من هو "الصيادي" الذي استولى على ثلث أراضي المهجرين في حلفايا؟


بعد شهور من سيطرة قوات النظام على مدينة حلفايا في آب- أغسطس 2019 جرّاء حملة عسكرية عنيفة أدت إلى تهجير أهلها، بدأ شبيحة النظام يتقاسمون الغنائم ويستولون على أملاك المهجرين بمساعدة الأجهزة الأمنية المنتفعة بدورها.

وأفاد ناشطون أن الشبيح "أيمن كرمو الصيادي" استولى مع عدد من الشبيحة الآخرين على ما مساحته ألفي دونم من الأراضي الزراعية العائدة لمهجري المدينة الواقعة إلى الشمال الغربي من مدينة حماة، وبدأ بتقسيمها إلى مشاريع وحراثتها وزراعتها، مخالفاً بذلك القرار الذي أصدرته اللجنة الأمنية التابعة لجيش النظام في حماة بتاريخ 11/8/ 2020 ومنعت بموجبه حراثة الأراضي الزراعية لغير المالكين الأساسيين لها أو العمل بها حتى انتهاء اللجنة المشكلة بالأمر الإداري رقم 3077. ولكن هذا القرار فسره بعض الناشطين بأنه محاولة لوضع اليد على أراضي المهجرين وتجييرها لصالح الشبيحة وهو ما حصل على أرض الواقع فيما بعد.


ناشط فضّل عدم ذكر اسمه روى لـ"اقتصاد" أن الشبيح "الصيادي" كان مجرد موظف مياه في مدينة محردة تم توظيفه بسبب مقتل والده (غير معروف قاتله حتى اليوم) مع عدة أشخاص من مدينة حلفايا منتمين لحزب البعث منذ الثمانينيات، وبدأ عمله كعامل حفريات بشركة المياه ثم سائقاً لسيارة تابعة للشركة. وكان قبل اندلاع الثورة –بحسب المصدر- كان لا يملك سوى دراجة نارية فقط. وبعد انطلاق الثورة السورية بدأ المذكور بنقل أخبار الثائرين بمدينة حلفايا إلى فرع المخابرات الجوية والأمن العسكري، مضيفاً أن الصيادي بدأ مشواره في جمع المال وتوسيع دائرة النفوذ من خلال السمسرة على المعتقلين بعد عام ٢٠١٣ وتقاضي مبالغ خيالية من ذويهم بحجة الإفراج عنهم، وكذلك تسوية أوضاع المطلوبين لنظام الأسد، الأمر الذي دعاه لتوسيع تعامله ليشمل أغلب الأفرع الأمنية وتقاسم العائدات (الإمتيازات) مع الأفرع الأمنية مناصفة.

وتابع محدثنا سارداً جوانب من رحلة الصيادي مع التشبيح، فمع بداية تشكيل ميليشيات الدفاع الوطني في مناطق سيطرة نظام الأسد دفعته الأفرع الأمنية وخاصة فرعي الجوية والعسكرية لجمع عدد من المرتزقة بمدينة حلفايا ومنهم "فيض الله الرجب" و"أيمن الجميلي" و"عبد العزيز الحلبي" الملقب بـ (الخشيف) و"سامر الحلبي" و"شاهر الدعبول المشهور"، وتكوين مليشيا مساندة لقوات النظام وهم من سيكونون لاحقاً يده اليمنى في الاستيلاء على أراضي المهجرين من أهالي مدينتهم دون أي رادع إخلاقي أو إنساني.

مع إحكام حواجز النظام قبضتها على مدينة "حلفايا"، اتفق الصيادي مع عدد من شبيحة الأسد من مدينة الربيعة الموالية ومنهم "فريد باكير" على سياسة الخطف والسرقة من المدينة على أن يأتي "أيمن الصيادي" فيما بعد لتخليص المُختطفين من المعتقلات المؤقتة التي أنشئت لهذا الغرض في المدينة، مقابل مبالغ مالية كبيرة قد تصل إلى مليوني ليرة –حسب تصريف العملة السورية آنذاك- ليتم تقاسمها فيما بينهم بعد ذلك.

وكشف محدثنا أن الصيادي ولكي يبعد تهمة التعامل مع الأجهزة وانكشاف أمره كان يشيع بأنه ذاهب إلى حلب أو دمشق، ويذهب إلى حماه لمدة يوم أو يومين وعند اكتمال المسرحية يعود ليمثل دور المخلص للمعتقلين والسيارات المصادرة العائدة للمدنيين الذين لا حول لهم ولا قوة.

وأكد المصدر أن ميليشيا الدفاع الوطني التي شكلها الصيادي في حلفايا لم تخضْ مع قوات النظام أي معركة سوى "معارك التشليح والتعفيش" لا بل كانت –كما يقول-على صدام مباشر مع ميليشيات الدفاع الوطني بمحردة بقيادة "سيمون الوكيل" الذي يتبع مباشرة لقاعدة حميميم الروسية، وبعد انكشاف ثراء الصيادي السريع على حساب عناصره المرتزقة وتململ عدد منهم تخلص من المدعو "سامر السنيسلة" بقرية المجدل بتصفيته مع عدد من أفراد عائلته، وكذلك الأمر قام بتصفية الشبيح "جمعة الجمال" الملقب بـ (العص) بتاريخ 2/3/2017 إثر الخلاف على اقتسام السرقات والفديات.


بعد عودة عراب المصالحات "عمر الرحمون" إلى "حضن النظام" شكّل الشبيحان أيمن وعمر تحالفاً سرعان ما انهار لجشع كليهما ولتقارير كيدية بدأت من الطرفين ضد بعضهما البعض، فتم اعتقال "أيمن الصيادي" من قبل أحد الأفرع الأمنية العام الماضي لمرتين، وفي كل مرة كان يدفع مئات الملايين التي جناها من التعفيش والسرقات للخروج من الاعتقال، لأن الأفرع الأمنية كانت تتركه ليجمع أموالاً ثم تعتقله ثانية ليدفعها لهم، وبعد خروجه الثاني من الاعتقال بدأ الشبيح الصيادي يهرّب أمواله خارج سوريا –بحسب المصدر-.

وبدوره، روى الناشط "ناصر الحلفاوي"-اسم مستعار- لـ "اقتصاد" أن "أيمن كرمو الصيادي" بدأ بعد صدور القانون 10 عام 2018 بوضع يده على الأراضي الزراعية لمهجري مدينة حلفايا بالاشتراك مع عدد من المرتزقة وضعاف النفوس ومنهم "عماد الدعبول، "محمود الدعبول"، "محمد حكمت أبو زيد"، "عبد السلام الأمين"، و"حسان الناصر"، مدعياً أنه يقوم بدفع ضمان الأراضي للأفرع الأمنية التي كان يتحايل عليها أيضاً موهماً إياهم بأنه قام بتضمين 100 دونم، بينما تكون المساحة الفعلية المستولى عليها 500 دونم، وبلغت مساحة ما استولى عليه ثلث أراضي حلفايا أي ما يعادل 2000 دونم قرب المدينة، ومنها ما هو شجري ومنها للزراعة، وكانت هذه الأراضي تزدهر في السنوات الماضية بمحاصيل الزيتون والفستق الحلبي والعنب فضلاً عن محاصيل أخرى.

وتابع المصدر أن الصيادي قام بتقسيم  كل 300 م من الأراضي التي استولى عليها إلى مشروع ووصل عددها إلى 12 مشروعاً، كما وضع لكل مشروع شريكاً في التشبيح ومرابعين من المحسوبين عليه، وكأن هذه الأرضي ملكه ومن كدّ عرقه، وليست ملكية لأهالي المدينة المهجرين، والأنكى من ذلك–كما يقول المصدر- أن أحداً من أهالي هؤلاء المهجرين بما فيهم أخوتهم أو ذويهم المقربين لا يجرؤون على المطالبة بأراضيهم خوفاً من تقارير الصيادي الأمنية الكيدية.

واستدرك محدثنا أن الصيادي اعتاد على الاستيلاء على أرض أي مطلوب أو أهله من قبله شخصياً أو يرسل أحد أفراد عصابته كـ "عماد الدعبول" و"محمود الدعبول" و"محيو وحبيب الدعبول"، لافتاً إلى أن الشبيح الصيادي استولى على أرضه وأراضي أبناء عمه وعندما أرسلوا أحد الأقارب ليزرع أراضيهم لم يسمح له الشبيحة بالزراعة وهددوه بالإعتقال، وحالياً الأرض بيد "عماد الدعبول" شريك الصيادي، وكل أرض يقول عنها "الثاني" إنها لمطلوب تصبح ملكاً له مقابل دفع مبلغ زهيد لا يتعدى الـ 25 ألف ليرة سورية عن كل دونم لفرع المخابرات الجوية في حماة.
وأكد حلفاوي أن ثروة عامل شركة مياه محردة السابق باتت فلكية ولا يمكن حصرها اليوم برقم معين، فإضافة إلى الـ 2000 دونم التي استولى عليها بدأ بشراء معارض جرارات زراعية وسيارات مستفيداً من كونه نائباً لمجلس المدينة التابع للنظام، ومستغلاً كذلك علاقاته الوطيدة مع ضباط الأسد الذين يغدق عليهم ملايين لم يتعب بجنيها من أملاك أهالي المدينة المقيمين والمهجرين، وختم محدثنا أن هناك صراعاً الآن بين الضباط الصغار على حواجز مدينة حلفايا لزراعة أراضي المهجرين وتم تجنيد ضعاف النفوس لهذا الأمر.

وكان "الائتلاف الوطني السوري" قد حذر في يوليو/تموز الماضي عبر بيان له  من عمليات سرقة ونهب واسعة تتوالى فصولها مع قيام مليشيات ومجموعات تابعة للنظام بوضع يدها على آلاف الدونمات من بساتين الفستق الحلبي والزيتون وغيرها في مناطق شاسعة من ريف حماة الشمالي، وريف إدلب الجنوبي، ومناطق شرق معرة النعمان، بعد أن تم تهجير أهلها وتشريدهم على مدار سنوات، وطالب الائتلاف الوطني المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بالتدخل العاجل لمنع استمرار هذه الجريمة، مشدداً على ضرورة إلغاء كافة إجراءات النهب والسلب والاستيلاء التي تمت في إطارها.

ترك تعليق

التعليق