خطف وسرقة وقتل.. تجارب سوريين مع الـ "توك توك" في مصر


باتت المركبات ذات الثلاث عجلات أو ما يطلق عليها في مصر اسم "التوك توك" وسيلة تنقل يومية شبه أساسية في حياة اللاجئين السوريين وبخاصة طالبات الجامعات وممارسي الأعمال الحرة منهم نظراً لانخفاض أجرتها وسهولة ركوبها في زحمة السير الخانقة التي تشهدها الكثير من المدن المصرية وبخاصة مدينة 6 أكتوبر التي يسكنها نحو 45% من السوريين. وأصبح منظر العشرات من هذه المركبات على الاوسترادات والشوارع الفرعية فيها جزءاً من الصورة اليومية المألوفة.

و"التوك توك" مركبة نارية ذات ثلات عجلات، تستخدم غالباً كوسيلة للانتقال بالأجرة. وينتشر "التوك توك" بكثرة في البلاد الآسيوية، وبعض البلاد العربية وخصوصاً في العراق ومصر والسودان. ويتسع  هذا النوع البسيط من وسائل النقل لراكبين بالمقعد الخلفي (أو ثلاثة محشورين بجانب بعض) بالإضافة إلي السائق الذي يجلس في المقدمة. وبحسب إحصائيات رسمية فإن مصر تضم أكثر من 3 ملايين مركبة، منها 99 ألفاً مرخصة، وفقاً لإحصائية أعلنها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مارس (آذار) 2018. وقال المراقبون إن "خطورة (التوك توك) في أن عدد المركبات غير المرخصة أضعاف المرخص".

وغيّرت وسيلة النقل غير المعهودة هذه من نمط حياة السوريين منذ بداية اللجوء، حيث باتوا يعتمدون عليها في قضاء حاجياتهم والالتحاق بأعمالهم أو جامعاتهم رغم أن ركوب الـ "توك توك" يمكن وصفه بأنه أكثر فوضوية من كونه مريحاً.

 وشهدت السنوات الأخيرة الكثير من الحوادث المؤسفة التي ارتبطت بوسيلة النقل هذه وسائقيها كجرائم القتل والخطف والسرقة بالإكراه، والتحرش الجنسي.

وروت اللاجئة السورية (م ، ر) التي خُطفت طفلتها من قِبل سائق توك توك، في حديث مع "اقتصاد"، أنها كانت تركب مع ابنتها في إحدى هذه المركبات وكانت تتسامر مع السائق فعرف أنها سورية، وكان -كما تقول- ينظر بين الفينة والأخرى إلى طفلتها شقراء البشرة، نظرات غير مريحة، وعندما وصلت إلى الحي الذي تسكن فيه وبدأت بإنزال الحاجيات التي تسوقتها، فوجئت بانطلاق التوك توك مع ابنتها ذات السنوات الثلاث بسرعة شديدة.

 وأضافت محدثتنا بنبرة باكية أنها توجهت على الفور إلى أقرب مركز شرطة وقدمت بلاغاً ضد السائق المذكور وإلى الآن لا معلومات عن طفلتها أو مكان وجودها.

أما قصة اللاجئة "أمينة - ع ن"، مع الـ توك توك، فمختلفة نوعاً ما، إذ كانت عائدة في إحدى هذه المركبات مع بناتها في مدينة 6 أكتوبر وشاهدت صديقة لها فوقفت تتحدث معها فيما صعدت بناتها إلى منزلهن، وكانت الأم تضع حقيبتها اليدوية على كتفها وفجأة جاءت عربة توك توك عكس السير وصدمتها، لتختفي حقيبتها التي تضم أوراقها الرسمية من جواز سفر وراتبها لأنها تعمل في شركة لتؤمن قوت عائلتها، فيما لاذ صاحب العربة بالفرار ولم يتم التعرف عليه نظراً لأن التوك توك غير مرخص.

أما الشاب "ع. س" -28 عاماً- الذي فر من الحرب الدائرة في سوريا إلى مصر والتحق ليعمل بمطعم في منطقة العبور فكان عائداً من بيته منذ أسبوعين في عربة "توك توك" ويتحدث على الجوال مع والدته عما تطلبه من حاجيات فتم خطفه من قبل صاحب المركبة بعد وضع قماشة مخدرة على وجهه، واختفى ليومين ليتم إعادته إلى أهله جثة هامدة.

ولفتت اللاجئة "ر. ف" التي تتابع أحوال اللاجئين في مصر، في حديث لـ"اقتصاد"، أن الكثير من أصحاب هذه العربات العشوائية استغلوا الأطفال والمراهقين تحت سن الـ 15 عاماً للعمل كسائقين عليها مما يتسبب غالباً في الكثير من الحوادث بسبب قلة خبرتهم مع عدم توفر عوامل الأمان أثناء القيادة.

 وكشفت محدثتنا أن بعض سائقي هذه المركبات الصغيرة يحملون فيها دائماً أسلحة بيضاء من سكاكين ومطاوي وعصي وفي بعض الأحيان مواداً مخدرة (حشيش وغيره) مضيفة أن هذه الفئة من السائقين لا رقابة عليهم وإذا رأوا عناصر الشرطة يلوذون بالفرار في شوارع غير مراقبة أو يصعب دخول سيارات الشرطة إليها.. علماً أن السلطات المصرية شنت في الآونة الأخيرة حملات مصادرة لهذه المركبات وتغريم أصحابها بما يعادل ثمنها –بحسب المصدر-.

وتتسع عربة "توك توك" لراكبين متوسطي الحجم عادة وربما ثلاثة على أكثر تقدير، ولكن السائقين من ذوي الحيلة يجدون أحياناً طرقاً للضغط على عائلات بأكملها عند الضرورة، لكسب أجرة أكثر حيث تتراوح قيمة الركوب من 5-8 جنيه للراكب الواحد وقد تصل القيمة إلى 35 جنيهاً إذا كانت المسافة أكثر من المعتاد.

ويعيش في مصر أكثر من نصف مليون لاجئ سوري يقدر عدد المسجلين منهم لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بنحو 130 ألفاً يتركزون في عدة محافظات أبرزها القاهرة والاسكندرية والجيزة وبعض محافظات الدلتا وفي مدينة 6 أكتوبر غربي القاهرة والعبور والرحاب والعاشر من رمضان. وتعيش مئات الأسر السورية على تلقي مساعدات خيرية شهرية خفت في الآونة الأخيرة لدرجة كبيرة لذلك يسعى أولئك الذين قرروا البقاء إلى تأمين دخل ثابت للاستغناء عن هذه المساعدات.

ترك تعليق

التعليق