"اقتصاد" يستعرض تجارب سوريين مع "بيتكوين" وشقيقاتها


يقيم "طه زيد" في إحدى مخيمات الشمال السوري ولجأ منذ فترة للعمل في تداول العملات الافتراضية بعد تعلمه طريقة تداولها من إحدى المنصات المتخصصة.

يقول "طه" إنه لم يستطع الاستفادة من قفزات البيتكوين الأخيرة لأن تداوله يعتمد على عملات افتراضية أخرى.

موضحاً: "رأس مالي بسيط ولا أتمكن من شراء عملة البيتكوين والتي تعتبر مرتفعة القيمة مقارنة بباقي العملات".

ربما تستقر مؤشرات عملة البيتكوين لفترة طويلة دون صعود أو هبوط ملحوظ، لذلك فإن الاستفادة من تداول البيتكوين يكون عبر شراء كميات كبيرة وتجميدها لفترة طويلة.

يستخدم "طه" هاتفه النقال للتسجيل بمنصات ومواقع متخصصة بتداول العملات الافتراضية كعملة (ethereum - ox - tether- Nem) ويواظب على مراقبتها صعوداً وهبوطاً في سبيل تحصيل بعض المرابح.

"محمد حلاوة"، خريج معهد حاسوب وأقام دورة تدريب لدخول سوق تداول العملات الافتراضية في إدلب، قال لـ "اقتصاد" إن التعامل في العملات الافتراضية أصبح سهلاً جداً "حيث نعتمد على منصات معروفة للشراء والبيع عن طريقها".

يضيف "حلاوة" أنه لا يوجد رأس مال محدد للدخول في سوق التداول ولكن الأفضل أن لا يقل عن 100 دولار أمريكي لتحصيل مرابح جيدة.

كما يوضح "حلاوة" أن عملية البيع والشراء لا تكون اعتباطاً وإنما عبر إتباع طرق تحليل العملة، وهناك تحليل زمني وكلاسيكي وفني لكل عملة، يمكن من خلاله معرفة مؤشرها صعوداً أو هبوطاً.

"يوسف الشامي"، وهو اسم مستعار لشاب يعيش في العاصمة السورية دمشق، تحدث لـ "اقتصاد" عن تجربته مع العملة الإلكترونية "بيتكوين"، قائلاً: "باختصار أنا شخص مهووس بالتقنية ولا يوجد موقع للبرامج أو المقالات إلا وأشارك به".

وأضاف: "في العام 2011، وصلتني رسالة بريد إلكتروني من موقع إلكتروني أنا عضو قديم فيه، وعرضوا علي الاستثمار بعملة البيتكوين".

واستطرد: "لكن كما تعلم بلدنا كانت في بداية الحرب ولم يكن أحد يتوقع أن تصل سوريا إلى ما هي عليه الآن، ولم أكن أتوقع أن تصل العملة الرقمية إلى هذا السعر، فرفضت الموضوع طبعاً".

وتابع: "في بداية العام 2017، وعندما أصبح ثمن القطعة 1000 دولار تذكرت الموضوع وندمت لكوني لم أستثمر فيها".

وأشار إلى أنه "لا يوجد في مناطق سيطرة النظام السوري من يتعامل بهذه العملة الإلكترونية على حد علمي، وأغلب الشباب يعتبرون أنها فقاعة ولعبة لسحب الكاش من جيوب الناس".

من جانبه، أكد الباحث الاقتصادي "يحيى السيد عمر" لـ "اقتصاد" في رد على سؤال حول العملة الإلكترونية "بيتكوين"، أنه "لا يمكن اختصار قضية العملة الإلكترونية بأنها حساب بنكي إلكتروني، فالبنوك التقليدية بغالبيتها بات لها حسابات إلكترونية، فمن خلال الحساب الإلكتروني لأي بنك تقليدي بإمكانك إجراء جميع العمليات المصرفية، فتشبيه العملات الإلكترونية بالحسابات الالكترونية تشبيه خاطئ، وغالباً يراد بهذا التشبيه القول بأنها عملة كغيرها وهذا الطرح غير سليم".

وأوضح أن "العملة الإلكترونية قد تشبه في بعض الحالات الحسابات الإلكترونية لكنها مختلفة عنها بشكل جذري، والاختلاف الأهم هو بالعملة المودعة، فالعملة الإلكترونية لا تشبه العملة التقليدية، والتحفظ عليها هو سيد الموقف، وهي تشبه حسابات المضاربة وأحياناً المقامرة أكثر مما تشبه الحسابات البنكية".

وفي رد على سؤال حول التوقعات بالنسبة لتداول "بيتكوين"، بالتزامن مع القفزات التي تحققها أسعار تلك العملة، أجاب: "تداول العملة الرقمية يخضع للتغير في قيمتها، وهي شديدة التذبذب من ناحية القيمة، فحالياً يقترب سعر البيتكوين من 42 ألف دولار، وهو رقم قياسي، مما قد يدفع التداول للارتفاع بشكل كبير، إلا أن تاريخ البيتكوين مليء بالتذبذبات الحادة، فقد ينهار في أي لحظة، وقد يستمر بالارتفاع، فقضية التنبؤ أو التوقع بقيمته لا يستند لمعايير اقتصادية كونه غير مرتبط بالدورة الاقتصادية العالمية".

وأضاف: "بشكل عام يمكن القول بأن أزمة كورونا والتوتر في أمريكا قد يرفع من مستوى التداول في المدى المنظور، وذلك لانخفاض ثقة المستثمرين بمستقبل الاقتصاد العالمي، إلا أنه توقعٌ لا يمكن الجزم به كونه من غير الممكن حالياً ربط تداولات البيتكوين بدورة الاقتصاد العالمية".

وختم قائلاً: "من وجهة نظري أرى أن البيتكوين وغيرها من العملات الإلكترونية لا تتعدى أن تكون شكلاً من أشكال المقامرة، فمن يمتلك عدة عملات من البيتكوين ربح خلال فترة قصيرة عدة آلاف من الدولارات، وهي لا تخرج عن كونها ربح من المقامرة، فلا وجود لأي جهد في هذا الكسب، وهذا الأمر من شأنه على المدى الطويل تقويض الاقتصاد العالمي وإلحاق الضرر بالإنتاج الحقيقي، كون هذه الأرباح الاستثنائية قد تدفع العديد من الأفراد والمستثمرين لهجرة العمل والإنتاج والتوجه للمضاربة والمقامرة في العملة الالكترونية نظراً للربح الفاحش فيها".

ترك تعليق

التعليق