إسطنبول.. العمالة السورية تعيش حالة من القلق


تعيش العمالة السورية في مدينة إسطنبول التركية، حالة من القلق والترقب للقرارات الحكومية القادمة خاصة فيما يتعلق بـ "فرض حظر" جديد سواء جزئي أو كلي، في ظل ارتفاع حصيلة الإصابات بفيروس "كورونا" في عموم تركيا، وبالأخص إسطنبول.

ورغم خطورة الموقف صحياً، إلا أن شريحة كبيرة من اليد العاملة السورية ستكون على موعد مع صعوبات اقتصادية ومعيشية، في حال فرض حظر جديد، خاصة وأن العامل السوري يعاني أصلاً من ظروف صعبة بسبب ساعات العمل الطويلة والأجور المتدنية.

وكانت اليد العاملة السورية قد استبشرت خيراً بالإصلاحات الاقتصادية الأخيرة التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والتي تمثلت بإقالة محافظ البنك المركزي وقبول استقالة وزير المالية (صهره) والتي أدت إلى انتعاش ملحوظ بسعر صرف الليرة التركية مقابل العملات الصعبة والتي كانت قد لامست حدود الـ 8,50 ليرة تركية للدولار الوحد، قبل أن ترتفع في الأيام القليلة الماضية إلى 7,70 ليرة تركية للدولار الواحد.

إلا أن المفاجأة كانت في القرارات الأخيرة المتعلقة بتقييد عمل المطاعم والمقاهي والمتاجر الصغيرة والكبيرة، وأيضاً فرض حظر تجوال مسائي يومَي السبت والأحد، إضافة للدعوات التي يطلقها رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو، مطالباً الحكومة التركية بضرورة إغلاق مدينة إسطنبول بالكامل وفرض حظر تجوال شامل، إضافة للتحذيرات المستمرة لوزير الصحة التركي فخر الدين قوجة، لسكان إسطنبول خاصة، من خطر تفشي الوباء بسرعة، كلها عوامل تزيد من مخاوف العمالة السورية (بين اللاجئين السوريين).

ورصد "اقتصاد" آراء عدد من العمال السوريين وأصحاب البقاليات في إسطنبول، إذ قال "أبو محمود الحلبي" –وهو صاحب بقالية صغيرة في منطقة بيرم باشا- في تصريح لـ "اقتصاد": "منذ لحظة الإعلان عن الحظر الجزئي في إسطنبول بدأت بزيادة كميات البضاعة في محلي، خاصة وأن المنطقة يتواجد فيها سوريون بنسبة عالية وأنا متأكد أن احتياجاتهم ستكون متزايدة، وسيزداد الإقبال على شراء المعلبات وأيضاً الخبز".

وأضاف "الحلبي": "المخاوف ليست الآن بل في حال تقرر فرض حظر صحي شامل عندها تبدأ الصعوبات الاقتصادية، فنحن كما تعلم ندفع إيجارات شهرية وفواتير سواء للبقالية أو حتى للمنزل، وفي حال تم فرض الحظر فسيكون من الصعوبة العمل بشكل مريح، وربما نتعرض لخسارة مفاجئة".

وتابع: "في فترة الحظر الماضي كنت أحاول أن أفتح بقاليتي خلسة ولفترات محدودة من أجل تجهيز ما يطلب مني عن طريق الواتس آب، وكنت أنقل الطلبات إلى منازل السوريين القريبة مني كون البيع ممنوع داخل البقالية، وكانت الأمور تمشي رغم المخاوف، أما اليوم فلا أدري كيف سيكون الأمر خاصة وأن السلطات التركية بدأت إجراءات مشددة في إسطنبول، وأخشى من الغرامة المالية جراء مخالفتي للأمر والتي تقدر بأكثر من 3000 ليرة تركية".

من جانبه قال اللاجئ السوري "عبد القادر الموسى" والذي يعمل في مشغل للخياطة، في تصريح لـ "اقتصاد": "أنا أعمل من الساعة 8 صباحاً وحتى الـ 6 مساءً، وأسكن في سكن جماعي (سكن شبابي)، والراتب الذي أحصل عليه لا يكفيني أو يكفي ما أرسله لعائلتي في الشمال السوري، خاصة وأنه مع نهاية العام الجاري العمل يتراجع بشكل كبير وفي حال تقرر الحظر الكلي وتم التشديد في الإجراءات، فإن وضعي سيكون صعباً جداً، وأتمنى أن لا يكون هناك حظر شامل".

لاجئ سوري آخر يعمل في سوق "جراند بازار" أو السوق الكبير في منطقة بيازيد بإسطنبول ويدعى "أحمد عوامة"، قال لـ "اقتصاد": "الحركة بالأصل قليلة جداً في سوق جراند بازار وبين الفترة والأخرى يتم فصل العمال السوريين من عملهم نظراً لتلك الظروف، رغم أن أعدادنا كعمالة سورية ليست كبيرة جداً، لذا بتنا نخشى بالفعل من فرض أي حظر جديد مماثل للحظر السابق الذي كانت تشهده إسطنبول، والذي أثرّ بشكل كبير على حياتنا المعيشية".

وتابع "عوامة" كلامه قائلاً: "لا يوجد أي أحد سيمد يد العون في حال جلوسنا في المنزل من دون عمل، وكما يقال بالعامية (اليوم الذي تعمل فيه تأكل فيه) وهذا حالنا بشكل عام كعمالة سورية، وقس على ذلك بالنسبة لباقي الظروف".

من جهته، قال الكاتب والمتابع لملف اللاجئين السوريين في تركيا، "مصطفى النعيمي"، لـ "اقتصاد": "من أهم المشاكل التي سيعانيها اللاجئ السوري العامل هي مسألة دفع الإيجارات الشهرية للمنازل أو المحال التجارية، وهذا الأمر يتطلب اتخاذ آلية جديدة للدفع يجب أن تكون بين الشخص المستأجر ومالك العقار مثلاً، ويتطلب ذلك سن قانون حكومي وليس بشكل عشوائي، وأعتقد الأفضل البحث عن مخرجات قانونية تتوافق مع حجم مأساة كورونا التي تؤثر على السياق االعام للمجتمع، وهناك بعض الحالات طُلب فيها من شاغلي العقارات المغادرة في حال لم يتم دفع الإيجار، وهذا حق في النتيجة لمالك العقار، لكن بالمقابل كيف لمن أصبح عاطلاً عن العمل لمدة شهرين مثلاً أن يدفع الإيجار؟".
 
ويتوقع مهتمون بأمور اللاجئين السوريين في تركيا، أن تستمر حالة القلق في أوساط العمالة السورية حتى مطلع العام القادم 2021، خاصة وأن الاقتصاد التركي في حالة غير مستقرة، بانتظار ما ستثمر عنه الإصلاحات الاقتصادية التي يعمل عليها أردوغان في هذه الفترة، والذي كان قد أكد أن "تركيا بدأت عهد إصلاحات اقتصادية جديدة".

ترك تعليق

التعليق