اقتصاديات.. اقتصاد المشعوذين


من اللافت أن يحتفي إعلام النظام بتوقعات المنجمين اللبنانيين عن سوريا، خلال حفلات رأس السنة، والتي دائماً ما يتحدث أصحابها، بما تنطق به أجهزة المخابرات، من أن الوضع في سوريا إلى تحسن هائل، وأن بشار الأسد، سوف يتهافت عليه القريب والبعيد من الزعماء، وسيرجونه أن يقبل دعمهم له وعلى كافة المستويات.

هذا الكلام يتكرر سنوياً منذ العام 2011، ويقوده نجوم "الشعوذة" في لبنان، من أمثال مايك فغالي وليلى عبد اللطيف وميشال حايك وماغي فرح، لكن ما يحدث على الدوام هو العكس، وخصوصاً في الشق الاقتصادي، إذ كلما توقع هؤلاء ازدهاراً لوضع الاقتصاد السوري، ازداد هذا الوضع انحطاطاً، لدرجة أن أغلبهم توقف عن تناول هذا الشق عن سوريا، باستثناء ليلى عبد اللطيف، التي استمرت خلال هذا العام في الحديث عن الليرة السورية والعقوبات الأمريكية الأخيرة على سوريا، إذ أشارت بأن الليرة خلال العام 2021، سوف تتعافى، أو كما قالت بدقة: "كل ما تشهده الليرة السورية من ضغوط ما هو إلا أمر مؤقت".. ثم تحدثت عن أن قانون قيصر لن يؤثر على المصرف المركزي، وأن هذا الأخير سوف يجد الحل المناسب، وقالت كذلك بأن إعادة الإعمار سوف تنطلق بقوة بمساعدة الدولة الروسية، وأن اللاجئين السوريين سوف يعودون أفواجاً، وبالتحديد من ألمانيا..

والمتابع لتوقعات ليلى عبد اللطيف تحديداً عن سوريا، والتي لا تكتفي بإلقائها بنهاية العام، وإنما تطل عدة مرات في وسط العام، سوف يلاحظ أنها لا يمكن أن تتوقع السيء أبداً للنظام السوري، ودائماً توقعاتها داعمة ومناصرة له، وكأنها خارجة للتو من مكتب علي مملوك.
وفي منتصف العام الماضي، توقعت عبد اللطيف في سابقة غير معهودة، أن يترك بشار الأسد السلطة من تلقاء نفسه، فقامت الدنيا ولم تقعد عليها في إعلام النظام، فيما تيقن المتابعون عن بعد، بأنها قالت هذا الكلام، للحصول على مستحقات سابقة، على ما يبدو أن أجهزة المخابرات لم تقم بتسديدها، لكنها عادة إلى جادة الصواب، بحسب هذا الإعلام، خلال نهاية العام عبر إطلالتها على تلفزيون "نيو تي في "، فأبلت بلاء حسناً خلال حديثها عن سوريا.

مضحك جداً أن يحاجج إعلام النظام مواطنيه بتوقعات المنجمين اللبنانيين، وأن يكون ذلك أحد الأدوات التي يستثمر فيها، لتسكين أوجاعهم المعيشية.. لكن لا خوف على هؤلاء المواطنين، فهم اعتادوا أن يقرأوا العكس في كل ما يقدم لهم من هذا الإعلام، حتى لو كان الأمر يتعلق بأحوال الطقس.. وهذا الأمر ليس بجديد، وإنما منذ زمن بعيد، وبالتحديد من أيام حافظ الأسد الأولى في السلطة، بينما لم يتغير شيء مع هذا الوريث، سوى أن الكذب والتضليل أصبح مجالاً للتندر بين السوريين، وأصبحوا قادرين أكثر على تجاوزه..


ترك تعليق

التعليق