تربية النحل تنتعش من جديد في درعا


على الرغم من الظروف الصعبة، التي مرت بها خلال السنوات القليلة الماضية، وما تعرضت له من عمليات نهب وسرقة على أيدي قوات النظام ولصوص الحرب، عادت تربية النحل في محافظة درعا لتنتعش من جديد، وذلك بفضل اهتمام الأهالي بهذا النوع من المشاريع المدرة للدخل، وإصرارهم على تطويرها.

وأكدت مصادر مطلعة، أن تربية النحل في المحافظة، بدأت تشهد مؤخراً انتشاراً ملحوظاً بعد تراجعها خلال السنوات الماضية، بسبب الحرب وتداعياتها ولجوء الأهالي إلى دول الجوار، لافتة إلى أن معظم المربين التقليديين في مناطق المحافظة، عادوا إلى ممارسة هذا النشاط الاقتصادي الرابح، لا سّيما في مناطق حوض اليرموك في ريف درعا الغربي، وريف درعا الأوسط والشمالي.
 
ويقول المهندس الزراعي ضياء العمر، إن "سفوح وادي اليرموك في غرب درعا تعتبر بيئة مميزة لتربية النحل في المحافظة منذ عشرات السنين، وذلك نظراً لما تتمتع به من ظروف مناخية مناسبة، وما يتوفر فيها من مراع غنية بالنباتات المختلفة، لا سّيما الكينا والشوكيات واليانسون والطيون، ما جعلها في مقدمة مناطق المحافظة في هذا المجال".

ولفت العمر إلى أنه على الرغم من قيام الأهالي في سنوات سابقة بتحطيب أشجار الكينا، التي تعتبر المراعي المثلى للنحل، إلا أن هذه الأشجار، عادت إلى النمو من جديد، وبدأت تغطي العديد من المساحات الحراجية لتشكل مراع جيدة للنحل.
 
وقال العمر إن تربية النحل تتركز بشكل ملحوظ حالياً، في ريف درعا الغربي من المحافظة، لا سّيما في البلدات والقرى التي تقع على سفوح الأودية أو القريبة منها مثل بلدات الشجرة وكويا وسحم وحيط وعابدين وتل شهاب وقرية "جملة" الواقعة على سفوح وادي "الرقاد" المقابلة لقرى محافظة القنيطرة المجاورة، حيث تحتل هذه القرية الصغيرة مرتبة متقدمة، في إنتاج العسل، على مستوى المحافظة.

وأكد العمر أن عدد خلايا النحل في منطقة حوض اليرموك وحدها، يقدر بنحو 10 آلاف خلية، وهو ما يشكل ثلثي عدد الخلايا المنتجة للعسل في المحافظة، مشيراً إلى أن إنتاج الخلية الواحدة من العسل يقدر في العام ما بين 8 و10 كغ.

من جهته، أكد "أبو إبراهيم"، 60 عاماً، وهو مُربٍ قديم من ريف درعا الغربي، أنه عاد لتربية النحل من جديد، بعد عودته من بلاد اللجوء قبل عامين، لافتاً إلى أنه استثمر نحو ثلاثة ملايين ليرة سورية كبداية في شراء خلايا النحل، ومستلزماتها.

وأضاف أنه استطاع أن يطلق مشروعه الاستثماري ثانية، رغم الصعوبات الكبيرة، التي تواجه المربين في الوقت الحالي، لا سّيما ما يتعلق منها بعدم القدرة على تأمين التمويل، بعد أن ارتفعت أسعار الخلايا والمواد الأساسية الداخلة في تربية النحل بشكل كبير.
 
ولفت إلى أنه في السابق كان معظم الأهالي في الأرياف يربون النحل بأعداد قليلة، من أجل المونة وبيع الفائض من الإنتاج، وذلك بسبب رخص ثمن الخلية ومكوناتها، مشيراً إلى أن الأمر أصبح صعباً في الوقت الحالي بسبب صعوبة الظروف الاقتصادية، والغلاء الفاحش الذي أصاب كل شيء، حسب تعبيره.
 
وأشار إلى أن سعر الخلية الفارغة ارتفع من 3 إلى نحو 45 ألف ليرة سورية، فيما يبلغ سعرها مع النحل ما بين 140 إلى 150 ألف ليرة سورية، بعد أن كان ثمنها لا يتجاوز 5 آلاف ليرة سورية. فيما يبلغ سعر "البرواز الخشبي" ما بين 800 و1000 ليرة سورية. أما كيلو الشمع، فيبلغ حسب النوع ما بين 13 و15 إلى 20 ألف ليرة سورية بعد أن كان سعره لا يتجاوز الـ 500 ليرة وأقل.

وأضاف أن هناك صعوبات أخرى يواجهها مربي النحل، منها ارتفاع أسعار الأدوية وعدم توفرها وارتفاع أجور نقل وترحيل الخلايا بين المناطق، بحثاً عن مراع مناسبة، إضافة إلى ارتفاع أسعار السكر، الذي يحتاجه المربي في تغذية النحل، عندما لا تتوفر المراعي الجيدة، لافتاً إلى أنه يشتري كيس السكر زنة 50 كغ بأكثر من 50 ألف ليرة سورية.
 
وأضاف أن من أبرز الصعوبات التي يعاني منها مربي النحل في درعا، هو عدم الشعور بالأمان، حيث تتعرض الخلايا في ظل الفوضى التي تعيشها المحافظة في كثير من الأحيان إلى السرقات، إضافة إلى عجز المربي عن التنقل بين المحافظات السورية، بحثاً عن المراعي والأزهار المناسبة للنحل، وذلك بسبب التكاليف الباهظة، وانتشار الحواجز العسكرية، والعصابات المسلحة، التي لا ترحم أحداً، حسب تعبيره.

يشار إلى أن كيلو العسل الربيعي يباع ما بين 15 و20 ألف ليرة سورية في الوقت الحالي فيما يتراوح سعر كيلو العسل الصيفي بين 8 و10 آلاف ليرة سورية.


ترك تعليق

التعليق