إحدى السيناريوهات كارثية.. ما تأثير حرائق الساحل على الواقع المعيشي؟


أصبح الساحل السوري في مواجهة مباشرة مع أزمة معيشية مركبة، وذلك جراء الخسائر الكبيرة التي ألحقتها النيران بالبساتين والأشجار المثمرة والبيوت البلاستيكية الزراعية.

وما يجعل الأزمة مركبة، أن البلاد تعاني أصلاً، من تراجع كبير في الإنتاجية الزراعية والصناعية، وقلة فرص العمل، فضلاً عن تراجع قيمة العملة السورية أمام العملات الأجنبية.

وتأتي الحرائق لتزيد الطين بلة، كما يؤكد الإعلامي في "شبكة الثورة السورية"، مجدي أبو ريان، من ريف اللاذقية، في حديثه لـ"اقتصاد".

ويشير "أبو ريان" إلى خسارة قسم كبير من أهالي الساحل لمورد رزقهم الوحيد، المتمثل بالأشجار المثمرة (زيتون، رمان، حمضيات)، والبيوت البلاستيكية الزراعية، إلى جانب الأضرار التي لحقت بالممتلكات من منازل وسيارات وثروة حيوانية.

ويؤكد في هذا السياق، أن "غالبية الأهالي كانوا ينتظرون موسم جني الزيتون الذي أتت عليه ألسنة اللهب، لسداد الديون.. لك أن تتخيل حجم الكارثة".

وعلى هذا الحال، رجح "أبو ريان" أن تظهر تأثيرات الضائقة المالية على الوضع الأمني، مشيراً إلى احتمالية زيادة حالات السطو والسرقة، وقال: "الغالبية العظمى لا تجد ثمن الخبز، وفي حال لم يتحرك النظام على وجه السرعة لتعويض الأهالي، فإن الوضع ذاهب نحو مزيد من التدهور".

ولم يذهب الباحث بالشأن الاقتصادي، أدهم قضيماتي، بعيداً عما ذهب إليه "أبو ريان"، وقال لـ"اقتصاد": "نحن أمام كارثة لا يمكن أن تقدر نتائجها المادية إلا بعد مدة، غير أننا نستطيع أن نقول أننا أمام دمار بيئي ضخم جداً بالدرجة الأولى، وأمام معاناة بيئية واقتصادية وإنسانية جديدة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة".

وأضاف: "أهمية الساحل لا تأتي من الزراعة فحسب، وإنما من السياحة، واختفاء الغابات والأحراش سيضر كثيراً بهذا الجانب".

وتابع قضيماتي، أن قسماً كبيراً من سكان تلك المناطق سيتحول إلى عاطل عن العمل، بعد تضرر القطاع السياحي، وإن كان النشاط في هذا القطاع في حده الأدنى، ومعتمداً على السياحة الداخلية فقط.

أضرار على الصعيد الوطني

ولن تقتصر الأضرار على الساحل فحسب، وفق الباحث، موضحاً أن سوريا بالمجمل باتت أمام  أزمة مرتبطة بالأمن الغذائي، حيث يعتبر الساحل السوري والمناطق التي شبت فيها الحرائق الأخيرة، خزاناً زراعياً حقيقياً لعدد من المحاصيل، وأهمها الحمضيات.

وقال إن "الساحل كان يصدر الفائض من الحمضيات للخارج، وهو ما كان يحقق عوائد ومنافع لتلك المناطق ولسوريا عامة".

ويعني كل ذلك، وفق قضيماتي، أن مستويات البطالة ستزداد في الساحل، وسيضاف دمار جديد في البنية الاقتصادية والزراعية والغذائية، ستعاني منه سوريا لعقود، في الغالب.

الاتجاه نحو "الممنوعات" للتعويض

ومن شأن كل ما سبق، أن يدفع بالأهالي إلى الاعتماد على مصادر جديدة للدخل، وعلى رأسها الاحتطاب الجائر، وزراعة المخدرات، وفق تأكيد مجدي أبو ريان.

وأوضح، أنه في ظل غياب الدولة، وفي ظل ازدهار تجارة الممنوعات في سوريا، التي يرعاها "حزب الله"، فإن المرجح أن يقدم عدد كبير من المتضررين على زراعة الحشيش، لأن هذه الزراعة تحقق ربحية سريعة، خلافاً للأشجار المثمرة التي تحتاج إلى مدة زمنية طويلة لتبدأ بدر الأرباح، حسب وصف الناشط الإعلامي مجدي أبو ريان.

يُذكر أن الحرائق كانت قد أتت على مساحات واسعة من المناطق الحراجية والأراضي الزراعية في الساحل السوري، منذ فجر الجمعة الماضي، وحسب مصادر النظام فقد بلغ عددها 156 حريقاً منها 95 حريقاً في اللاذقية و49 حريقاً في طرطوس، و12 حريقاً في حمص.

ترك تعليق

التعليق