الفقر وعدم الاكتراث قد يتسببان بانتشار غير مسبوق لـ "كوفيد 19" في إدلب


عندما شعر "أبو سلمو" بحرارة مرتفعة في جسمه وألم كبير في الحلق سارع إلى ارتداء الكمامة قبل زيارة الطبيب فقد كان يشعر بالقلق من إمكانية الإصابة بـ "كوفيد-19" لذلك خشي من أن يكون سبباً في نقل العدوى.

تزايد حالات الإصابة بالفيروس في إدلب حيث تسيطر قوات المعارضة زاد من شكوك "أبو سلمو"، ميكانيكي السيارات في بلدة بنش، باحتمال إصابته بهذا الفيروس.

يقول: "لجأت إلى عزلة جزئية في المنزل وامتنعت عن مصافحة من حولي".

لكن أبو سلمو نفسه لم يستكمل الإجراءات الوقائية التي اتبعها بعد عدة أيام؛ فلم يذهب إلى الطبيب، وفور تحسن وضعه الصحي نزع الكمامة عن وجهه ورماها في سلة المهملات، مستكملاً حياته اليومية بشكل طبيعي.

وهكذا تمضي الأمور في منطقة شبه مغلقة ويواجه سكانها الأخبار المتعلقة بتفاقم جائحة كورونا في منطقتهم بالقلق لكنهم لا يتوقفون عن الازدحام في المطاعم والملاعب وصالات الأفراح.

الحكومة تتدخل

يوم الثلاثاء أعلنت وزارة الصحة في حكومة الإنقاذ التي تدير إدلب تسجيل 242 حالة إصابة جديدة بفيروس "كوفيد-19" ليصل العدد الكلي في إدلب إلى 1800 حالة تماثل منها للشفاء 513 حالة في حين فقد 5 أشخاص حياتهم بسبب الفيروس.

ونتيجة لتزايد الحالات المصابة بشكل كبير أصدرت الحكومة قراراً يمنع التجمعات الكبيرة كأسواق بيع الطيور والبازارات، إضافة لصالات الأفراح والملاعب والمسابح والمطاعم العامة حرصاً على سلامة الأهالي من الإصابة بوباء كورونا.

ولا يرتدي معظم السكان الكمامات ويسارعون فور التقائهم بمعارفهم وأصدقائهم إلى المصافحة باليد دون اكتراث. كما يزيد تجمهرهم في الأسواق العامة والحدائق والمساجد من فرصة تلامسهم.

وخلال استطلاع أجراه موقع "فوكس حلب" في وقت سابق حول جائحة كورونا تبين أن 32 بالمائة فقط من سكان إدلب التزموا بإجراءات وقائية غير مكتملة.

تقول "سميرة" التي حضرت قبل يومين عرساً صاخباً في إحدى صالات معرة مصرين، "ازدحم المكان بالنساء.. هل علينا القلق من الإصابة بالفيروس؟ ربما ولكن معظم النساء لا يكترثن بهذه الفكرة".

"15 ليرة في اليوم"

نالت مدينة إدلب نصيب الأسد من الإصابات الجديدة وذلك كونها تشكل المنطقة الأكثر ازدحاماً في آخر ما تبقى تحت سلطة الثوار من المحافظة.

ويتفق صيدلانيون تحدثوا لـ "اقتصاد" على أن حالات الإصابة بفيروس "كوفيد-19" مؤهلة للازدياد وذلك بسبب غياب إجراءات الوقاية بين أغلبية السكان لعدة أسباب أهمها الفقر الشديد وعدم قدرة الكثيرين على شراء الكمامات ومواد التعقيم، أو اللامبالاة واعتقاد أن قضية كورونا ما هي سوى كذبة.
 
وتعرض معظم صيدليات المحافظة مواد تعقيم وكمامات مصنوعة محلياً، وتتميز الكمامات بكونها رخيصة الثمن نوعاً ما، بينما تضاعفت أسعار مواد التعقيم لاسيما في ظل الطلب عليها من قبل المنظمات الإنسانية.

يقول "أبو جميل" -أحد السكان-: "الجميع حولي يعتبرون أن كورونا ليست سوى مؤامرة".

أما "مروان" فلا يوافق على هذه الفكرة لذلك يخشى من إصابته بالفيروس. "لا أريد أن أصبح سبباً في إصابة أطفالي وزوجتي"، يؤكد، ثم يتابع: "لكن حالتي المادية لا تساعدني على شراء لوازم الوقاية".

يتفق "أحمد" الذي يعمل في كشك صغير لبيع القهوة والمشروبات الساخنة مع مروان في أن الواجب يقضي بارتداء الكمامة والقيام ببعض الاحتياطات لكنه يتساءل: "كيف لراتب يومي لا يتجاوز 15 ليرة تركية أن يساعدني في ذلك؟".

أثناء تجمهر الطلاب لتأدية امتحانات الدورة الفصلية الثانية التي انعقدت في أيلول الماضي تم توزيع كمامات، كما رُشت مواد التعقيم بكثافة على الأيدي. في الفصل المكتظ نُبّه الطلاب إلى ضرورة ارتداء الكمامة. جال مصورون والتقطوا صوراً مختلفة. ثم صار نزع الكمامة ممكناً!

ترك تعليق

التعليق