مشتقات الحليب تصل العراق ولبنان، ماذا عن المستهلك السوري؟


ارتفعت أسعار الحليب ومشتقاته في كافة المناطق الخاضعة لسيطرة نظام الأسد جراء انخفاض قيمة الليرة السورية أمام العملات لصعبة وارتفاع أسعار العلف والمحروقات وانقطاع الكهرباء وتضاعف أجور النقل وتكلفة البيطرة وتصدير الأجبان إلى العراق ولبنان بطرق مشروعة وغير مشروعة.

وعادت عمليات التصدير في حزيران 2020 بعد أن كانت متوفقة لأكثر من عام بسبب تعليق الاستيراد والتصدير ضمن الاجراءات الاحترازية من انتشار وباء كورونا، إلّا أنّه وخلال تلك المدة كانت عمليات التهريب مستمرة إلى البلدين، حيث يُعد الشريط الحدودي مع العراق في محافظة دير الزور أبرز نقاط التهريب إلى العراق، وإلى لبنان تبدأ خطوط التهريب من ريف دمشق الغربي وريف حمص الغربي.

وتستمر مناشدة التجار بإيقاف عمليات التصدير إلى حين اكتفاء الأسواق المحلية من مشتقات الحليب، إضافةً إلى ضرورة مكافحة التهريب، لما في ذلك من أثر على انخفاض أسعار هذه المواد، فمن غير الطبيعي أن تُصدر أية مادة طالما أبناء البلد محرومون منها بسبب ضعف القدرة الشرائية من جهة وفقدان المادة من جهة أخرى، بحسب ما قاله لـ "اقتصاد" موظف في غرفة تجارة ريف دمشق- رفض الكشف عن اسمه لدواعٍ أمنية-.

وأشار الموظف أنّ ذرائع دوائر نظام الأسد غير منطقية، إذ يُؤكد المعنيون في وسائل الإعلام المحلية الرسمية والشبيهة لها أنّ تصدير مشتقات الحليب لا ينعكس سلباً على الأسعار في الأسواق المحلية ولا تتجاوز الكمية المصدرة 3% من الإنتاج، وهذا منافٍ تماماً لواقع السوق، مؤكداً أنّ الدافع الأول لتجاهل مناشدات التجار هو رفد الخزينة الفارغة بالعملة الصعبة، ناهيك عن منظومات الفساد الكثيرة التي تعتاش من عمليات التهريب.

في كافة مناطق سيطرة نظام الأسد يحضر مشروعان زراعيان فقط لإنتاج الأعلاف الخضراء التي تغذي 8 مباقر تابعة للقطاع العام، وبدورها تنتج المباقر يومياً ما يقارب 4 أطنان حليب يتم إرسالها إلى ثلاثة معامل مخصصة لصناعة الأجبان والألبان، ومن ثم يتم تحويل ثلث الإنتاج النهائي إلى صالات الجمعية الاستهلاكية والثلثين إلى القطعات العسكرية وفقاً لما أكّده لـ "اقتصاد" موظف في معمل فديو بمحافظة اللاذقية.

كلام الموظف يُؤكد التدني الكبير الطارئ في أعداد الأبقار الحلوب، حيث تجاوزت أعدادها نصف مليون بقرة في العام 2011، وفي ذات العام بلغ عدد منشآت الأجبان والألبان المسجلة نحو الـ 100.

لتغطية عجز إنتاج الحليب فتح نظام الأسد باب استيراد الأبقار الحلوب والبكاكير، إذ استورد في العام 2018 لوحده 7900 بقرة، أكثرها ذهب إلى القطاع الخاص الذي بات يسيطر على 90% من عدد الأبقار الكلي بسبب تضرر عدد كبير من المنشآت العامة وعجز النظام عن توفير البديل، ما دفع المربين إلى رفع أسعار منتجاتهم وفقاً للتكلفة دون خضوعهم لضوابط وزارة الزراعة. وتعد أبرز العوائق تأمين العلف الذي وصل سعر الكيلو الواحد منه إلى 1000 ليرة سورية.

أكثر مُربي الأبقار يعتمدون خلط الحليب المجفف مع حليب البقر، وغالبيتهم يعتمدون على الحليب المجفف بشكل كامل لإنتاج الأجبان، علماً أن سعر المجفف ليس بقليل، لكن السبب في ذلك عدم وجود أبقار معروضة للبيع، فلا يتجاوز عددها 50 ألف بقرة فقط، ولا يقل سعر البقرة الواحدة حالياً عن 7 مليون ليرة سورية في حال توفرت، وتجاوزت نسبة الأجبان المُصنعة من الحليب المجفف في الأسواق 60% من المنتجات المعروضة بحسب المزارع "ن – أ" العامل في محافظة ريف دمشق.

تجاهل نظام الأسد لتراجع الإنتاج الحيواني وعجزه عن تأمين بدائل، مع غياب تام لتأهيل المباقر المتضررة وتوفير غيرها، وطرقه أبواب غير شرعية لاستدراج العملة الصعبة وتدني القدرة الشرائية لدى السوريين، جميعها أدت إلى حرمان كثير من الأسر من شراء الحليب ومشتقاته، حيث وصل سعر كيلو الحليب إلى 1100 ليرة، وكيلو اللبن 1000، وكيلو اللبنة 4500 ليرة، وكيلو جبنة الشلل 10 آلاف ليرة، وكيلو الجبنة البلدية 8500 ليرة، وكيلو جبنة الحلوم 9500 ليرة سورية.

ترك تعليق

التعليق