شهادات إيداع "المركزي".. ضغط على البنوك، وتمويل بالعجز


ثمة تساؤلات عديدة حول دوافع قيام مصرف سورية المركزي، التابع للنظام، بالإعلان عن الإصدار الثالث للعام 2020 من شهادات الإيداع بالليرة السورية، وهو الإعلان الرابع في تاريخ المصرف، والثالث في العام الجاري.

يأتي ذلك، في حين يشهد سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية تراجعاً جديداً، إذ يُقرأ في حيثيات طرح شهادات الإيداع، استهداف للمصارف والبنوك العاملة (6 مصارف حكومية و14 مصرف خاص و3 بنوك إسلامية) في مناطق سيطرة النظام، من خلال إرغامها على تقديم عروض، ودفعها إلى تحمل مخاطر انهيار سعر الليرة السورية.

وبحسب المركزي فإن القيمة الاسمية للشهادة تصل إلى 100 مليون ليرة سورية بأجل ستة أشهر، على أن يكون يوم التسوية يوم الاثنين بتاريخ 16/11/2020 في حين يكون يوم استحقاق الشهادة يوم الاثنين بتاريخ 17/5/2021.

وسمح المركزي لكل مصرف بالاكتتاب على 5 شهادات كحد أدنى (500 مليون ليرة سورية)، وبما لا يتجاوز 10 في المئة، من حجم السيولة الفائضة لدى المصرف، كما يحق للمصرف تقديم 3 عروض سعرية للاكتتاب على الشهادات.

وعن دوافع المركزي من ذلك، قال الباحث الاقتصادي، يونس الكريم: "لدى النظام شعور يصل إلى درجة اليقين، بأن المصارف السورية داخلة في لعبة سعر صرف الليرة".

وأضاف لـ"اقتصاد"، أن النظام حدد ميزانية العام القادم بنحو 8500 مليار ليرة سورية، وهو ما سيدفع النظام إلى البحث عن طرق لتأمين هذا المبلغ، من خلال طبع أوراق نقدية جديدة، وفي ظل المخاوف من انفلات التضخم، نتيجة وجود كتل نقدية كبيرة في المناطق الخارجة عن سيطرته (مناطق المعارضة، وقسد)، يبدو أن النظام تمهّل في المباشرة بطبع العملة.

وتابع الكريم، بأن النظام ذهب باتجاه شهادات الإيداع، لسحب الكتلة النقدية الموجودة بالمصارف، التي تضغط على سعر الصرف أولاً، وثانياً لإيقاف عملية منح القروض، لتجميد الطلب على السلع، بمعنى آخر، اختفاء المال يعني غياب الطلب على السلع والخدمات، وهو ما يعني فرض سياسة انكماشية، لمساعدة النظام على ضبط السيولة، وضبط التضخم النقدي.

وحسب الباحث، فإن "المركزي" الذي سيدفع البنوك إلى عدم منح قروض وتسهيلات مصرفية للعملاء، يريد أن يضع البنوك بين تجميد السيولة لديهم، أو منحها له، مع تحقيق هامش بسيط من الأرباح.

وحول أسباب محاولة "المركزي" وقف منح القروض من قبل المصارف الأخرى، قال الكريم: "يستهدف النظام بالدرجة الأولى الشركات العقارية، حيث سيؤدي منع تقديم القروض لها إلى إفلاس العديد منها، وبالتالي سيشتريها النظام ويعيد ترتيب مرحلة (إعادة الإعمار) وفق مخططاته".

وقال: "توقف القروض، سيدفع بتجار العقارات إلى شراء العملة السورية، لأن النظام يمنع التداول بالدولار أصلاً، وهذا ما سيؤدي إلى استحواذ المركزي على الدولار، لأنه الجهة الوحيدة التي تملك الكتلة النقدية بالليرة السورية".

كذلك، فإن توفر السيولة في المركزي، يساعد النظام على تأمين قيمة الموازنة المالية للعام 2021، للتخلص من الفجوة بين موازنة العام الجاري والمقبل، أي ترصيد هذه الأموال حسابياً، لكن دون إنفاقها، بمعنى آخر، إدخال هذه الأموال في عملية حسابية، ومن ثم إعادتها لـ"المركزي"، وحتى يحين تاريخ استحقاق الشهادات الجديدة في 17 أيار القادم، تكون الموازنة الجديدة مصدقة، وحينها يستطيع "المركزي" إعادة الأموال إلى البنوك والمصارف، وفق الكريم.

ولم يذهب الباحث الاقتصادي، أدهم قضيماتي بعيداً عن القراءة التي قدمها الكريم لخلفيات وأهداف الخطوة التي أقدم عليها "المركزي".

وفي حديثه لـ"اقتصاد"، قال قضيماتي: "الديون المستحقة على المركزي تدفعه إلى القيام بالتمويل بالعجز، أي عن طريق السندات، ويعيد المركزي هذه الخطوة لتغطية ديونه ونفقاته".

وأضاف: "كذلك يريد المركزي تثبيت سعر الصرف، عبر سحب الفائض من العملة السورية، الموجودة في البنوك".

إلى أي مدى، قد تسهم إجراءات "المركزي" في تثبيت سعر صرف الليرة؟، يجيب قضيماتي: "لا يتوقف تثبيت سعر الليرة على سحب الفائض من البنوك والسوق، وتحقيق ذلك رهن عملية من شأنها النهوض بالاقتصاد السوري"، مستدركاً: "الليرة السورية تعتمد على أساسيات معدومة عند النظام، والاستمرار بالتمويل بالعجز، بات خياراً وحيداً لدى النظام".

ترك تعليق

التعليق