ما مدى واقعية تعويل النظام على الزراعة كأحد الحلول لمواجهة العقوبات؟


يجابه تعويل النظام السوري على الزراعة، كأحد السبل لمواجهة العقوبات الاقتصادية الأمريكية ضمن قانون "قيصر"، والأوروبية، بتشكيك من قبل عدد من الخبراء الزراعيين.

ويقود جهود النظام مؤخراً، وزير التربية، دارم طباع، الذي تحدث في لقاءه مع مايكل ربسون، ممثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، عن أهمية التعليم الريفي، وسعي الوزارة إلى تعزيز التربية الزراعية في مرحلة التعليم الأساسي، بهدف تشجيع الجيل نحو المشروعات الزراعية والاهتمام بالتنمية المستدامة.

وقبل طباع، وصفت المستشارة الإعلامية للأسد، بثينة شعبان، الزراعة بأنها أهم خيارات نظامها لمواجهة عقوبات "قيصر".

فهل تشكل الزراعة طوق نجاة للنظام السوري، من أزماته الاقتصادية، بالرغم من الحقائق على الأرض، وتحديداً لجهة خسارته المناطق الزراعية الخصبة، في شمال شرق، وشمال غرب البلاد؟

وفي هذا السياق، يؤكد الباحث الزراعي، موسى الخطيب، أن ادعاءات النظام بأن الزراعة قادرة على توفير حلول لمشاكله الاقتصادية أو جزء منها، تبدو غير مقنعة.

وقال لـ"اقتصاد" إن الزراعة بحاجة أولاً لمساحات كبيرة، وجزء كبير منها خارج عن سيطرة النظام، وتحديداً في المحافظات الشرقية، التي تعتبر من أهم مناطق الإنتاج الزراعي في سوريا.

وأضاف الخطيب، الذي يعكف على كتابة أطروحة الدكتوراه في الزراعة، أن هذا القطاع يتطلب تقنيات ومواد مستوردة بالقطع الأجنبي، وعلى رأسها الأسمدة والبذار المحسنة، وهذا الأمر يعيد النظام إلى المربع الأول، أي الحاجة إلى القطع الأجنبي.

وتابع الخطيب، بأن معضلة النظام اليوم، تتمثل في أن تكلفة إنتاج بعض المحاصيل محلياً، هي أكبر من استيرادها، بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج.

وأوضح أنه على سبيل المثال: "نستطيع في سوريا زراعة الأرز محلياً، لكن تكاليف إنتاجه مرتفعة، ما يجعل الأرز المستورد أرخص تكلفة".

وكل ذلك، يعني من وجهة نظر الخطيب، أن التعويل على الزراعة بالظروف السائدة، هو ضرب من الخيال، وخصوصاً أن المحاصيل الاستراتيجية (القمح، الشعير، القطن)، لا تزرع في مناطق سيطرة النظام.

الأوهام لا تنتشل البلاد

بدوره، يؤكد الباحث والخبير الزراعي، الدكتور عبد العزيز ديوب، أن الأوهام لا تساعد في انتشال البلاد من أزمتها الاقتصادية ووضعها الميؤوس، ويقول لـ"اقتصاد": "للزراعة مستلزمات أهمها، الوقود، والبذار، والأسمدة، والمبيدات، واليد العاملة، وكل هذا غير متوفر بعد أن قضت عصابة الأسد عليها، بمعنى أنها لم تعد متاحة للمزارعين، وإن توفرت فأن أسعارها لا تحتمل"، وفق تعبيره.

ويشير إلى أنه تم تدمير الزراعة السورية، منذ زمن بعيد، وخاصة بعد اعتلاء الأسد السلطة، حيث شُجعت الهجرة من الريف إلى المدينة، وساهم اتحاد الفلاحين في تخريب العلاقات الاجتماعية في الريف، واتبعت سياسات تخريب ممنهج للقطاع الزراعي، وخاصة من خلال رفع أسعار مستلزمات الزراعة وعدم الاهتمام بالبنية التحتية للريف.

ويلفت ديوب، إلى أنه كذلك تم تطبيق سياسة مخربة في مجال تسويق المحاصيل الزراعية، من خلال العلاقة المشبوهة ببن تجار المحاصيل (سوق الهال) والمسؤولين.

أما الآن ، وحسب ديوب، فإن اليد العاملة أصبحت مشلولة وغير متاحة، مؤكداً أنه "لم يتبق في الريف سوى الفئات العمرية الكبيرة غير القادرة على العمل في الإنتاج الزراعي".

ترك تعليق

التعليق