مهن موسمية في إدلب تبدأ العد التنازلي مع اقتراب الشتاء


بشيء من التفاؤل الممزوج بالقلق، يرتب "أبو حكيم" قطع الحطب اليابسة لعرضها للبيع. "من رنتها على الأرض تعرف أنها يابسة"، يرد على أحد الزبائن المستفسرين عن الأنواع والأسعار بهذه الكلمات الواثقة. داعياً الزبون إلى كأس من الشاي الخمير فـ "لعل وعسى" تكون استفتاحة الموسم على يديه.

وليس أبو حكيم وحده من يبذل اليوم جهوداً حثيثة للبدء بإحدى المهن الموسمية التي لا يمارسها أصحابها سوى في فصل الشتاء فهناك بائعو الفول النابت، والمعروك مع السحلب، وصانعو المدافئ المتعددة الأصناف وقد بدؤوا فعلاً في التجهيز لمهن الشتاء على أمل "تصميد" المال لصرفه خلال العام القادم.


يحاول "سليمان" بائع الفول (بخبرة 20 عاماً) شراء أجود أنواع الفول اليابس لكن الأسعار صادمة.

وبينما كان يحضر أطباق البليلة (الذرة المسلوقة) مع الجبنة والترمس "الحامض والمشطشط" لزبائنه وسط شارع عريض من شوارع مدينة إدلب، قال سليمان "الأسعار مولعة لكني سأشتري.. وأفتتح فصل الشتاء ببسطة فول محترمة".


بيع الفول هي مهنته الأساسية حيث يستخدم عربة محلية الصنع نوع "سوزوكي" مزودة بغاز وقدر كبير يملؤه بالفول المسلوق بعناية فائقة، لكن سليمان ونتيجة لتقلص وارده المالي من هذه المهنة الشتوية صار يلجأ مؤخراً إلى بيع الذرة المسلوقة صيفاً، مستخدماً نفس المركبة.


يتفق جميع ممتهني الحرف الشتوية الذين تحدثوا إلينا حول عدم تفاؤلهم بموسم جيد وذلك كنتيجة طبيعية لغلاء الأسعار الذي طال المنتجات نفسها إضافة للوازم تصنيعها.

يقول "أكرم" الذي اعتاد كل شتاء، جر عربة مصنوعة من الخشب ذات أربع عجلات، في الشوارع، لبيع السحلب والمعروك، إن مواد تصنيع السحلب، وهي الحليب والسكر والسحلب والقرفة إضافة لغاز الطهي، قد ارتفعت. وهو ما سيضطره لرفع أسعارها في المقابل.

أما "أبو حكيم"  بائع الحطب فيتحدث عن أسعار باهظة طالت جميع مواد التدفئة التي يبيعها بدءاً من حطب الزيتون (135 دولار للطن) والسنديان (120 دولار للطن) والبيرين المصنوع بمعامل محلية من المخلفات الناجمة عن عصر الزيتون (120 دولار للطن) وانتهاء بالفحم الحجري التركي، الذي يصل الطن الواحد من أفضل أنواعه إلى 160 دولار.

بخلاف الجميع الذين لايزالون على وشك البدء بمهنهم الشتوية وحدهم الحدادون صانعو المدافئ فتحوا ورشاتهم الصغيرة باكراً.

ويتقن هؤلاء صناعة مدافئ حطب متعددة الأحجام والأشكال والأسعار، بينما تعتبر "صوبية القشر" من أرقى مصنوعاتهم، حيث جهزت هذه المدفأة الغريبة والمدهشة بجرن كبير، يوضع فيه قشر الفستق الحلبي أو البندق اليابس، وفتحة أسفل الجرن تتصل بمبسطة من الحديد بالمدفأة.

ولـ "صوبية القشر" قسم كهربائي يجعل التحكم بالهواء والاشتعال أمراً بالغ السهولة.

ترك تعليق

التعليق