رحلة قد تكون الأخيرة لسوريين إلى السودان


علّق مصدر حقوقي، في حديث لـ "اقتصاد"، على قرار مجلس السيادة السوداني، فرض فيزا على السوريين القادمين من دمشق، موضحاً أن القرار كان متوقعاً، وخصوصاً بعد فرض الحكومة السودانية العام الماضي فيزا لدخول البلاد، على السوريين المقيمين خارج سوريا وخصوصاً في الدول الأوروبية.

وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن السفارات السودانية رفضت قبل شهر من الآن منح تأشيرات دخول للسوريين تمهيداً لإصدار هذا القرار والذي لم تتوضح بعد اللوائح والإجراءات التنفيذية له، حسب وصفه.

وبموجب القرار الأخير، أصبح يتوجب على كلٍ من السوريين والفلسطينيين السوريين، سواء كانوا داخل سوريا أو خارجها، الحصول على فيزا كشرط مسبق لدخول السودان. حيث أضاف القرار الأخير، الفئة المتبقية التي كانت معفاة من الفيزا، وهي السوريين داخل سوريا.

رحلة استثنائية ربما تكون الأخيرة

وكتنفيذ مباشر وفوري لقرار مجلس السيادة السوداني، نوهت الخطوط الجوية السورية عبر صفحتها على "فيسبوك"، كما رصد موقع "اقتصاد"، أنه يتوجب على السوريين الذين سبق لهم الحجز للسفر إلى مطار الخرطوم يوم السبت 12/12/2020، مراجعة السفارة السودانية في دمشق للحصول على الفيزا. وطلبت منهم اصطحاب الوثائق التالية: جواز السفر، وصورة شخصية عدد 1، بالإضافة إلى دفع رسوم الفيزا المقدرة بـ 191 ألف ليرة سورية (أي ما يقارب 70 دولار أمريكي)، كاستثناء لهذه الرحلة، مؤكدة أنها ستنشر الوثائق المطلوبة للرحلات القادمة المتجهة للخرطوم.

بدوره، اعتبر مصدر خاص على إطلاع بواقع السوريين في السودان وشؤونهم القانونية والإقتصادية، أن هذه الرحلة ربما تكون إحدى آخر رحلات السوريين إلى السودان، إذ يعتقد المصدر أن السودان يتجه إلى تشديد إجراءات سفر السوريين إليه، بالاتفاق مع حكومة النظام التي تسعى إلى قفل هذا الباب لمنع السوريين من مغادرة البلاد وخصوصاً بعد عقدها مؤتمر عودة اللاجئين في شهر تشرين الثاني الفائت، بالرغم من عدم حضور ممثل للسودان في المؤتمر.

سحب الجنسية السودانية من الأجانب ومنهم السوريون

وبالتزامن مع قرار فرض الفيزا مجدداً على السوريين، أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبدالفتاح البرهان، قراراً بسحب الجنسية السودانية من 112 سودانياً كانوا سبباً في حصول بعض الأجانب على الجنسية السودانية، في إشارة إلى مسؤولين وموظفين سابقين في حكومة الرئيس السابق عمر حسن البشير.

ونص القرار على إسقاط الجنسية السودانية بالتجنس عن 3436 أجنبي، بحجة عدم استيفائهم شروط منح الجنسية السودانية.

هذا القرار أيضاً لم يكن مفاجئاً بحسب مصدرنا، وقد بدأ تطبيق بنوده قبل أربعة أشهر من خلال إجراءات قامت بها دائرة شؤون الهجرة والأجانب والجنسية، بسحب الجنسية السودانية وجوازات السفر من آلاف السوريين بعد الطلب منهم مراجعة دائرة الجنسية، وإتباع الإجراءات التي تنص أن على الأجانب -ومنهم السوريون الذين ينوون مغادرة السودان (خروج وعودة) أو (خروج بدون عودة)- مراجعة دائرة الجنسية، بهدف الحصول على وثيقة (براءة ذمة) كشرط للسفر ومغادرة البلاد. وكان ذلك بمثابة فخ للسوريين ولغيرهم من الأجانب حيث تم سحب الجنسية السودانية منهم وجوازات السفر السودانية ممن حصل عليها، وتمت مطالبتهم بالحصول على إقامات رسمية كشرط للبقاء في السودان.

وأضاف المصدر أن الحكومة السودانية سبق لها أن أوعزت أيضاً للسفارات والبعثات الدبلوماسية السودانية خارج السودان بتجميد جوازات السفر للسودانيين المجنسين وإبلاغ سلطات الدول التي يقيمون فيها بذلك الإجراء، وغالبيتهم من السوريين الذين حصلوا على الجنسية السودانية وسافروا بها لدول الخليج.

كما أشارت السلطات السودانية إلى أنها سوف تخاطب منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الانتربول) والبعثات السودانية في الخارج، بتفاصيل الأسماء لمن سُحبت جنسيتهم، واتخاذ ما يلزم من إجراءات.

ولم يخف المصدر الذي يقيم في السودان أن هناك عدداً كبيراً من الأجانب بما فيهم السوريون حصلوا على الجنسية السودانية إبان حكم الرئيس السابق عمر حسن البشير، بطرق غير قانونية مستغلين حالة الفساد التي يعيشها السودان، والحصول على الجنسية السودانية مقابل مبالغ مالية وصلت إلى 10 آلاف دولار أمريكي، لكن في المقابل هناك من حصل على الجنسية السودانية بعد استيفاءه كافة الشروط القانونية وهي الإقامة لمدة ستة أشهر، ودفع الرسوم المقدرة بـ 200 دولار أمريكي، وذلك استناداً للمادة التاسعة من قانون الجنسية السوداني التي خصّت رئيس الدولة بسلطة منح الجنسية السودانية للأجانب. وهذا ما يفسر تسهيلات حصول عدد كبير من السوريين على الجنسية السودانية إبان حكم الرئيس عمر البشير.

ظروف معيشية صعبة والتضييق مستمر

وختم المصدر أن السوريين في السودان والذين يقدر عددهم بـ 200 ألف، وفق إحصائيات وتقديرات غير رسمية، يتركز معظمهم في العاصمة الخرطوم ويعانون من ظروف معيشية صعبة في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية المتلاحقة التي شهدها السودان ومايزال يعاني منها، وزادت حالات التضييق على السوريين -كما أفاد المصدر- بعد سقوط نظام الرئيس السوداني عمر البشير في نيسان/أبريل من العام 2019، ولقاء وزيرة الخارجية السودانية بوزير خارجية النظام السابق وليد المعلم في أيلول/سبتمبر من نفس العام، لتبدأ بعد ذلك اللقاء، حملات الاعتقال التعسفي للسوريين وتشديد شروط الإقامة عليهم، والتي يتطلب الحصول عليها وجود جواز سفر سوري ساري الصلاحية، وكفيل كصاحب منشأة تجارية أو صناعية، ورسوم مالية تصل إلى 300 دولار أمريكي، في الوقت الذي يصل فيه متوسط دخل العامل السوري شهرياً 50 دولار أمريكي فقط.


(الصورة الرئيسية أرشيفية يظهر فيها جانب من مطار الخرطوم)

ترك تعليق

التعليق