجة بات تحقيقها أسهل من أيّ وقتٍ مضى جراء انتشار ست شركات أمنية روسية في سوريا تأخذ على عاتقها إدارة ملف التجنيد وهي "فانغر، فيغا فيغاسي، الفيلق السلافي، شيت، زاسلون، موران".

وترتكز تلك الشركات بتحقيق أهدافها على استثمار الشركات الأمنية المحلية التي وصل عددها إلى 75 شركة مرخصة قانونياً تختلف عن شركات الحراسة التقليدية المعروفة كحماية منشآت ومعارض وأنشطة اجتماعية، ومن أبرزها والأكثر فاعلية فيها وفقاً لمصادر المعلومات المفتوحة:

شركة سند للحراسة والخدمات الأمنية، يديرها أحمد خليل وناصر ديب ويقودها العقيد رسلان أسبر، مرتبطة بالاحتلال الروسي والمخابرات العسكرية بشكل مباشر.

شركة الدرع للحراسات الأمنية، يديرها محمد حماض ويوسف وفيق، مقربة من المخابرات العسكرية.

شركتا أليب والمهام للاستشارات والحلول التقنية، تديرها وتقودها عائلة قاطرجي المقربة من الفرقة الرابعة والمخابرات العسكرية والاحتلال الإيراني.

شركة الفجر لخدمات الحراسة والحماية، يديرها لورنس مظهر حلاو وخالد أباظا، مقربة من المخابرات العسكرية والاحتلال الإيراني.

شركة شروق للحماية والحراسة، يديرها ماهر الدسوقي ووائل محمد الحو عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق وخريج الجامعات الروسية، تتبع بشكل مباشر لماهر الأسد عبر رجل الأعمال محمد حمشو.

شركة القلعة أو الشركة الوطنية للحماية والحراسة، يديرها أحمد علي طاهر وأسامة حسن رمضان، ويقودها إيهاب الراعي ابن محمد صالح الراعي عضو مجلس الشعب عن محافظة حمص، مقربة من الفرقة الرابعة.

شركة العرين لخدمات الحراسة، يديرها أسامة المالكي وعامر المالكي، مقربة من إيران.

شركة الصياد، يقودها فواز ميخائيل جرجس، يرتبط مع الاحتلال الروسي بشكل مباشر.

ويقوم الاحتلال الروسي بعمليات التدريب في منطقتي يعفور والدريج بريف دمشق، ومدينة تلبيسة بريف محافظة حمص إضافةً إلى معسكرات الفرقة 18 في منطقة الفرقلس على طريق تدمر خنيفيس، وفي جبل زين العابدين ومعسكر دير شميل بريف محافظة حماه، ومعسكر طلائع البعث بالقرب من مخم الرمل الجنوبي في محافظة اللاذقية، ومطار محافظة دير الزور.

بعد التجنيد والتجميع والتدريب يتم تسيير رحلات جوية من سوريا إلى ليبيا عبر مطار حميميم العسكري في محافظة طرطوس باستخدام طائرة شحن يوشن روسية، وعبر مطار دمشق الدولي ومطار اللاذقية باستخدام طائرات شركة أجنحة الشام التي تعود ملكيتها لبشار الأسد شخصياً حسب تسريبات صحفية (هناك تسريبات أخرى تقول إن ملكيتها تعود لـ رامي مخلوف ابن خال الأسد)، وتحط الطائرات في مطار بنغازي الليبي الذي تسيطر عليه قوات الجنرال حفتر الذي أعاد في بداية آذار الحالي فتح سفارة ليبية بالعاصمة دمشق بعد ثماني سنوات من قطع العلاقات الدبلوماسية.

وتجاوز عدد المرتزقة السوريين في صفوف حفتر أكثر من 12 ألف مقاتل حتى أيار العام الحالي بحسب بيان الأمم المتحدة، كما أعلن وزير خارجية نظام الأسد وليد المعلم في حزيران دعم النظام لقوات حفتر في حربه ضد حكومة الوفاق الشرعية.

ترك تعليق

التعليق